أحدث الأخبار
  • 11:37 . الموارد البشرية تحديد إجازة المولد النبوي للقطاعين الحكومي والخاص... المزيد
  • 11:35 . الإمارات تدين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتؤكد رفضها لانتهاك السيادة السورية... المزيد
  • 10:36 . قطر تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 10:35 . الرحلة الأخيرة للمُعارضة البيلاروسية ميلنيكوفا.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 10:26 . 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى أمريكا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة... المزيد
  • 10:20 . غروسي يؤكد عودة أول فريق مفتشين لإيران وسط تهديد أوروبي بعقوبات... المزيد
  • 12:58 . حظر إماراتي على الشحنات القادمة من السودان يثير الجدل مع توقف ناقلة نفط خام... المزيد
  • 06:39 . أولمرت لصحيفة إماراتية: أعمل على إسقاط نتنياهو وحكومته... المزيد
  • 04:57 . أستراليا تطرد السفير الإيراني بتهمة ضلوع بلاده بهجومين معاديين للسامية... المزيد
  • 11:49 . استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة... المزيد
  • 11:43 . إيران وثلاث دول أوروبية تعقد محادثات في جنيف بشأن البرنامج النووي... المزيد
  • 11:11 . وزير خارجية الكويت يدعو من جدة إلى وقف فوري وشامل للعدوان على غزة... المزيد
  • 11:08 . المكتب الوطني للإعلام يحيل ناشطين للنيابة.. حماية المجتمع أم تكميم الآراء؟... المزيد
  • 10:54 . حاكم الشارقة يعلن السعي لتسجيل قلعة "الحصن" بدبا في قائمة اليونسكو بعد تطويرها... المزيد
  • 10:51 . أمير قطر يبحث مع الرئيس الفرنسي تطورات غزة وملفات المنطقة... المزيد
  • 10:45 . رئيس الدولة يلتقي السيسي في العلمين وسط تحولات إقليمية ودولية معقدة... المزيد

احذروا إيران

الكـاتب : جمال خاشقجي
تاريخ الخبر: 25-04-2015


لا تريد إيران أن تنتصر السعودية في اليمن، حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية هناك، ودمار كل اليمن بما في ذلك حلفاؤها الحوثيون، لذلك يجب أن تكون المملكة مستيقظة، وهي تتلقى رسائلهم وعروضهم عبر وسطاء؛ لإحلال السلام في اليمن، بل إن الأصل ألا نصدقهم، وكل من تعامل معهم لُدغ منهم.

مساء الأربعاء، صُدم اليمنيون والسعوديون أكثر من غيرهم بقرار وقف عملية «عاصفة الحزم»، والإعلان عن بدء عملية جديدة هي «عودة الأمل»، لم يستمعوا إلى كل الشروحات والتفاصيل التي أعقبت جملة «وقف عاصفة الحزم»؛ لأنهم وضعوا كل آمالهم على هذه العاصفة، السعودي منهم يريد وقف المد الإيراني في المنطقة، واليمني يريد التحرر من الانقلاب الحوثي، فبدا لهم وكأن ذلك في خطر. لم يستمعوا إلى المتحدث العسكري العميد أحمد عسيري، وهو يؤكد أن العمليات العسكرية لن تتوقف، ولا غيره من المحللين الذين يؤكدون أن السعودية ماضية في هدفها الكبير، وأن ما حصل مجرد تعديل لفظي وإجرائي، يقوم على أن تتوقف العمليات التي «تبادر» بها طائرات التحالف لتدمير قدرات الانقلاب (الحوثي/ الصالحي)، إلى عمليات عسكرية هي الأخرى وبكل قوة الحزم السابق، ولكنها تعتمد على «رد الفعل» لخروقات يقوم بها الانقلاب.

يبدو أنه كانت هناك وعود إيرانية، ووساطة عمانية ومصرية، تم تداولها عبر وسائل الإعلام، ولكن لم تعلن رسمياً، معظم بنودها تصب في المطالب السعودية كعودة الشرعية، وانسحاب الحوثيين وقوات صالح من المدن والمقار العسكرية، واستئناف جلسات الحوار وإجراء انتخابات، وغير ذلك من الإجراءات التي تصب نحو السلم وبناء يمن تعددي لا حوثي ولا عسكري. لم يصدر حتى الآن عن أي مصدر سعودي يؤكد أو ينفي ذلك، لعله تعبير عن عدم ثقة الرياض بالوعود الإيرانية؛ لأنها مرجعية الحوثيين، وهي وإن لم تعد تثق فيهم إلا أن ديبلوماسيتها ذات الصدر الوسيع لا تقطع مع أحد شعرة معاوية (حتى مع الإيرانيين)، وتبقي الباب موارباً، لعل هناك حكمة ما تعود إليهم.

لم تخيب إيران -كعادتها- توقعات السعودية، في اليوم التالي، بل في الليلة نفسها استمر الحوثي وقوات صالح في عدوانها، فاستهدفوا بقصف عنيف مقار كتيبتين انشقت عن اللواء الـ35 في تعز وعادت إلى الشرعية، مع الصباح اقتحموا المقار، ولكن طائرات التحالف لم تتأخر في الرد عليهم، وقامت بقصف واسع في محيط المقار والمطار وعادت الحرب من جديد، ولعل مزيداً من الغارات ستقع ريثما تنشر هذه المقالة، وهو ما يعني أن «عاصفة الحزم» لا تزال مستمرة وإن سميت بعودة الأمل، بل قد تأخذ مساراً أكثر شراسة.

