أحدث الأخبار
  • 01:00 . بالتزامن مع زيارة الرئيس السوري لأبوظبي.. رسائل تضامن من نشطاء سوريين إلى معتقلي الرأي الإماراتيين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إنقاذ طاقم سفينة بريطانية استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر... المزيد
  • 11:32 . خلال قمة بريكس.. وزير الخارجية السعودي يدعو لتحقيق سلام دائم في غزة... المزيد
  • 11:29 . أبو عبيدة يتوعد الاحتلال: معركة الاستنزاف مستمرة وخسائر يومية بانتظاره في غزة... المزيد
  • 11:25 . حصيلة ضحايا فيضانات تكساس ترتفع إلى 104 والمفقودون بالعشرات معظمهم أطفال... المزيد
  • 11:11 . ‌‏جيش الاحتلال يعلن مقتل خمسة جنود وإصابة 14 شمال قطاع غزة... المزيد
  • 10:46 . الحوثيون يتبنون إغراق سفينة "ماجيك سيز" غداة استهدافها في البحر الأحمر... المزيد
  • 01:58 . وزير الخارجية الإيراني يلتقي حاخاماً يهودياً خلال قمة "بريكس"... المزيد
  • 12:37 . ترامب يتنصل من مسؤوليته عقب سقوط أكثر من 80 قتيلا بفيضانات تكساس... المزيد
  • 12:02 . الإمارات توضح الجدل الدائر بشأن منح "الإقامة الذهبية" لمستثمري العملات الرقمية... المزيد
  • 11:47 . تقرير: تمرد عسكري داخل قوات تدعمها السعودية في منطقة حدودية مع اليمن... المزيد
  • 02:29 . اليمن.. الاحتلال الإسرائيلي يشن هجوماً على الحديدة... المزيد
  • 07:48 . كيف جاءت سياسة أبوظبي الخارجية بنتائج عكسية في سوريا والسودان؟... المزيد
  • 06:38 . نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”... المزيد
  • 05:37 . مباحثات سعودية مصرية حول جهود وقف إطلاق النار في غزة ومنع التصعيد بين إيران و"إسرائيل"... المزيد
  • 02:02 . تصعيد دبلوماسي جديد.. الخرطوم تتهم أبوظبي بتوفير غطاء دولي لجرائم الدعم السريع... المزيد

