أحدث الأخبار
  • 07:48 . كيف جاءت سياسة أبوظبي الخارجية بنتائج عكسية في سوريا والسودان؟... المزيد
  • 06:38 . نتنياهو: تعديلات حماس على مقترح وقف إطلاق النار “غير مقبولة”... المزيد
  • 05:37 . مباحثات سعودية مصرية حول جهود وقف إطلاق النار في غزة ومنع التصعيد بين إيران و"إسرائيل"... المزيد
  • 02:02 . تصعيد دبلوماسي جديد.. الخرطوم تتهم أبوظبي بتوفير غطاء دولي لجرائم الدعم السريع... المزيد
  • 12:01 . جبل الحبن بالفجيرة يسجل أدنى درجة حرارة في الدولة... المزيد
  • 11:50 . "التربية" تضع آليات مرنة لتصديق الشهادات الدراسية لطلبة الثاني عشر... المزيد
  • 11:47 . بريطانيا تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا بعد قطيعة دامت 14 عاماً... المزيد
  • 11:39 . الاحتلال الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن ويفعّل صفارات الإنذار... المزيد
  • 11:22 . إيلون ماسك يعلن تأسيس "حزب أمريكا" ويعد بكسر احتكار الحزبين... المزيد
  • 06:37 . دبي تعتمد بطاقة الرسوم المدرسية للعام الأكاديمي 2025–2026... المزيد
  • 05:48 . 24 قتيلا على الأقل وأكثر من 20 مفقودة بسبب فيضانات في تكساس... المزيد
  • 05:46 . محمد بن راشد: مليار وجبة وصلت إلى 65 دولة وخطة لمضاعفة العطاء العام المقبل... المزيد
  • 11:24 . قرقاش: الحروب تحاصر المنطقة والحل في الحوار الإقليمي... المزيد
  • 11:16 . وزير الخارجية السعودي: نعمل على تحديد موعد إطلاق مؤتمر “إقامة دولة فلسطينية”... المزيد
  • 11:06 . إعلام عبري: تل أبيب تلقّت رد حماس بشأن الهدنة في غزة وتوقعات باتفاق وشيك هذا الأسبوع... المزيد
  • 01:32 . وكالة الطاقة الذرية تعلن مغادرة فريق من مفتشيها إيران... المزيد

«التسامح» مفردة أخرى في قاموس النفاق

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 18-01-2017


حدّث سهم بن كنانة، قال:
حصل في أواسط القرن الخامس عشر أن دعا عربٌ من أرباب المصالح، إلى إشاعة مفهوم التسامح، وما أسموه «تقبّل حق الآخر في الاختلاف»، أملاً في التعايش والائتلاف، وقد نقل هؤلاء هذا المفهوم، عن بعض فلاسفة الروم، ممّن ضاقوا ذرعاً بالهيمنة الدينيّة، وطغيان السلطة البابويّة، وما حدث في أوروبا من حروب، وما عصف بأهلها من كروب، فدعوا إلى احترام حقوق غير الكاثوليك، والنظر إليهم بوصفهم الرديف والشريك، وإلى التساهل مع المختلفين في العقيدة، مهما تكن الاختلافات شديدة، ثم إعلاء شأن العقل، وتهميش ما جاء في النّقل، بل الكفّ عن التقديس والمجاملة، ووضع المسلّمات الدينية موضع المساءلة، فالعقل في زعم «فلاسفة التنوير»، هو المرجع الأول والأخير، والديانات بطبيعتها مغلقة، وأصحابها يدّعون امتلاك الحقيقة المطلقة، فلا بدّ من إقصاء عوامل الفرقة، وإعطاء كل ذي حقّ حقّه، بصرف النظر عن لونه أو ملامحه، أو عمّا يعتقده بين جوانحه، فالعقل هو الذي يصوغ الأفكار، لا الكتب المقدّسة ولا الأحبار، هكذا نشأ «التسامح» وشاع، ثم اتّسع بعد ذلك أيّما اتّساع.
قال سهم بن كنانة: وتجاوز مفهوم التسامح الدّين إلى السياسة، وارتبط بحقّ الاختلاف بين الساسة، بل أصبح قريناً للمدنيّة، وجزءاً من الحقوق الإنسانيّة، ولازمةً من لوازم الثقافة، ونقيضاً للجهل والخرافة، ودخل في تعريف «دولة المواطنة»، التي لا تمييز بين أبنائها ولا مباينة، فكلّهم أمام القانون سواسية، ويعبّر عن رأيه علانية، واتسّع «التسامح» ليشمل الحوار بين الحضارات، استناداً إلى ثراء التنوّع البشري عبر القارّات، فيسود النقاش بالألسن، والجدال بالتي هي أحسن، بعيداً عن البغي والعسكرة، وغيرهما من الأمور المُنكَرة، حتى لا تطغى فئة على أخرى، ولا تظنّ أمّة أنّها بالتفوّق أحرى، فيحلّ الوئام واللطف، ولا يبقى سببٌ للعنف.
قال سهم بن كنانة: والتسامح يعني التساهل، واحترام حق الآخر أو المقابل، وتغليب القواسم الجامعة، عبر المفاوضات البارعة، والسعي إلى ردم كلّ فجوة، مع الابتعاد عن فرض الرأي بالقوّة، و تمكين الأقليّة من التعبير، وممارسة حقّها في التغيير، و»تحمّل» الاختلاف السياسي، حتى لو كان على المنصب الرئاسي، ونقيض التسامح هو التعصّب، والانقضاض على الشرعيّة بالتغلّب، والعدوان على فئة واحترام أخرى، ثم ادّعاء التسامح بغياً وعُهرا، وكم قد أساء أقوام إلى»التسامح»، إذ تغنّوا به وهم يرتكبون المذابح، أو أعلنوه على أنقاض أُمم، من دون حياءٍ ولا ألم.
قال سهم بن كنانة: وعلى الواحد منا أن يحترس، من كلّ مصطلح ملتبس، فالتسامح يصبح خارج السياق، إذا انفصل عن مكارم الأخلاق، والعدل في هذه الدنيا أساس، ومن دونه يختلّ القياس، ولا ريب أن تسامحاً من غير عدل، مردّه إلى ضياع وذل، وقد دخل «التسامح» قاموس النفاق، وتاجر به شُذّاذ الآفاق، فضيّق أقوام يدّعون الإسلام على المساجد، وفتحوا للبوذيين والهندوس المعابد، وسفكوا دماء الرُكّع السُّجود، ثم أبدوا مودّتهم لليهود، وحاربوا بزعمهم الإرهاب، وهم يغذّونه من وراء حجاب، وأعلنوا احترام أتباع كلّ دين، إلا من اختلفوا معهم من المسلمين، ومارسوا عقيدة التصهين، وقالوا في دين الله بلا تبيّن.
قال سهم بن كنانة: ولا ريب أن الإسلام قد سبق فولتير، في الدعوة إلى التسامح مع الغير، فقد قال ربّ العالمين: «لا إكراه في الدين»، وقال: «ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعاً، أفأنت تُكرِهُ النّاس حتى يكونوا مؤمنين»، كما جاء في الكتاب المُبين، «وما على الرّسول إلا البلاغ المُبين»، وقال الشافعي: «رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب»، فالتسامح نقيض الاستبداد، وعنوان تنوّع لا تضاد، وقد جاء الإسلام بالشورى والاجتهاد، فكانت تعاليمه رحمةً للعباد، لكنّ الإسلام مستقيم غير مُعوَج، ويرفض الخطاب المزدوج، فلا يقبل تسامح أهل النفاق، الناظرين بعين حقد وعين إشفاق.;