نحن الآن نستطيع أن نقول، إن المؤامرة على الأمة العربية والإسلامية باتت واضحة، خاصة بعد أن انزلقت النخبة السياسية الأميركية نحو هذا المنزلق الخطير، وقرر الكونجرس إصدار قرار جاستا (العدالة ضد الإرهاب)، والذي يعني أن تعطي أميركا المحاكم الأميركية سلطة قضائية، وحق استقبال أي دعوى من المواطن الأميركي ضد أي دولة أجنبية بتهم الإرهاب بمجرد الشك وفتح المجال بشكل، واسع لكل من يريد أن يقاضي دولاً بعينها.
وأساس وضع مثل هذا القانون هو المنهج الاستعماري الجديد الذي أخذت تبتز به العرب والمسلمين، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية، وتعمل على أن تفقد هذه الدول حصانتها السيادية والدبلوماسية أمام الاستعمار الجديد، وتكون بالتالي عرضة لنهب ثرواتها وتهديد وجودها، وهي بذلك تمهد الأرض لخلق فوضى عالمية جديدة يتم من خلالها فتح المجال لاستصدار قوانين مشابهة، واللجوء لمبدأ المعاملة بالمثل من أجل الرد على هذه الإجراءات.
إن سجل أميركا في هذا المجال كبير جداً، خاصة في مسألة صناعة الإرهاب وفي إشعال الحروب، وغزو الدول وافتعال الانقلابات. لقد اتفق جميع المحللين والباحثين والسياسيين، سواء في الشرق أو الغرب على أن العرب والمسلمين، وبالأخص المملكة العربية السعودية، ليس لهم دور في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأن المتهم الحقيقي في هذه الأحداث هو (الموساد) المخابرات الإسرائيلية.. ومن مصلحة إسرائيل أن تبعد الشبهات عنها وتورط الولايات المتحدة في مثل هذه الأحداث، حتى تتضرر مصالحها في المنطقة العربية، وتتحول علاقة أميركا بالعرب والمسلمين والإسلام إلى حملة واسعة من الكراهية، وتترك العنان للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة (منظمة أيباك) أن يمارس دوره وتأثيره على القرار السياسي ضد العرب والمسلمين، والذي يزيد من حالة التباعد والفجوة بين العرب وأميركا والعالم الإسلامي، ويزيد من حالة التراكمات الذهنية الحادة لصورة الكراهية المتصاعدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، لأن أمن إسرائيل كما يقول الكاتب الإسرائيلي تشيد فرايلخ (هارتس 29-9-2016) يقف على ثلاثة أرجل: حصانة الشعب - الجيش الإسرائيلي والعلاقات مع الولايات المتحدة، فمن دون مساعدة الولايات المتحدة ستكون إسرائيل ضعيفة اقتصادياً، ومعزولة من الناحية السياسية والجيش الإسرائيلي يصبح أداة فارغة، «ثم يتابع»: العلاقات الأميركية- الإسرائيلية هي علاقات استثنائية لا سابقة لها في تاريخ الشعوب (أكثر دولة في التاريخ حصلت على مساعدات 120 مليار دولار)، وهذا إلى درجة كبيرة بفعل إيباك (اللوبي الصهيوني في أميركا) هذه المنظمة والتي هي- رايلخ «فخر» الصناعة اليهودية في الولايات المتحدة تم بناؤها بعمل كبير وتفكير عميق على مدى عقود، ويوجد فيها جيش من المتطوعين وطاقم مهني من الدرجة الأولى ملتزمون حتى أعماقهم بمستقبل إسرائيل وبمستقبل العلاقات الإسرائيلية- الأميركية.السؤال المهم هنا: لماذا لا نواجه هذا النوع من القرارات بالكثير من الأسلحة التي يمتلكها العرب، والأهم أن يتم تحريك اللوبي العربي في أميركا، وتنشيط دور السفراء العرب في أميركا؟ وضمن هذا الإطار، لماذا لا يذهب السفراء العرب إلى الكونجرس لشرح وجهة النظر العربية؟ لماذا لا يعقدون مؤتمرات صحفية بين الفترة والأخرى؟ لماذا لا نراهم يتحدثون في التلفزيونات والقنوات الأميركية لشرح وجهة النظر العربية؟ أين هم من مواجهة مثل هذه القرارات الخطيرة التي تستخف بشعوب المنطقة.