أحدث الأخبار
  • 07:49 . سوريا تستأنف تصدير النفط الخام بعد 14 عاما من التوقف... المزيد
  • 12:54 . مقررة أممية: "إسرائيل" قتلت من الصحفيين أكثر مما قُتل بالحربين العالميتين... المزيد
  • 12:46 . السودان.. أكثر من ألف قتيل بانزلاق أرضي بإقليم دارفور... المزيد
  • 12:45 . إيران تؤكد الاستعداد لخفض تخصيب اليورانيوم بحال التوصل لاتفاق... المزيد
  • 12:18 . وزير خارجية بريطانيا: أفعال "إسرائيل" لن تنهي الحرب ولن تعيد الأسرى... المزيد
  • 12:17 . رئيس الوزراء العراقي يزور سلطنة عُمان غدًا... المزيد
  • 12:11 . "الوزاري الخليجي" يدعو لوقف حرب غزة... المزيد
  • 11:54 . تعديل وزاري محدود يشمل وزارة الصحة وتعيين أحمد الصايغ وزيراً جديداً... المزيد
  • 11:52 . مساعدات إماراتية عاجلة لمتضرري السيول غربي اليمن وسط جدل حول انتقائيتها جنوباً وغرباً... المزيد
  • 11:31 . "التربية" تعتمد دليلاً إجرائياً جديداً للغياب.. إعادة السنة بعد 15 يوماً غير مبرّرة... المزيد
  • 11:23 . "المعاشات" تحذر من مفاهيم خاطئة تقود إلى قرارات تقاعدية غير آمنة... المزيد
  • 01:48 . إندونيسيا تشدد الإجراءات الأمنية بعد احتجاجات دامية... المزيد
  • 12:02 . 622 قتيلا في زلزال ضرب جنوب شرق أفغانستان... المزيد
  • 12:01 . المدارس الحكومية تطبق منظومة مؤشرات السلوك المتميّز بين الطلبة... المزيد
  • 12:01 . اجتماع وزاري خليجي في الكويت اليوم يتبعه لقاء مشترك مع اليابان... المزيد
  • 12:00 . الحوثيون يستهدفون سفينة نفط إسرائيلية شمال البحر الأحمر... المزيد

أما ما ينفع الناس.. فيبقى!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 18-11-2016

أقرأ رسائل انطونيو غرامشي، تلك الرسائل التي كتبها من سجنه وتحت تعذيب سجانيه، وأتساءل كيف يمكن لمن يعيش تلك الظروف أن يكتب كل هذا الفكر وبكل هذا الحنين والعذوبة ؟

انطونيو غرامشي، مفكر إيطالي انتمى للجهة المناهضة للنظام الفاشي الذي حكم إيطاليا ضمن موجة المد الديكتاتوري التي سادت أوروبا في الثلاثينيات، فأمر موسليني بسجنه عشرين عاماً، نُشر مؤخراً الجزء الأول من مذكراته التي كتبها فترة سجنه التي دامت 11 عاماً، وانتهت به إلى مصحة علاج خاصة، مات فيها بسبب نزيف في المخ جراء التعذيب، هذا المفكر الذي لم يعش طويلاً (1891-1937)، ترك للعالم مشروعاً فكرياً كبيراً وضعه في 3000 صفحة دونها بخط يده عرفت بكراسات السجن، تنقلت معه من سجن إلى سجن.

كراسات غرامشي إلى أمه وأصدقائه وأسرته، بقيت شاهدة على عصر لا يمكن محوها، لقد قاوم السجن بذكرياته وبذاكرته وحدها، ما ذكرني بكاتب الأوروغواي الشهير أدواردو غاليانو الذي كتب «الحكواتية يبحثون في الآثار عن الذاكرة المفقودة، عن الحب والألم، وهي آثار لا ترى، لكنها لا تمحى».

إن العالم بحاجة ماسة لمفكرين يضيئون له الطريق نحو القيم الإنسانية الراسخة، لقد انتقد غرامشي الهيمنة الرأسمالية كما هاجم ستالين، لكن رسائله إلى أمه وأسرته تذكرنا بكل المستنيرين الذين يرون الخطر فينبهون له قبل غيرهم، أولئك الذين يطلقون صرخة زرقاء اليمامة.

لم يتوافر لغرامشي في زنزانته أي نوع من الرفاهية والراحة والوثائق ليكتب مشروعاً فكرياً موثقاً متماسكاً كما يجب، ومع ذلك فقد اعتمد على ذاكرته وحدها، في ترميم أفكاره، وظل يكتب بلا توقف فأنجز ثلاثة آلاف صفحة بخط يده، تناول فيها موضوع الإصلاح ودور المثقفين وأفكار ميكيافيللي والأدب والمجتمع، كما تحدث عن عصر النهضة ودانتي والمجتمع المدني، كان يكتب ليقاوم الموت، وكان يكتب ليتواصل مع أمه وأصدقائه ليشعر بأنهم معه دائماً، وكان يكتب لأنه يؤمن بأن هذه هي وظيفته كمثقف في الحياة: التنوير.

في تاريخنا الإسلامي عانى الإمام ابن حنبل محنة السجن ومن سجنه كتب أيضاً. وكان يقول أتاح لي السجن أن أكتب ما لم أكتبه خارجه، هؤلاء الذين يحولون المحن إلى فرص عظيمة، مصرين على القيام بما يتوجب عليهم.

تعيش الأمة العربية اليوم محنة وجود كبرى وتحتاج إلى كل المستنيرين وأصحاب الهمم لأن يروجوا ويدعوا لعقيدة التسامح، فبالتسامح فقط يمكننا عبور هذا النفق المظلم، وبالبصيرة فقط يمكننا استدراك حجم الخطر المتربص بنا.