أحدث الأخبار
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد

العنف عبر الأخلاق

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 02-05-2016


الأخلاق فُطر عليها البشر، وهي سابقة على الدين، فلم يكن الناس ليعرفوا أن الدين الذين بُعث به الأنبياء قد أوصل رسالة جيدة، لو لم يكن لديهم مستوى أخلاقي يمكنهم من الحكم، وقد أتت الرسالة الدينية لتعلن تتميمها وتكميلها للأخلاق والوعظ والتذكير بها. الوجود السابق للأخلاق، ومسألة التكميل والتتميم لها تدل على تمرحل الأخلاق، وأنها لم تولد ككتلة واحدة، ولم تكن نفسها تماما في كل زمان ومكان، والشرائع السماوية نفسها كان فيها اختلاف وتباين، لأنها أتت عبر سياقات اجتماعية وتاريخية مختلفة.
والجدل الفلسفي حول الأخلاق كان من أهم ما ناقشه الفلاسفة والعلماء كالغزالي وسبينوزا والفارابي وأوغسطين وديكارت وغيرهم. ومن أهم القضايا المرتبطة بموضوع الأخلاق، كانت المسألة الأولى مصدرها: هل هو العقل أم العرف أم الدين أم اللذة أم المصلحة؟ والمسألة الثانية هي نسبيتها وتنوعها واختلافها بحسب الزمان والمكان.
هنالك مستوى من الأخلاق أساسي وواضح وبديهي تتعارف عليه الناس وتسلم به، ومن الضروري معرفته وتبينه عقلا وبداهة، لأنه ليس من العدل أن يتعرض الإنسان فيه للمسؤولية لو لم يكن يدركه. وهناك مستوى آخر أعقد، وقد تتباين فيه الرؤى، لاختلاف طبيعة المعرفة، واختلاف ظروف الناس وتجاربهم. أي بحسب تعبير تراثي في حال إطلاق الحكم القيمي، هناك معرفة تعود إلى ما هو ضرورة، وأخرى تعود إلى ما هو مكتسب، وهذا النوع الأخير تحصل معه المعذرة حال الاختلاف، ففي داخل المجتمع الواحد هناك قضايا كثيرة يختلف حولها الناس، ولا يفترض بهذا الاختلاف أن يدفع إلى الإقصاء عبر ممارسة العنف الرمزي، وسرد الاتهامات الدينية والاجتماعية.
الأخلاق ليست حكرا على منبر واحد؛ إن ضيقت مصدر الأخلاق، واحتكرت ضبطها، فأنت هنا الخارج عنها لا غيرك. يعود جمود الأخلاق، وحبسها في إطار ضيق، إلى إغلاق باب التفكير والتفلسف حولها. الجمود الأخلاقي مسألة خطرة، لأنها تعاظمت حتى وجدنا أنفسنا أمام مؤسسة حكومية، تمارس دور الضبط الأخلاقي، وتجرم الاختلاف فيه على نطاق واسع، تُجاوز به الأمر الصريح من الدين أو القانون، بل وأصبح الاختلاف حول دور المؤسسة المفترض، وهو اختلاف طبيعي للإنسان حرية الرأي فيه، بابا يتم من خلاله اتهام وتحقير فئات واسعة من المجتمع.
هذا أمر تسرب من العقلية الفقهية القديمة، وقياسها التقليدي، فكل الأمور لديها تنقسم حسب منظار الحلال والحرام، ومن مارس الاختلاف معها، ترى أنه يفعل ذلك لشهوته؛ لأن هذه النظرة لم تكن تريد أن تُعطي للآخر المختلف وجاهة منطق، أو محاجّة عقلية تستمع إليها أصلاً. كان المعري أول من مثّل صدمة لمنطق الفقهاء هذا، فهو سليط اللسان على أخطائهم وممارساتهم، ومع ذلك كان زاهدا، وغير شهواني، يأكل فقط من بسيط ما تنبت الأرض، فاحتار الفقهاء معه، ونحن ورثنا حيرته، معهم.