«الإندبندنت»: الوداع لا بد أن يكون مرّاً

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 06-04-2016


قبل عقدين كنت أستقل قطارات بين مدن بريطانية، وأرى الركاب، من شيوخ وعجائز، يقلّبون صحيفة «الإندبندنت» التي كانت ضيفاً جديداً على الصحافة في بريطانيا آنذاك. كان السفر في القطار برفقة الصحف متعةً أخرى للمسافر ، تُضاف إلى الخضرة الدائمة التي تسرّ الناظرين عن يمين وشمال. لكن ليس هذا هو السياق الوحيد لاستمتاع المواطن بجريدته المفضلة، فهو يتصفّحها في الـ «أندر غراوند» وهو عائد إلى بيته بعد عمل يوم طويل، وربما كانت رفيقته وهو يحتسي كوب القهوة في ردهة المنزل.
اليوميّة المفضلة لدى القارىء ليست مجرد نافذة على الديار وعلى العالم، بل «حاجة إنسانية، «ممارسة طقوسية»، وربما «قصة حب»، تجعل المواطن لا يستغني عن احتضان مطبوعته، والتحديق في سطورها، وقد تعجبه حتى رائحة ورقها، فيشعر أن عليه الاحتفاظ بها، ويضنّ بها أن تُرمى أو تُهان. والآن رحلت «الإندبندنت»، أو «قتلتها» الإنترنت، بحسب تعبير زميلتها «الغارديان» التي ربما تلحق بها قريباً.
لا بد أن الكثير من جمهورها سيشعر بالفراغ. وكذلك سيشعر عشرات المعلّقين الذين يشكّل غيابها في نظرهم انتهاء نمط من الكتابة والتحليل والنشر ألِفُوه ردحاً من الزمن. وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدرُ.
عندما صدرت «الإندبندنت» عام 1986، أحدثت «هِزّة» في أوساط الصحافة البريطانية، بسبب طابعها «الثوري»، ونأيها عن الاصطفاف الحزبي، ومعارضتها الرواية المهيمنة. وإداركاً من الصحيفة لقوة «الوسم» أو «الإيسام» branding))، فقد اختارت الشعار: «We’re independent, are you?» «نحن مستقلون، فماذا عنك؟» (ألغته عام 2011).
في عام 1990، بلغ توزيعها أوجه: 423,000 نسخة. في عام 2000، هبط إلى 200,000. وبسبب شدة التنافس مع صحف أخرى، فضلاً عن ضغوط الإنترنت، اضطرت «الإندبندنت» في عام 2003 إلى التحول إلى مقاس «تابلويد»، فكانت أول صحيفة بريطانية تتخلى عن الشكل الكبير (broadsheet format)، وهو ما شجّع صحيفة «التايمز» على الحذو حذوها. في عام 2010، أنجبت الصحيفة مطبوعة جديدة بسعر أقل من سعرها، وموجّهة إلى الشباب، أسمتها «آي» (i)، حققت توزيعاً كبيراً (268,000 نسخة)، وقد ساعدت الصحيفة الأم على الصمود. ولكن الركود ضرب هذه الصحيفة أيضاً، فقررت «الإندبندنت» بيعها، وأعلنت مجموعة جونستون برس البريطانية في شهر شباط (فبراير) الماضي أنها ستشتريها بـ 24 مليون جنيه إسترليني. في الأشهر الأخيرة تراجع توزيع «الإندبندنت» إلى نحو 40,000 نسخة، وهو ما جعلها متخلّفة كثيراً عن صحف أخرى مثل «الصن» (1,8 مليون)، و»الغارديان» (166,000). أدركت الصحيفة أنه لا بدّ لها من مواجهة لحظة الحقيقة.
كان يوم السبت 26 آذار (مارس) 2016 آخر يوم في حياة «الإندبندنت»، وفي اليوم التالي، الأحد، لن تصدر أيضاً نظيرتها «الإندبندنت أون صندَي»، فقد رحلت قبلها بأسبوع (20 آذار/مارس). حاولت «الإندبندنت»، وهي تغادر عالم الورق إلى العالم الرقمي، أن تضفي روحاً إيجابية على الوداع، فوصفت نفسها بـ «المطبوعة البريطانية الأولى التي تنتقل إلى مستقبل كلّه رقمنة»، لكن رجل الأعمال الروسي-البريطاني، إيفغيني ليبيديف، والذي يملك «الإندبندنت»، قال في مذكّرة داخلية إن النسخة الورقية لم تعد مجدية اقتصادياً، وإنه يريد أن يحوّل مطبوعته إلى علامة رقمية كونية (global digital brand): «لقد واجهنا خياراً: إما إدارة الانحدار المستمر للمطبوعة، أو تحويل القاعدة الرقمية التي بنيناها إلى مستقبل مستدام ومُربح».
احتضنت «الإندبندنت» صحافيين موهوبين يتمتعون بمقروئية عالية كروبرت فيسك، وأندرو مار، وباترك كوكبيرن، ويمثّل غيابها صدمة كبيرة للمؤمنين بصمود الصحافة الورقية في عصر الإنترنت. لكن الحقيقة تقول إن النموذج الجديد (حواسيب، واي فاي، تطبيقات هواتف محمولة) رخيص وفي المتناول، بينما النموذج القديم (ورق، أحبار، مطابع، شركات توزيع)، باهظ الثمن. الصحافة الورقية تتهاوى في كل مكان، و «الإندبندنت» اختارت الموت بيدها لا بيد «النّت». لكنها ليست سوى أول الضحايا في بريطانيا. السؤال فقط: الدور على من؟