أحدث الأخبار
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد

تركيا.. «كابوت موندي»

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 16-02-2016


«كابوت موندي» كان أحد الأسماء التي أطلقت على اسطنبول وهو اسم لاتيني يعني «عاصمة العالم»، الموقع الاستراتيجي للمدينة في العالم القديم جعل منها عاصمة مناسبة للبيزنطيين أولاً ثم العثمانيين، هذا الموقع الاستراتيجي ما زال اليوم يضع تركيا في مركز دائرة الاهتمام عالمياً، ومع تصاعد وتيرة الصراع بين روسيا وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها أصبحت تركيا بحق مركز العالم.
تركيا اليوم تقع في مركز الأزمة من عدة جوانب، بالنسبة لأزمة اللاجئين تمثل تركيا المعبر الأول بين سوريا وأوروبا ومثلت قضية اللاجئين ورقة ضغط استخدمتها تركيا في مفاوضاتها مع الاتحاد الأوروبي حول العضوية وحول الأزمة السورية، اللاجئون حالياً في تركيا يمثلون دولة صغيرة تعدادها أكثر من مليوني شخص والسواحل التركية أصبحت سلاحا من أسلحة القوة الناعمة لدى تركيا فهي تتساهل في مراقبتها في إطار الضغط على أوروبا لتحمل مسؤولياتها تجاه الأزمة السورية، التحدي أمام الأتراك هو الاستمرار في استيعاب اللاجئين دون أن يؤثر ذلك على التركيبة الداخلية في المناطق الحدودية ولا على أمن تركيا.
كذلك على المستوى الدولي تقع تركيا في مساحة مركزية من الصراع سواء في سوريا أو أوكرانيا وكانت التصريحات التركية المتشددة تجاه القرم مؤخراً دلالة على أن الأتراك مستعدون لتحريك الملف الأوكراني بجوار السوري إذا لزم الأمر، وهنا طبعاً تأتي الأهمية الجيوسياسية لموقع تركيا؛ حيث تمثل نقطة التماس بين الشرق الروسي والغرب الأميركي، المصالح الروسية والأميركية تتقاطع اليوم على حدود تركيا.
على المستوى العسكري نجد أن تركيا تتموضع اليوم في بؤرة التهديدات العسكرية من مختلف الأطراف، داعش وروسيا والنظام والأكراد يتحركون عسكرياً على الحدود التركية، بينما تتواجد القوات السعودية والقطرية والأميركية داخل الحدود التركية في حالة تأهب لحراك مسلح ربما يكون الأكبر منذ الغزو الأميركي للعراق في 2003، ويمثل التحالف العسكري الذي تشكل بين المملكة العربية السعودية وحلفائها وتركيا تغيراً محورياً في الدور العسكري الاستراتيجي لتركيا، تركيا اليوم ربما تكون مركز العمليات في حرب عالمية جديدة تنطلق من سوريا ولكن عبر الحدود التركية.
المسألة الكردية تمثل نموذجاً صارخاً لحالة فوضى المصالح المتداعية حول تركيا اليوم، فالأكراد يحاربون داعش التي تحاربها تركيا ويدعمهم الأميركيون الحليف المتردد لتركيا ولكنهم كذلك يهددون المصالح التركية من خلال احتلال مناطق يسيطر عليها الثوار المقربون من تركيا، وتطور الأمر إلى حد أن تركيا اضطرت لقصف مواقع للأكراد داخل سوريا وهددت بجعل مطار منغ العسكري غير قابل للاستخدام في حال استمرت سيطرة قوات الحماية الكردية عليه، والتحرك الكردي على الأرض يشير إلى أن هناك ضوءً أخضراً من تحت الطاولة لهم باستبدال الثوار، الأتراك قدموا خياراً واضحاً للأميركيين الذين يرون في الأكراد بديلاً مناسباً للثوار الإسلاميين، إما نحن أو الأكراد، وما زالت الولايات المتحدة في حالة ترقب، فلا هي أعلنت براءتها من الأكراد ولا هي دعمت تحركهم ضد الثوار على المستوى العلني، ولكن ليس هناك شك أن الأكراد الذين نجحوا في تسويق أنفسهم على أنهم بديل «علماني» لداعش في المناطق الشمالية لسوريا يحضون اليوم بدعم أميركي يجعلهم أكثر جرأة ميدانياً.
تركيا اليوم أمام مجموعة صعبة جداً من التحديات التي تمكنت حتى اللحظة حكومة العدالة والتنمية من الصمود بشكل مناسب أمامها، رئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو حين كان مهندس السياسة الخارجية لحكومة أردوغان الأولى كان يسعى إلى تطبيق نظريته «صفرية المشاكل» على علاقات تركيا مع جيرانها ولكن الوضع العالمي اليوم تغير ولم يعد ممكناً أن تبقى تركيا على الأطراف وبعلاقات متوازنة مع الكل، اليوم تركيا تستعد لتكون مركز المعركة التي لم يتضح حتى الآن متى وكيف ستحدث ولكنه يبدو أنه بات حتمياً وقوعها، الصراع اليوم ليس صراعاً على سوريا، إنه صراع العالم الذي يعيد تشكيل نفسه عبر المسرح التركي، فعاصمة العالم لا بد أن تكون كذلك عاصمة أزماته.