ترجل علي الدباني، أحد أبرز رجال التطوع في إمارة رأس الخيمة، بعد مسيرة من النشاط والعمل التطوعي بإدارة العديد من النوادي الرياضية، إذ وافته المنية الاثنين (19|9).

قالت عنه صحيفة "الخليج" المحلية في تقرير سابق: علي بن عبدالله الدباني عضو مؤسس في جمعية متطوعي الإمارات فاز بدرع التطوع العربي للشخصيات العربية المتطوعة المتميزة على مستوى الوطن العربي .

مقاوم للتطبيع مع إسرائيل

ما إن يذكر التطوع في رأس الخيمة، حتى يظهر اسم علي الدباني الذي غرس وجوده في مختلف المجالات، في المحن التي تتعرض لها الأمة العربية حيث يكون التبرع بالمال وتشجيع أبنائه وأحفاده على التبرع في الأوقات الحرجة التي تمر بها بعض الدول العربية، أو التطوع بالجهد والإدارة في عدد من جمعيات النفع العام ومنها جمعية متطوعي الإمارات وجمعية حقوق الإنسان، فضلاً عن اللجنة الإماراتية لمقاطعة العدو الإسرائيلي.

ووصف الدباني نفسه، بأنه قضى معظم شبابه في التطوع، بدءاً من الكويت قبل أن يعود إلى بلده الإمارات. وترأس الدباني نادي عمان الثقافي الرياضي، وقام بتأسيس نادي ابن ظاهر للثقافة والشطرنج.

وشدد الدباني على كرامة المسؤول الواجب توافرها في كل من يتولى عملا، إذ قال "كنت أرفض أن أتولى أيه مهمه إدارية إلا بالانتخاب" .

وأضاف الدباني، لم أدخل قط في الأعمال الحكومية، واتجهت إلى بناء شركتي بنفسي، ورعيت من خلالها أسرتي، .. وشهدت منافسات أهل الحارة على تكريم الطلبة المتميزين في قراءة القرآن، إلى حضوري معظم الفعاليات المناهضة للاستعمار المنادية بالوحدة في الكويت . 

عريضة 1979

وقال الدباني لصحيفة الخليج، كنت أحد الأشخاص السبعة الذين مثلوا الإمارات السبع، وقدموا المذكرة الشعبية إلى أعضاء المجلس الأعلى للدولة في عام 1979 الذي كان منعقداً برئاسه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله.

وأردف "الدباني"، رحمه الله، "ذلك القائد الذي أتذكره جيداً في ذلك الحدث، وكيف كان بحنكة القائد استقبل الجماهير التي أتت لتدعم الاتحاد وتنادي بالوحدة" .

وأضاف، "وما أزال أتذكر الأجواء السياسية الوطنية التي كانت في حقبة السبعينات، حيث كان المواطنون شعلة نشاط من أجل الاتحاد، كنا شباباً تتقد فينا مشاعر التعاون والألفة، والنهوض ببلادنا، وكان الاتحاد في بداياته، كان المجتمع شباباً وشياباً كله يداً واحدة، وهمه المشترك أن يقوى الاتحاد بمؤسساته".

وتابع، وأذكر المجلس الوطني الاتحادي برئاسة المرحوم تريم عمران، الذي قدم المجلس في عهده المذكرة المشتركة بين المجلس الوطني ومجلس الوزارء إلى المجلس الأعلى، ومنها انطلقت مظاهرات من شتى إمارات الدولة رفعت المذكرة الشعبية المؤيدة للمذكرة المشتركة، والتقت المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى .

وقال "الدباني"،  أتذكر حين حشدنا المواطنين للمظاهرات في أثناء اجتماع المجلس الأعلى لمناقشة المذكرة المشتركة التي قدمها المجلس الوطني مع مجلس الوزارء، وصغنا نحن مجموعة من المواطنين أيضاً المذكرة الشعبية، وتحركنا من مختلف الإمارات، ونحن ننادي المال الواحد والوحدة ولا حدود ولا سدود، كنا نجتمع ونناقش ونصر على الاتحاد .

وكانت اجتماعاتنا وتحركاتنا عفوية نابعة من حرصنا على الوحدة التي لا تشوبها شائبة، وخرجنا من رأس الخيمة شباباً وشيباً أغلبهم رجال من البادية ومن الجبال، منهم سيف علي الخاطري وأحمد بلهون ومحمد بن علوان، ويهمور بن سعيد يهمور، يرددون الوحدة ولا حدود ولا سدود . .، كان عددنا نحو أربعمئة شخص من الإمارة، في حين قدم أغلبية المتظاهرين 600 شخص من مختلف الإمارات .

