الحركة المسرحية في الإمارات تبدو كأنها تصارع على أكثر من جهة، يظهر ذلك من خلال التحديات التي يواجهها شباب المسرح سواء كانوا ممثلين أو كتاب نصوص أو مخرجين أو فنيين، وعلى رأس هذه التحديات يأتي الدعم المادي والمعنوي بطبيعة الحال، ويأتي موضوع المساندة الإعلامية والترويج للعروض المسرحية، وأيضاً تبني مؤسسات الدولة المعنية بالشأن الثقافي عن طريق تخفيف القيود والمطالبات!
صحيح أن المسرح هو أبو الفنون، وأنه واحد من أقدم الأشكال الثقافية التي برزت في تاريخ الحضارات العريقة، كما يعتبر المسرح في يومنا هذا أحد مؤشرات الرقي المجتمعي، لكن هذه المكانة لم تأت أو تتأسس من فراغ، فعلى مسارح برودواي في أميركا يبرز أعظم الممثلين، وعلى خشبة هذه المسارح تنال الروايات والنصوص شهرتها وعالميتها، ودائماً ما ينظر لهذه المسارح بتبجيل كبير.
أما في بريطانيا فلا زالت هناك مسرحيات تعرض لأكثر من عشرين عاماً متواصلة، فهناك مسارح وهناك تقاليد عظيمة تقف وراء هذه السمعة والمكانة الكبيرة، وأول عوامل الدعم والنجاح والاستمرار وجود مجتمع يؤمن بأهمية المسرح، ومسرح يؤمن بأهمية دوره في حياة الناس وممثلين ومخرجين وكتاب يعون تماماً مفهوم المسرح ويمتلكون كل مقومات التعامل الاحترافي معه!
لذلك فما لم يحظَ المسرح في الإمارات كمفهوم ثقافي اجتماعي بدفعة معنوية عالية واهتمام إعلامي واجتماعي وحكومي مؤسساتي وقانوني، فإن المسرح سيظل يراوح مكانه، ينجح بجهود فردية حيناً ويخفق في أحيان كثيرة، وهنا فإن كل جهة لها علاقة بالمسرح والثقافة والمعرفة معنية ومطالبة بدعم المسرح، ليس بمبلغ (100 ألف درهم) ولكن بما يوفر مسرحاً حقيقياً يتناسب مع شعارات الثقافة التي نرفعها دائماً!
وكذلك فما لم يشتغل شباب المسرح على تطوير أدواتهم وإمكانياتهم وقدراتهم وثقافتهم بالدراسة والقراءة والتدريب والاحتكاك فإنهم لن يتمكنوا من إقناع الناس عندنا، فهذا المجتمع المحافظ لا يزال حديث عهد بالمسرح ولا يزال بحاجة لجهود وأعمال حقيقية جادة واحترافية تقنعه بترك منزله والجلوس ساعتين لمشاهدة عمل مقنع بعيد عن التهريج والابتذال والضعف والضحك لمجرد الضحك!
لقد تابعت نجاحات مسرحية عديدة، ومؤخراً تابعت النجاح الكبير لعرض قدمه شباب مسرحيون إماراتيون أيام عيد الفطر، حققوا من خلاله حضوراً لافتاً ودخلاً جيداً لأول مرة في تاريخ المسرح الإماراتي، فهل يشجع هذا النجاح الجهات الثقافية على مضاعفة الدعم ورفع درجة الرهان والمساندة من منطلق توظيف النجاح لنجاحات مستقبلية أكبر؟!