خط واحد يربط كل الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية منذ بداية الألفية الثالثة، وحسب اعتقادي، منذ تلك التفجيرات التي قالت الولايات المتحدة إن «قاعدة» بن لادن هي من نفذها، منذ أن ظهر هذا الأخير، معلناً مباركته وتبنيه لما أطلق عليه «غزوة نيويورك»، وصولاً لقرار الحرب على الإرهاب، مروراً بالحرب على العراق واحتلاله، وانتهاء بهذه الثورات العرجاء في المنطقة العربية، ولوثات داعش وجماعات العنف والتطرف الإسلامي الضارب في سوريا والعراق وليبيا وسيناء وتونس، وأخيراً، هذه التفجيرات المجنونة التي تجتاح عواصم أوروبية مختلفة!
ما الذي يجمع بين كل ما حدث منذ عام 2001 تحديداً؟، من الواضح أن الرابح واحد في كل الأحداث، والخاسر هو نفسه دائماً، والخط الدرامي للحكاية، قد يضعف في بعض الأحداث، لكن خيوطه لا تفلت ولا تتناقض، كل ما قد يظهر أو ما يبدو أنه تناقضات واختلافات وتضارب مصالح، ليس كذلك أبداً، هناك نقطة تندفع إليها كل الأحداث، وستصلها حتماً أياً كانت كارثيتها!
ما زال الحدث ناقصاً لم يكتمل بعد، هناك حلقة مفقودة، لا بد منها ليكتمل وتصل الحكاية لذروتها، لذلك، تعارض الولايات المتحدة أي مساس بداعش في سوريا، بحجة أن ذلك سيقوي الأسد، كما تعارض قوى مختلفة بشكل مباشر أو غير مباشر، أي تسوية للوضع الداخلي السوري أو الليبي، لكسب المزيد من التعاطف، وتفويت الفرصة أمام أي حلول حاسمة، بينما الوضع لا يزال مشتعلاً في طبرق ليبيا، وسيناء مصر، واليمن وتونس، مع محاولة حقيقية لجر السعودية إلى الدائرة المغلقة نفسها، وكذلك جرجرة تركيا بواسطة هذه التفجيرات المتتالية على أراضيها، وتحريض الأكراد!
المطلوب من العالم العربي، بحسب رؤية وأهداف أصحاب مشروع الفوضى الخلاقة، أن يتشظى هذا العالم، وأن ينقسم على نفسه قدر استطاعته، ولا بأس من وجود العديد من الأقاليم والكثير من الدويلات والطوائف، فذلك أفضل من وجود دول عربية كبرى ومحورية وجامعة للعرب، على الوطن العربي أن يستمر في حالته العبثية حتى الإنهاك التام لقواه العسكرية والاجتماعية، ولضرب منظومات القيم والتماسك التي قام عليها طويلاً، علينا في النهاية، حسب مخططهم، ألا نصير عرباً ولا مسلمين، ولكن شرق أوسطيين، كما تنبأ لهم شمعون بيريز، منذ سنوات طويلة!