محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها ضباط ينتمون إلى تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، فضحت دولاً كثيرة كانت تتظاهر حتى 15 من يوليو الماضي بأنها من أصدقاء تركيا، واتضح للجميع أنها تمنت نجاح محاولة الانقلاب وسقوط رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، دولة قطر الشقيقة، أميراً وحكومة وشعباً، بادرت برفض محاولة الانقلاب منذ اللحظة الأولى، وأعلنت دعمها لإرادة الشعب التركي، وقدمت خطوات ملموسة تؤكد أن التصريحات الرافضة لمحاولة الانقلاب وليست مجرد مجاملة دبلوماسية، بل هي وقوف صادق إلى جانب الشعب التركي الذي لن ينسى بالتأكيد هذا الموقف النبيل.
هناك دول وأنظمة لم تخفِ فرحها في تلك الليلة بمحاولة الانقلاب، إلا أن الشعب التركي خيَّب آمالها، لأنها لم تكن تتوقع مقاومة لدبابات الانقلابيين كتلك التي سطَّرها الأتراك دفاعاً عن وطنهم وإرادتهم الديمقراطية، بل كانت واثقة من نجاح المحاولة كما نجحت قبلها في مصر، وما زالت بعض تلك الأنظمة تكابر وتدعم الانقلابيين من خلال دفاعها المستميت عن فتح الله كولن وجماعته.
محاولة الانقلاب الفاشلة كانت بمثابة الاختبار للتمييز بين من يقف إلى جانب ديمقراطية تركيا ومن يعارضها وينزعج منها، وكما صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن «العديد من الدول التي كنا نعتبرها صديقة فضلت البقاء صامتة إزاء محاولة الانقلاب الفاشلة».
بين هذا وذاك دول غربية وعربية انتظرت لمدة حتى ترى لمن ستكون الغلبة لتبدي موقفها، ثم بدأت تَصْدُر تصريحات خجولة من حكومات تلك الدول لتعلن رفضها لمحاولة الانقلاب ووقوفها إلى جانب الديمقراطية، بل اعترف بعضهم بأنهم تأخروا في التعبير عن رفضهم لمحاولة الانقلاب ودعمهم للحكومة الشرعية المنتخبة، ولا ندري، مدى صدقهم في الندم على التلكؤ في تلك الليلة.
زيجمار جابرييل، وزير الطاقة والاقتصاد الألماني والنائب الأول للمستشارة الألمانية ورئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي، أشار إلى تأخر ردة فعل المسؤولين الألمان على محاولة الانقلاب، مؤكداً أنه كان عليهم أن يزوروا تركيا في ذلك اليوم أو الذي بعده للتعبير عن تضامنهم مع الشعب التركي.
رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، هو الآخر اعترف بتأخر الدول الأوروبية. وجاء هذا الاعتراف قبل أيام خلال زيارته لأنقرة والمؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع رئيس الوزراء التركي، وبعد أن أعرب الرجل عن إعجابه بتصدي الشعب التركي للانقلابيين، زعم أنهم كانوا يجهلون وقوف جماعة كولن وراء محاولة الانقلاب.
الاعتراف بالتأخر في رفض محاولة الانقلاب والتعبير عن الندم على التلكؤ في دعم الديمقراطية التركية خطوة في الاتجاه الصحيح, غير أنه لا يمنع ذلك من أن نطالب هؤلاء النادمين بخطوات أخرى تؤكد بما لا يدع مجالا للشك وقوفهم إلى جانب الشعب التركي.;