فهذه المناسبات الثلاث فقط نتفق فيها -مع شذوذ من البعض- فأغلبية المسلمين والدول الإسلامية يرغبون ويحاولون أن يبدأوا رمضان معاً ويحتفلوا بالعيد معاً، لكن ما يحدث من جدال وحوار وخلاف واختلاف قبل كل رمضان، وقبل كل عيد في رؤية الهلال وموعد العيد يعكر صفو تلك الرغبة، فبين من يريد أن يرى الهلال بالعين المجردة وبين من يرى أن العلم قد تطور ولا مانع من استخدام الأدوات الحديثة في رؤية الهلال، وبالتالي تحديد بداية الشهر، ويدور الكلام نفسه كل مرة ولا نصل إلى نتيجة. ما أراه اليوم هو أن المسلمين أمام مفترق طرق حقيقي، ونحو انقسام غير مسبوق في تاريخهم، إذا لم يتفقوا على طريقة رؤية الهلال، وخصوصاً أن حديثاً يدور حول تحديد غرة شهر ذي الحجة، مستدلين باكتمال القمر يوم 13 في الشهر، وحدوث الخسوف في هذا اليوم على الرغم من أن البدر يوافق يوم 14، والخسوف لا يحدث إلا إذا كان القمر بدراً، وكذلك لأن أجيال المسلمين من الشباب والمتعلمين في كل مكان لم يعودوا يتقبلون تجاوز العلم وتجاهل الاستفادة منه، وخصوصاً أنه لا يتعارض مع الدين ولا الشريعة.
كما أننا من المهم أن نقطع الطريق على بعض ضعاف النفوس، ومن يبحثون عن إثارة الخلافات بين المسلمين وتكبيرها وتضخيمها، وبالتالي خلق الفتن والنجاح في زرع الشقاق والانقسام بين المسلمين، ليكون لهم عيدان وحجان ورمضانان.
بعض علماء الدين يريدون الاستمرار بإعلان بداية الشهر برؤية الهلال بالعين المجردة، لكن لأن العين لها حدود، ولأن الأحوال الجوية قد تكون سيئة، فيبدو أن الاعتماد على رؤية الهلال بالعين المجردة قد يؤدي إلى إخفاق في الرؤية، وبالتالي الوقوع في الخطأ في تحديد بداية الشهر.
أصبح من المهم اليوم العمل على حسم هذا الخلاف، والوصول إلى اتفاق، باعتماد الحساب الفلكي الذي لا يتعارض مع الشريعة، بل على العكس فديننا الحنيف يدعو إلى الأخذ بالعلم والاستفادة منه، وإذا كان المسلمون قبل أربعة عشر قرناً لا يَرَوْن الهلال إلا بالنظر، فلا شك أنهم يمتلكون أدوات حديثة يَرَوْن من خلالها الهلال.
ومن حق المسلمين في العالم أن يستفيدوا من العلم، ومن حقهم أن يكونوا مطمئنين إلى أنهم يصومون في الوقت الصحيح، ويفطرون في الوقت الصحيح، ويحجون في يوم الحج وليس قبله أو بعده، وأن عيدهم صحيح، والأهم من ذلك أن من حق المسلمين أن يمارسوا طقوسهم معاً في أي مكان كانوا فيه بالعالم من دون خلاف أو اختلاف يعكر روحانية صومهم أو فرحة عيدهم.