إيران في حالة «إنكار» حادة، فهي لا تكاد تصدق ما يجري حولها، هزيمة كبرى في اليمن، وبداية هزيمة في سورية، منذ سقوط بغداد 2003 بيد الأميركيين، وهي تحقق الانتصار بعد الآخر، بدا لهم أن هناك روحاً إلهية من علو، أو من سرداب عميق تمضي فوق أيديهم وتوجههم من تكريت إلى القصير إلى صعدة فعدن.

وحتى تنتقل من حالة «الإنكار» إلى حالة الإدراك ثم القبول، يجب أن نتوقع الكثير من الشر الإيراني، لن توقف المملكة إطلاق النار؛ لأنه يعني تقسيم اليمن، وهذا انتصار لإيران، فالسعودية تريد يمناً واحداً موحداً، يقرر أهله مصيرهم واختياراتهم عبر أدوات سلمية وحوار وطني، بينما ستقبل إيران يمناً مقسماً طالماً يوفر لها موطئ قدم هناك.

حتى لو أخرجت «عاصفة الحزم» الحوثيين من صنعاء، ودمرت قدرات علي عبدالله صالح العسكرية، ولكن أطلقت عقال حرب أهلية تدمره، فسيكون ذلك انتصاراً لإيران؛ لأنها تريد أن تكون اليمن نزفاً للسعودية، أو فيتنامه، كما يحلو للإيراني البغيض أن يقول، بينما السعودية تقول إنها لا تريد حرباً لا في اليمن ولا مع اليمن، وأسعد أيامها حين يضع الحوثي السلاح جانباً، ويتوجه إلى طاولة المفاوضات؛ ليناقش مع يمني آخر مطالبه، وما يعتقده من حقوق له، ويعتمد دستوراً يمنياً خالصاً، ويحدد موعداً لانتخابات قادمة يشارك فيها.

مسافةً أخلاقيةً هائلة بين السعودية وإيران، تحاول تغطيتها بحديث كاذب عن السلام والتفاوض، بينما يفخر رئيسها بأساطيله التي وصلت إلى عدن والبحر المتوسط، ويتوعد تابعه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنه «إذا أرسلنا ألف مقاتل إلى سورية، فسوف نرسل ألفين»، إنه تصعيد إيراني خطير قد يدفع المنطقة كلها إلى أزمة.

من الواضح أن إيران بحاجة إلى صدمة تجعلها تفيق من غيها، واليمن أول تلك الصدمات، لعلهم حينها يستيقظون ويطلبون اجتماعاً علنياً أو سرياً، يعرضون صفقة أخرى أكبر من عرض الأسبوع الماضي، اليمن في مقابل سورية، أو سورية في مقابل العراق أو غير ذلك من سياسات إمارات العصور الوسطى، سيرد عليهم المفاوض السعودي «هذه بلدان مستقلة وشعوب حرة، ولا نستطيع أن نفاوض بالنيابة عنها، اذهبوا أنتم وخاطبوا السوريين والعراقيين واليمنيين».

كلام السعودي ستعززه قوة على الأرض، تجعل السياسي الإيراني يدرك خواء خطابه وزعمه أنه يقاتل من أجل المستضعفين، بينما ينام ويصحو بين بشار الأسد وعلي عبدالله صالح، ديكتاتوريين مستبدين، ورائحة عرق ودم قذر تفوح من أجسادهم جميعاً، كل كتب الخميني وأشرطته (الكاسيت)، التي دعا فيها إلى ثورة المستضعفين والعدل والحرية اختلطت بأجساد مرتزقة حزب الله والأفغان والعراقيين، الذين يشحنونهم إلى سورية فيقتُلون ويُقتَلون، لم يعد أحد يستطيع قراءة الخطب البليغة، وقد تلطخت بالدم، ولا سماع الأشرطة وسط صريخ المعذِّبين والمعذَّبين.

سيعد الإيراني مفاوضه السعودي أنهم سيفكرون جدياً بالانسحاب من سورية، وترك الشعب السوري يقرر مصيره، ويطمئنه أنه سيبلغ الحوثيين بضرورة الانسحاب من صنعاء والمقار العسكرية والوزارات، بعد ساعات يصل إلى السعودي تقرير استخباراتي مدعماً بالصور عن سفينة إيرانية تحاول التسلل إلى ميناء يمني صغير؛ لإفراغ شحنة أسلحة، وطائرة تصل إلى مطار دمشق محملة بصواريخ «فيل» الفعالة في تدمير المدن وقتل المدنيين، يغضب السعودي ويقسم أنه لا يفاوض إيرانياً مرة أخرى.

من ثم لا بد من الحزم معها حتى تستفيق. يجب أن تستمر «عاصفة الحزم» أو «عودة الأمل» وتتوسع، لقد ضاق معظم العالم الإسلامي من مغامرات طهران العبثية، وستجد السعودية إذا ما استمرت بعاصفتها الديبلوماسية وحزمها مزيداً من التأييد وحسم للمواقف المترددة.

أما إيران فستتغير، فبينهم أصوات خافتة، ملت الحروب والخرافات، تريد أن تكون تركيا أخرى، تعيش نهضة اقتصادية وصناعية، توفر وظائف لثلث الشباب الإيراني العاطل من العمل، إنهم يرون التاريخ وقد فتح لبلادهم باباً تلج منها إلى المستقبل ويخرجها من الماضي.

لعل إيرانياً عاقلاً يقول أن لا حاجة لمعركة خاسرة في سورية، لنعقد صفقة مع السعوديين عنوانها: «سلام في اليمن، سلام في إيران وكل المنطقة».