قبل عام كان الحوثيون يستكملون حلقات مسلسل الانقلاب، بالسيطرة على القصر الجمهوري بمنطقة التحرير وسط صنعاء، ودار الرئاسة جنوبها، ثم منزل الرئيس وحصاره، وإجباره على الاستقالة، ولم يكن هناك من يقاتلهم إلا قلة وبشكل محدود.
اليوم تغيرت المعادلة تماما، وانتقل الحوثيون من مربع الهجوم إلى الدفاع بعد أن وصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية إلى مديرية نهم، شرقي العاصمة، وهي المديرية الاستراتيجية التي سيكون لاستكمال تحريرها تغير كبير في مسار مواجهة الانقلاب.
الانقلاب على وشك السقوط، وهو في آخر أيامه، ولم يعد بمقدور تحالف صالح والحوثيين الصمود طويلا بعد استنزاف وإنهاك وخسارة الجغرافيا، والمسألة فقط وقت ليس إلا.
مديرية نهم هي البوابة الشرقية للعاصمة، وبتحريرها ستكون قوات الشرعية في مديرتي أرحب أو بني حشيش المجاورتين، وبذلك يكون الحزام القبلي يسقط تدريجيا، وبعده تصبح المدينة على موعد مع عودة الشرعية من جديد.
يدرك الحوثيون وصالح أن خسارة النسق الدفاعي المتقدم لهم في نهم يعني انهيار المنظومة الدفاعية الأولى لصنعاء، ولهذا يستميتون بقوة، لعل وعسى يتم تأخير انتقال المعركة للمدينة، لكنهم يخسرون في النهاية.
لعل من الجدير ذكره هنا أن النصر الذي حققته المقاومة لم يكن فقط بالتخطيط والإعداد الجيد للمعركة، ولا لفارق التسليح، رغم أن الانقلابيين يملكون أسلحة دولة. ولكنه بالإضافة لهذا التفوق الأخلاقي لرجال المقاومة الذين عبر عنهم الشيخ محمد الشليف وهو أحد أبرز مشايخ نهم بتوجيهه رسائل تطمين لمن يؤيدون الحوثي، ولم يشتركوا في القتال، بالتأكيد على أن المقاومة تحمل مشروع حياة وليس مشروع موت.
تحدث الرجل بلغة تنم عن نضج ورقي، وقَطَع الطريق على كل المتربصين الذين يخيفون كل من يحاول تأييد المقاومة بهذه المناطق بأنه قد يتعرض للأذى بالاختطاف أو تفجير منزله، وهذا ليس من أخلاق المقاومة التي أثبتت أنها على قدر المسؤولية والمشروع الوطني.
لسان حال اليمنيين هذه الأيام ما قاله شاعرهم الكبير د. عبدالعزيز المقالح:
صنعاء وإن أغفت علـى أحزانها
حيناً وطال بها التبلد والخدر
سيثور في وجه الظلام صباحها
حتما ويغسل جدبها يوماً مطر