تفاصيل العمل الوطني والسياسي

وأكد "الدباني"، صاغ المذكرة الشعبية المرحوم غانم عبيد غباش وكان رجلاً وطنياً، أفنى عمره لخدمة المجتمع والسعي نحو النهوض به، رغم إعاقته، إذ كان في تلك الفترة مقعداً على كرسيه المتحرك بعدما أصيب في حادث مروري وتم إقرار المذكرة في مجلسي بعدما حضر غانم غباش إلى رأس الخيمة، وانطلقنا إلى قصر المشرف حيث انعقاد اجتماع أعضاء المجلس الأعلى .

وقال "الدباني"، ذهبنا لمقابلة الحكام في أبوظبي وقدمنا لهم العريضة، واستفسر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، بعد دخولنا قاعه الاجتماع عن سبب قدومنا فشرحنا لهم، مطالبنا وأذن لنا بتسليم المذكرة مرحباً بنا، حيث سلمنا المذكرة كل منا لحاكم إمارته.

مضمون العريضة

وقال "الدباني"، أن موقعي العريضة قالوا فيها لحكام الإمارات، قد جئناكم مسلمين ويقول عز وجل: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا وما جئناكم إلا موحدين . وتستمر المذكرة في مباركة اجتماع المجلس الأعلى، وذكر نقاطها في أهمية الاتحاد ومؤسساته، والمساواة الاجتماعية، وضرورة الحد من الهيمنة الاقتصادية للأجنبي، وغيرها من الأمور الوطنية البحتة .

ويكمل الدباني سرد مبادرة المذكرة الشعبية، بدقة وكأنها محفورة في ذاكرته: خرج لنا المغفور بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله الذي كنا نقدره ونعزه وله في قلوبنا الكثير من الود، لمواقفه الوطنية من مبادرة قيام الاتحاد، وهي التي حثتنا على تلك المواقف المشجعة لمسيرته، حينها ألقى رحمه الله كلمة مقتضبة، مضمونها أن الحكام راضون عن مطالب الشعب وبكى أثناء حديثه لنا، ورد عليه خليفة بخيت الفلاسي الذي كان من ضمن الجمع، بكلمة أيضاً تشكر الموقف القيادي لحكام الإمارات وتبارك خطواتهم.

تأثير العريضة

وأكد "الدباني" تركت العريضة بعض التأثيرات البارزة، فقد خرجت بعض المسيرات والتظاهرات في بعض الإمارات تعلن عن تأييدها للمطالب الوطنية، وهو حدث فريد في ذاته وليس له سابقة في تاريخ الإمارات، وقد توجه المتظاهرون في أبوظبي إلى قصر سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة حيث خرج إليهم، وتحدث مع أفرادها،كما فعل ذلك بعض أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد .

وأضاف "الدباني"  كان لهذه المسيرات الدور الرائع في دفع العمل الوطني، وتأصيل جذور الاتحاد، ومؤازرة المجلس الوطني في تبنيه للمذكرة التي قدمها إلى المجلس الأعلى . وعلى ضوء هذه المتغيرات وتلك الظروف، ارتأت هيئة المكتب أن تصدر بياناً تؤيد فيه تلك المسيرات الشعبية، وترفع الشكر الجزيل إلى صاحب السمو رئيس الدولة للقائه بتلك المسيرات، ونشكر سموه على الكلمات القيمة التي وجهها للمواطنين .

ويرثي الإماراتيون "الدباني" وهم يرون الفرق الجوهري بين تعامل الشيخ زايد مع عريضة 1979 وبين تعامل جهاز أمن الدولة مع عريضة 2011 والتي لم تختلف في غاياتها الوطنية والسياسية شيئا عن عريضة 1979، ولكن جهاز أمن الدولة اعتقل موقعي عريضة 2011 وزج بهم في السجون ملفقا لهم تهمة تشكيل "تنظيم سري لقلب نظام الحكم"، ويقضي معظهم ومنذ 2012 أحكاما بالسجن صدرت عام 2013 لمدد تتراواح من 7إلى 10 سنوات إلى 15 عاما مع مصادرة ممتلكاتهم وأموالهم وحقوقهم وسحب جنسيات بعضهم.