أحدث الأخبار
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد

جسر التواصل السعودي- المصري

الكـاتب : صالح عبد الرحمن المانع
تاريخ الخبر: 16-04-2016

وقّعت المملكة العربية السعودية ومصر في الأسبوع الماضي اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بينهما في خليج العقبة، ومضيق تيران. وتضمّن الاتفاق استعادة المملكة لحقّ السيادة على جزيرتي تيران وصنافير. وكانت هاتان الجزيرتان قد تمّ استيداعهما لدى الحكومة المصرية من قِبل الملك عبدالعزيز، رحمه الله، في عام 1950، حين استولت إسرائيل على ميناء «أم الرشراش» الفلسطيني المطل على خليج العقبة ليكون منفذًا لها على البحر الأحمر.

 ولم يكن لدى المملكة العربية السعودية حينئذٍ أي قوة بحرية تمكّنها من الدفاع عن هاتين الجزيرتين، وخشيةً من احتلال إسرائيل لهما لأهميتهما الاستراتيجية وتحكّمهما في الملاحة فيه، ارتأى الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بحكمةٍ بالغة أن تتم الاستعانة بالقوات البحرية المصرية حينئذ، للدفاع عنهما، في حال تعرّضهما لأي اعتداء محتمل من قِبل إسرائيل.

واستمرّت الحكومة المصرية منذ ذلك الحين وحتى الوقت الحاضر في اعتبار هاتين الجزيرتين أراضي سعودية. وحين صدر قرار جمهوري من الحكومة المصرية عام 1990، اعتبر نقاط الأساس في الحدود البحرية لمصر في المضيق، ولم يُدخل هاتين الجزيرتين في الأراضي المصرية، باعتبارهما جزءاً من أراضي المملكة العربية السعودية تحت حماية مصرية.

وصادقت كل من اتفاقية كامب ديفيد، وغيرها من الوثائق المصرية، على اعتبار أنّ الجزيرتين جزء من أراضي المملكة العربية السعودية، على أساس اتفاقية تخطيط الحدود بين الدولة العثمانية والحكومة البريطانية التي وُقِّعت عام 1906. وبناءً على هذه الاتفاقية، نجح المفاوضون المصريّون في الضغط على إسرائيل لاستعادة منطقة طابا في سيناء عام 1989، وذلك بعد صدور قرار تحكيم دولي بشأنها من قِبل هيئة متخصصة في جنيف بإشراف من الدول الكبرى والولايات المتحدة الأميركية، وأُودِعت هذه الوثائق لدى الأمم المتحدة وأصبحت جزءاً من القانون الدولي.

 والحقيقة أنّ العلاقات التاريخية المتينة بين المملكة العربية السعودية ومصر هي علاقات راسخة وقديمة، يغذّيها الانتماء العربي الواحد. وسيكون هذا الاتفاق الذي تزامن مع إعلان المملكة العربية السعودية نيّتها ربط الأراضي السعودية بالأراضي المصرية في سيناء بجسر بحري، نقطة تحوّل كبرى في العلاقات بين البلدين. بل سيربط هذا الجسر المتوقّع تشييده كلاً من المشرق العربي ومصر وبلاد المغرب العربي والسودان.

وسيمتدّ هذا الجسر من تبوك «رأس حميد» إلى جزيرة صنافير، ثم تيران، ليصل إلى منطقة «النبق» المصرية على طول 25 كيلومتراً، وتتراوح تكاليفه بين 4- 7 مليارات دولار، وربما سيستغرق تنفيذه قرابة السبع سنوات. وسيرتبط هذا الجسر بنفق يسير تحت قناة السويس ليربط القاهرة مباشرة بـ«رأس حميد» على الجانب السعودي.

والحقيقة أنّ تمويل بناء مثل هذا الجسر يمكن أن يكون من مصادر حكومية، كما يمكن أن تقوم به مجموعة شركات سعودية ومصرية وعالمية بتمويل دولي، على أن يتولّى مثل هذا التحالف إدارة المشروع عبر رسوم تُفرض على عابريه، ليتم تمويل كافة تكاليف بنائه خلال عشر إلى خمس عشرة سنة من تاريخ الانتهاء من بنائه واستخدامه.

وستكون لهذا المشروع آثار اقتصادية جيّدة على سكان المنطقة الشمالية من المملكة، وكذلك على كلٍ من الأردن وسيناء، حيث سيكون نقطة جذب سياحي كبير في المنطقة وسيوفر آلاف الوظائف للعمال والموظفين من البلدان الثلاثة. وتحتاج سيناء وجنوب الأردن إلى الكثير من الوظائف في قطاع الخدمات والسياحة الذي يعتمد الاستخدام الكثيف لليد العاملة.

 كما سيكون نقطة عبور مهمة للحجاج القادمين من مصر والسودان وبلدان المغرب العربي، وسيقلّص من تكاليف السفر والانتقال إلى الأراضي المقدّسة في المملكة العربية السعودية. ومن المهم القول إنّ هذا المشروع ستكون له آثار إيجابية على الوضع الاقتصادي والاستقرار السياسي لمنطقة جنوب سيناء، حيث تعاني في الوقت الحاضر من عدم استقرار ناتج عن نقص في الوظائف. وفي حال تمّ إعمار شبه الجزيرة وتنمية السياحة والتعدين والصناعة فيها، وسنّ قوانين تجعل من هذه المناطق مناطق تجارة حرّة، فإنّ وجود الفرص الوظيفية لأعداد كبيرة من الشباب سيحول دون تحوّلهم نحو المنظمات الإرهابية التي تعبث بالأمن والاستقرار في هذه المنطقة من العالم.

فإعمار سيناء لم يعد فقط أهمية وضرورة مصرية، بل هو ضرورة عربية وإقليمية. ولن يكون البحر الأحمر بمثابة رئة يسرى للمملكة العربية السعودية تتنفس منها، بل سيكون بمثابة الجناح الآخر للخليج العربي، لينقل التنمية الهائلة التي حدثت فيه، إلى الجانب الآخر من الجزيرة العربية. ويُتوقّع أن يساعد هذا الجسر في تعميق التكامل السياسي والاقتصادي بين المشرق العربي وبلدان القلب والمغرب، ويسهّل نقل النفط عبر أنبوب يسير بمحاذاته إلى الموانئ المصرية وخطوط الأنابيب التي تصل إلى الإسكندرية، كما سيسهّل وصول السلع والأغذية والخضار المصرية والسودانية إلى الأراضي السعودية، وبلدان الخليج العربي. وطالما كانت التنمية جزءاً من رؤية مستقبلية، فإنّ الاستقرار السياسي لتلك المنطقة المهمة في وسط العالم العربي سيكون قريناً لها.