المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، دعت تركيا يوم الثلاثاء الماضي إلى فتح حدودها أمام اللاجئين السوريين الفارين من حلب، تنفيذا لالتزاماتها الدولية بحماية الفارين من الصراعات أو الاضطهاد. هذه الدعوة المستفزة أثارت استياء الأتراك وكل من يعرف موقف أنقرة من ثورة الشعب السوري ويقدره.
الأمم المتحدة فشلت في وقف إراقة الدماء في سوريا، وظلت متفرجة على المجازر التي يرتكبها النظام وحلفاؤه، ولم تنجح في كسر الحصار المفروض على الأطفال والشيوخ ليموتوا من الجوع. وكل ما فعله أمينها العام بان كي مون منذ أن بدأ بشار الأسد يقتل الشعب الثائر، لم يكن سوى التعبير عن قلقه الشديد.
تركيا فتحت أبوابها لإخواننا السوريين منذ بداية الثورة، واستقبلت ما يقارب ثلاثة ملايين لاجئ، وتسعى لاستضافتهم على أكمل وجه ممكن، وتعلن أن أبوابها ستظل مفتوحة أمام الهاربين من هجمات النظام وروسيا وإيران والميليشيات الطائفية. ثم تخرج الأمم المتحدة التي تآمر جميع مبعوثيها على ثورة الشعب السوري لتدعو تركيا إلى فتح حدودها، بدلا من أن تبذل جهدا لوقف القصف والبراميل المتفجرة أو على الأقل لإقامة مناطق آمنة لحماية جزء مما تبقى من الشعب السوري الجريح.
كان الأولى أن تدعو الأمم المتحدة الدول الأوروبية التي تتغنى بالحضارة والتسامح وحقوق الإنسان والحريات إلى عدم مصادرة أموال اللاجئين كقطاع الطرق، وعدم إغلاق الحدود بأسلاك شائكة خوفا من وصول مزيد من اللاجئين إلى أراضيها، وعدم ممارسة التمييز العنصري ضد هؤلاء المساكين الهاربين من الموت.
عدد اللاجئين السوريين الذين استقبلتهم تركيا لا يقارن على الإطلاق مع عدد اللاجئين الذين رحبت بهم الدول الأوروبية. وما ذكره محافظ "كلس" سليمان تابسيز -الذي قال: "بإمكاني أن أستضيف هذا العدد من اللاجئين في بيتي"، في تعليقه على إعلان إحدى الدول استعدادها لاستقبال 130 لاجئا سوريا- خير دليل على هذا الفرق الشاسع.
الحكومة التركية تبذل جهودا جبارة لخدمة المدنيين العزل الذين هربوا من المجازر ولجؤوا إلى بلادنا بحثا عن الأمن والأمان، بالإضافة إلى سعيها لحل المشاكل التي تسبب فيها دخول هذا الكم الهائل من اللاجئين إلى الأراضي التركية في فترة وجيزة، والتصدي لحملات التحريض التي تستهدف اللاجئين وتقف وراءها جهات موالية للنظام السوري.
الحكومة ليست وحدها في خدمة إخواننا اللاجئين، بل معها عدد كبير من منظمات المجتمع المدني التي استنفرت جميع طاقاتها لإرسال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحررة ومد يد العون لمن لجأ من السوريين إلى تركيا، كما أن هناك أبطالا مجهولين يسعون لسد احتياجات اللاجئين في إطار إمكاناتهم، ولا يعرفهم إلا الله، لأنهم غير مرتبطين بجهة حكومية أو جمعية خيرية، ولا ينشرون صور جهودهم الفردية في وسائل الإعلام.