لا أستطيع إنكار إعجابي كفرد وإعجاب المجتمع ككل بشركة «إعمار»؛ فهذه الشركة أو المؤسسة أو الدائرة، لا أعرف حقيقة تركيبتها القانونية.. ارتبطت بشكل عام كنموذج مصغر للنجاح الذي حققته دبي، وأصبحت المقاييس التي أسستها اجتماعياً ربما دون قصد منها مقاييس لجودة العمل والإنجاز.. فلان بيته نفس فلل إعمار.. بمعنى أنه متقن! وأعتقد أنك تتابع أخبار الشركة ومولاتها وأنشطتها مثلي.
قبل فترة أعلنت «إعمار» أنها ستعيد افتتاح فندق «العنوان» مطلع السنة المقبلة.. هل تذكر ذلك الفندق؟ إنه الفندق الجميل المطل على مول دبي، الذي ضربه أحدنا «عين» في رأس السنة الماضية، لأنه لم يتمكن من الحصول على غرفة فيه في ظل الحجوزات المسبقة وعبارة «أوفر بوكينج»، التي تظهر على مواقع الحجوزات الإلكترونية، كانت النتيجة حريقاً كبيراً أتى على الكثير من غرف الفندق وسبب أضراراً أدت إلى إخلائه، ومن ثم عملية الصيانة والافتتاح المقررة مطلع العام المقبل.
ما يهمني في هذه القصة هو النقطة التي يسميها خبراء إدارة الأزمات بـ«فوائد الأزمة»، كيف نجحت كلتا المؤسستان؛ دبي كاسم تجاري مرة وإعمار كاسم تجاري مرة أخرى، في استثمار هذه الأزمة وتحويلها إلى ربح ومكسب رغم أن الحريق بحد ذاته كحدث هو أزمة وخسارة كبيرة لا يمكن إنكارها ولا يتمناها أحد.
دبي وإعلامها الحكومي والشعبي أيضاً نجحا في تحويل الأنظار من الحدث إلى طريقة تجاوز الحدث والأزمة، بل وركز الإعلام في فترة ما بعد الحدث على الجهود والتنظيم المبذول لاحتواء آثار الحدث، وهكذا تكونت صورة إعلامية ركزت بشكل رئيس على النجاح وشجاعة رجال الإطفاء واستمرار الاحتفالات رغم ما حدث، وهكذا تم تحويل الخسارة إلى ربح.
بدورها، «إعمار» في تصريحها الأخير حولت الأزمة إلى نجاح بإعلانها أنها استغلت الحادثة لإعادة التصاميم الداخلية بتصاميم أجمل وأعلى جودة، وأنها رفعت سقف المعايير الخاصة بالجودة والسلامة، بالإضافة إلى أن افتتاحه في رأس السنة هو دلالة وتحدٍّ على القدرة على الإنجاز، وأن ذلك الافتتاح سيصحبه كرنفال احتفالي.
إذا ارتفعنا بالكاميرا التي تلتقط الصور لكل من الفندق ومؤسسات «إعمار» والإمارات إلى الأعلى قليلاً لكي ننظر من الجو بعين الطائر لوطننا العربي، فسنرى أننا نمتلك من الأزمات ما يكفي لعهود، فكيف ننشر ثقافة تحويل الأزمات إلى مكاسب لدى الآخرين.. لعلنا نهديهم جزءاً من سعادتنا.. خصوصاً أننا نعرف أنه مهما تغيرت أمزجة التوأمين اللذين رسما لوحتنا عام 1916 فإن «عنواننا» سيبقى واحداً!