أحدث الأخبار
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد

الدولة العربية.. بين الصمود والانهيار (1)

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 12-04-2016


مع تزايد حدة الاستقطاب على مستوى الأمة، تتحول المواقف المبدئية إلى حالات اصطفاف، ومع ذلك يتحول الرأي السياسي المدعم بالبراهين العلمية والحجج المنطقية إلى خطاب عاطفي محشو بالإشاعات والتحليلات المنقوصة. اليوم نجد ذلك جلياً في تنافس الأطراف المؤيدة والمعارضة للربيع العربي وتجلياته على تفسير المواقف السياسية الرسمية المختلفة، سواء في الملف اليمني أو السوري أو العلاقات العربية البينية، وكل طرف يحاول أن يدلل باستخدام تصريح هنا وإشارة هناك على أن الموقف الرسمي العربي يتوجه نحو الاتجاه الذي يرضيه. في السياق المصري مثلاً يحاول داعمو النظام الانقلابي تصوير زيارة خادم الحرمين الشريفين على أنها انتصار للنظام، وفي الوقت ذاته حاول بعض أبواق النظام انتزاع تصريحات مؤيدة لموقفهم من المعارضة المتمثلة في الإخوان المسلمين وداعميهم من شخصيات رسمية سعودية، ولكن دون جدوى. وفي المقابل تصدرت شائعات الإفراج عن مرسي المشهد لدى معارضي النظام، وبطبيعة الحال فندت هذه الإشاعات سريعاً، وانقلبت الطاولة فور وصول خادم الحرمين الشريفين إلى تركيا، ليتلقف معارضو الربيع العربي كل شائعة تمكنهم من تفسير الزيارة لصالحهم، ويقدم مخالفوهم صورة مغايرة حول تحالف سعودي تركي يرغم نظام الانقلاب المصري على التنازل، وكل ذلك صراع جزئي حول بقاء أنظمة الاستبداد العربي أو زوالها، وكل منحنى يتم استغلاله من الطرفين إما للتدليل على أن هذه الأنظمة باقية، أو لإثبات أنها على وشك السقوط، ورغم المواعيد والمواقيت المختلفة التي يطلقها الطرفان لزوال هذا النظام أو فناء تلك المعارضة، ما زال الوضع في إطار الاستقرار السلبي، وما زالت هذه الدول تراوح مكانها في صفحات التاريخ.
بعيداً عن موضوع الخلاف السياسي، فالتراشق بين النخب السياسية في العالم العربي المرتبط منها بالأنظمة وتلك التي تمثل المعارضة يدور حول فرضية رئيسية، يفترض الطرف المؤيد للربيع العربي أن الأنظمة الاستبدادية مثل نظام السيسي وبشار الأسد آيلة للسقوط، وأن المستقبل هو لأنظمة ديمقراطية تشاركية، ويفترض الطرف المعارض للربيع العربي أن الأنظمة المنحازة للإرادة الشعبية مثل إدارة أردوغان في تركيا وبن كيران في المغرب هي المرشحة للسقوط أساساً، باعتبارها إسلامية، وأن الأنظمة الاستبدادية خاصة العسكرية هي القادرة على البقاء والنمو. ولكن هل هذا التفسير الرابط بين النظام السياسي والقدرة على الاستمرار صحيح؟
الدولة باعتبارها كياناً سياسياً متماسكاً لها بداية ونهاية، هذه البداية والنهاية قد تكون مباشرة فينشأ كيان سياسي من عدم أو يفني كيان سياسي إلى العدم، وقد تكون غير مباشرة كأن تسقط نخبة حاكمة لصالح غيرها أو لصالح نظام آخر في الحكم، والحديث عند النخب التي تكلمنا عنها ابتداء يدور في هذه الحالة الثانية، والمراهنة هي على زوال الأنظمة وبقاء الدولة. والأنظمة الاستبدادية في فترة الربيع العربي كانت تقاوم تحول السلطة إلى شكل آخر ولم تقع فعلياً تحت تهديد فناء الدولة ككيان سياسي. بشكل عام يصعب تصور بقاء نظام سياسي على حاله بشكل لا نهائي، ابن خلدون يفترض أن أعمار الدول تدور في فلك مائة وعشرين عاماً، باعتبارها تمر بما يمر به الإنسان من طفولة وشباب وشيخوخة، وبغض النظر عن عدد السنوات فهل يمكننا القول إن الأنظمة الاستبدادية العربية وصلت مرحلة الشيخوخة؟ على الأقل من حيث النخب الحاكمة، فالنخب التي تحكم اليوم في الجمهوريات الاستبدادية مثل سوريا ومصر والجزائر وصلت مرحلة الشيخوخة فكرياً، فهي تجتر أطروحات أيديولوجية منهكة وسياسات قمعية عفا عليها الزمن وتصارع المستقبل حتى تتمسك بالسلطة. ومن ناحية اقتصادية وتنموية توقفت هذه الأنظمة عن الإنتاج مكبلة بالفساد والمحاصصة السياسية، ولكن مع ذلك ينفث في هذه الأنظمة أعمار استثنائية وتبدو قادرة على الصمود في وجه تحد مثل الربيع العربي، إذاً كيف تصمد؟
صمود هذه الأنظمة مرهون بأمرين: الأول هو الدعم الخارجي الذي تتلقاه عربياً وعالمياً، نظام الأسد على سبيل المثال كان سيهوي في أيام لولا التدخل الإيراني والعراقيل الأميركية أمام المعارضة. الأمر الثاني هو شيخوخة المعارضة السياسية هي الأخرى، ففي مصر مثلاً لم تتمكن المعارضة من رص صفوفها بعد استقالة مبارك ودب الخلاف بين قوى الثورة على خلفية خلافات قديمة أيديولوجية ومصالحية، وكذلك الوضع في سوريا حيث تمكنت الخلافات بين أطياف المعارضة من تأخير مشروع الثورة أكثر من مرة، ربما لا تكون دائماً شيخوخة فعلية ولكنها شيخوخة من حيث العجز وضعف الإدراك بلا شك. وبشكل عام فإن الأنظمة حتى تكون "متهاوية" هي بحاجة إلى تحد حقيقي داخلي أو خارجي لسلطتها، لذلك يبقى النظام السوري الأكثر قابلية للسقوط لأنه يواجه عملاً عسكرياً مدعوماً من أطراف عربية وعالمية بشكل أو بآخر، وكذلك النظام اليمني السابق إن صح اعتباره قائماً في صنعاء.
ولكن لو افترضنا أن هذه الأنظمة كما يروج مناوئوها هي على شفير الهاوية، فهل ستوفر الأنظمة الديمقراطية والتشاركية بديلاً واقعياً؟ وهل سيحقق البديل الديمقراطي الذي يتخذ من تركيا وغيرها نموذجاً الوعود التي رافقت الربيع العربي إبان انطلاقته؟ نجيب على هذه التساؤلات في مقال الأسبوع المقبل إن شاء الله.