أحدث الأخبار
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد

تاريخ المهمشين

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 16-05-2016


التاريخ صنعة حساسة، فبجانب كونه نقلا لما اختفى وذهب، فهو الصانع المؤثر في معرفة اليوم، وجالب مادتها الأولى. الحياة الفكرية والثقافية اليوم مستمدة من امتداداتها السابقة.
ولكن لن يتأثر الناس كثيرا بالتاريخ إن كان يأتي بصورة معرفية تقليدية وباردة، وكسرد للأحداث اللافتة فقط. سيقترب الناس من التاريخ إن اقترب تدوينه من التنوير عن طبيعة مماثلة لطبيعة علاقاتهم نفسها، وإن اقترب أيضا من زمانهم.
أكثر كتب التاريخ ندرة هي تلك التي تدون تاريخنا الحديث وتقترب منه. وتشتد الصعوبة كلما اقترب المؤرخ من فترة الحاضر. علي الوردي مثلا كان مستاء في حياته لأنه منع من طباعة الجزء السابع من تاريخه «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث»، والسبب أنه اقترب من تأريخ فترات معاصرة (وهذا ما كان يخيف النخب السلطوية وقتها)، ويقال إن الجبرتي أيضا كان لديه جزء آخر في تاريخه اختفى لأنه اقترب أيضا من التاريخ المعاصر.
إن المؤرخ في تاريخنا هو نفسه مثقف اليوم، مكبل بالسلطة، ويمضي في سياق إيدولوجيتها. اهتمام المؤرخ بالسلطة والسياسة، واستحقاره للناس واستخدامه وصف العوام والرعاع، يجعلنا لا نفاجأ بموقف المثقف اليوم، فهو وليد هذا السياق المعرفي.
إن التاريخ يغذي كل الأفواه، ويبرر كل الخطايا، وحمال أوجه، الكل يجد فيه ما يريد، ولذا هو انعكاس لواقع الناس وما يريدوه، وحين تتحسن المعرفة لدينا ستتحسن قراءتنا للتاريخ، وإن حضر الإنسان لدينا سنجده في التاريخ، ولذا لا عجب أن التاريخ الجديد، إنما هو في صلب نظريته تاريخ اجتماعي، وتاريخ الناس العاديين في مظاهرهم البسيطة، والمهمشين الذين غيبهم التاريخ.
علم الاجتماع نفسه لا تتكون مادته الحقيقة من تلك النظريات والأطر العلمية الضخمة فمادته الحقيقية هي الشارع، والإنسان العادي في مظاهره البسيطة. يقول عالم الاجتماع العراقي علي الوردي في مقدمة كتابه «دراسة في طبيعة المجتمع العراقي»: «علم الاجتماع بطبيعته متواضع، يستمد أكثر معلوماته من السوقة، ومن السفلة، والمجرمين، والغوغاء. فهؤلاء بمنابزاتهم ومفاخراتهم، وبتعاونهم وتنازعهم، يمثلون القيم الاجتماعية السائدة أصدق تمثيل».
علينا أن نتواضع، فنحن اليوم نشهد أخبارا جسيمة، ونشاهدها في الأخبار، ومع ذلك نحتار ولا نجزم في الرأي، فما بالنا نجزم ونختصم بما وصلنا في قراطيس تم تدوينها في أزمان مظلمة!
التفكير في التاريخ يجعلنا في جدلية معه دوما، ولا يوجد مانع من أن نتخلص من تسعة أعشاره، والعشر الأخير نتفاصل معه بدقة، فنأخذ ونترك. لن ينطلق الإنسان في حياة حرة، إن كان مكبلا بالتاريخ، خصوصا هذا النوع من التاريخ، الذي كتب للنخب لا للإنسان.;