أحدث الأخبار
  • 01:58 . وزير الخارجية الإيراني يلتقي حاخاماً يهودياً خلال قمة "بريكس"... المزيد
  • 12:37 . ترامب يتنصل من مسؤوليته عقب سقوط أكثر من 80 قتيلا بفيضانات تكساس... المزيد
  • 12:02 . الإمارات توضح الجدل الدائر بشأن منح "الإقامة الذهبية" لمستثمري العملات الرقمية... المزيد
  • 11:47 . تقرير: تمرد عسكري داخل قوات تدعمها السعودية في منطقة حدودية مع اليمن... المزيد
  • 02:29 . اليمن.. الاحتلال الإسرائيلي يشن هجوماً على الحديدة... المزيد
  • 07:48 . كيف جاءت سياسة أبوظبي الخارجية بنتائج عكسية في سوريا والسودان؟... المزيد
  • 06:38 . نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”... المزيد
  • 05:37 . مباحثات سعودية مصرية حول جهود وقف إطلاق النار في غزة ومنع التصعيد بين إيران و"إسرائيل"... المزيد
  • 02:02 . تصعيد دبلوماسي جديد.. الخرطوم تتهم أبوظبي بتوفير غطاء دولي لجرائم الدعم السريع... المزيد
  • 12:01 . جبل الحبن بالفجيرة يسجل أدنى درجة حرارة في الدولة... المزيد
  • 11:50 . "التربية" تضع آليات مرنة لتصديق الشهادات الدراسية لطلبة الثاني عشر... المزيد
  • 11:47 . بريطانيا تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 14 عاماً... المزيد
  • 11:39 . الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ويفعّل صفارات الإنذار... المزيد
  • 11:22 . إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا" ويعد بكسر احتكار الحزبين... المزيد
  • 06:37 . دبي تعتمد بطاقة الرسوم المدرسية للعام الأكاديمي 2025–2026... المزيد
  • 05:48 . 24 قتيلا على الأقل وأكثر من 20 مفقودة بسبب فيضانات في تكساس... المزيد

تاريخ المهمشين

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 16-05-2016


التاريخ صنعة حساسة، فبجانب كونه نقلا لما اختفى وذهب، فهو الصانع المؤثر في معرفة اليوم، وجالب مادتها الأولى. الحياة الفكرية والثقافية اليوم مستمدة من امتداداتها السابقة.
ولكن لن يتأثر الناس كثيرا بالتاريخ إن كان يأتي بصورة معرفية تقليدية وباردة، وكسرد للأحداث اللافتة فقط. سيقترب الناس من التاريخ إن اقترب تدوينه من التنوير عن طبيعة مماثلة لطبيعة علاقاتهم نفسها، وإن اقترب أيضا من زمانهم.
أكثر كتب التاريخ ندرة هي تلك التي تدون تاريخنا الحديث وتقترب منه. وتشتد الصعوبة كلما اقترب المؤرخ من فترة الحاضر. علي الوردي مثلا كان مستاء في حياته لأنه منع من طباعة الجزء السابع من تاريخه «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث»، والسبب أنه اقترب من تأريخ فترات معاصرة (وهذا ما كان يخيف النخب السلطوية وقتها)، ويقال إن الجبرتي أيضا كان لديه جزء آخر في تاريخه اختفى لأنه اقترب أيضا من التاريخ المعاصر.
إن المؤرخ في تاريخنا هو نفسه مثقف اليوم، مكبل بالسلطة، ويمضي في سياق إيدولوجيتها. اهتمام المؤرخ بالسلطة والسياسة، واستحقاره للناس واستخدامه وصف العوام والرعاع، يجعلنا لا نفاجأ بموقف المثقف اليوم، فهو وليد هذا السياق المعرفي.
إن التاريخ يغذي كل الأفواه، ويبرر كل الخطايا، وحمال أوجه، الكل يجد فيه ما يريد، ولذا هو انعكاس لواقع الناس وما يريدوه، وحين تتحسن المعرفة لدينا ستتحسن قراءتنا للتاريخ، وإن حضر الإنسان لدينا سنجده في التاريخ، ولذا لا عجب أن التاريخ الجديد، إنما هو في صلب نظريته تاريخ اجتماعي، وتاريخ الناس العاديين في مظاهرهم البسيطة، والمهمشين الذين غيبهم التاريخ.
علم الاجتماع نفسه لا تتكون مادته الحقيقة من تلك النظريات والأطر العلمية الضخمة فمادته الحقيقية هي الشارع، والإنسان العادي في مظاهره البسيطة. يقول عالم الاجتماع العراقي علي الوردي في مقدمة كتابه «دراسة في طبيعة المجتمع العراقي»: «علم الاجتماع بطبيعته متواضع، يستمد أكثر معلوماته من السوقة، ومن السفلة، والمجرمين، والغوغاء. فهؤلاء بمنابزاتهم ومفاخراتهم، وبتعاونهم وتنازعهم، يمثلون القيم الاجتماعية السائدة أصدق تمثيل».
علينا أن نتواضع، فنحن اليوم نشهد أخبارا جسيمة، ونشاهدها في الأخبار، ومع ذلك نحتار ولا نجزم في الرأي، فما بالنا نجزم ونختصم بما وصلنا في قراطيس تم تدوينها في أزمان مظلمة!
التفكير في التاريخ يجعلنا في جدلية معه دوما، ولا يوجد مانع من أن نتخلص من تسعة أعشاره، والعشر الأخير نتفاصل معه بدقة، فنأخذ ونترك. لن ينطلق الإنسان في حياة حرة، إن كان مكبلا بالتاريخ، خصوصا هذا النوع من التاريخ، الذي كتب للنخب لا للإنسان.;