في أكتوبر العام الماضي، تمكنت قوات الشرعية بدعم من التحالف العربي من استعادة مضيق باب المندب وجزيرة ميون الاستراتيجية على البحر الأحمر، وفي مطلع هذا الشهر استهدف الحوثيون سفينة إماراتية قبالة سواحل المخا القريبة من المضيق.
بين الحدثين فاصل زمني عمره عام والأهم أن الحدث الجديد يعيد طرح السؤال القديم وهو: لماذا لم يتم تحرير مدينة وميناء المخا، وإن كان ذلك لم يتحقق حينها فمتى يحدث وقد أصبح التحرير اليوم ضروريا بالنظر للأهمية الاستراتيجية لهذا الميناء في مقابل جملة المخاطر إن ظل في أيدي المتمردين المرتبطين بإيران؟
الحوثيون استهدفوا مؤخرا هذه السفينة قبالة سواحل المخا ما أدى إلى إصابة عدد من طاقمها ولاقى تنديدا عربيا واسعا اعتبره التحالف العربي توجها للحوثيين لتنفيذ أعمال إرهابية، في حين نددت دول غربية وجددت واشنطن مسؤوليتها عن حماية الممر الملاحي وخرج مجلس الأمن عن صمته بعدما وصله قلق تهديد المتمردين لاستهداف الحركة الملاحية.
الهدف من العملية كان واضحا وهو تخويف المجتمع الدولي بأن الممر الدولي ليس آمنا كما يقول التحالف وبإمكان المتمردين تهديده بأي وقت، وهذا ما يتطلب تحركا حازما وقويا لحمايته لنظرا لأهميته كأحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها احتضانا للسفن، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل %7 من الملاحة العالمية، وتزيد أهميته بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر مضيق هرمز.
إن بقاء المخا المدينة والميناء بيد الحوثيين يجعل المخاطر والتهديدات على باب المندب قائمة والدليل ما حصل مؤخرا، الأمر الذي يستدعي تحريره ووضعه في أولويات عملية عسكرية قادمة لا تحتمل التأخير.
فالمخا التي تقع غرب تعز لا تبعد عن باب المندب سوى 75 كيلومترا شمالا، وتحريرها سيؤدي بدرجة كبيرة لتحرير تعز، وسيتعدى ذلك إلى المساهمة في تحرير محافظة الحديدة الساحلية التي الحدودية، وقبل هذا سيضمن تأمين باب المندب.
وتأتي الأهمية الثانية لتحرير المخا بعد النصر الاستراتيجي والعسكري لتأمين السواحل الغربية على البحر الأحمر، في أن هذه الخطوة ستقطع شريانا ماليا كبيرا يدر على المتمردين عوائد ضخمة من تجارة الممنوعات ونشاط التهريب تستثمر لاحقا لتمويل عملياتهم العسكرية.
وقديما كان المخا الميناء الرئيسي لتصدير البخور والبن اليمني إلى الدول الإفريقية والعالم، واكتسب شهرته بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر، بعدما سيطر العثمانيون على اليمن، وسنوا قانونا يفرض على السفن التجارية التي تمر من البحر الأحمر، أن ترسو في مرفأ المخا، لدفع ضريبة المرور.
المخا هو مفتاح تحرير تعز والسواحل الغربية للبلاد ويمكن من خلال إعادة تأهيله وتشغيله توفير موارد مالية كبيرة للحكومة الشرعية هي في أمس الحاجة إليها في ظل الضائقة المالية التي تعصف بها ومن الخطأ التفريط بعدم تحريره.;