أحدث الأخبار
  • 09:27 . هل تذهب أبوظبي فعلاً إلى قطع علاقاتها مع الاحتلال إذا مضى في ضم الضفة الغربية؟... المزيد
  • 09:23 . الإمارات وقطر توقعان مذكرة تفاهم للتعاون بمجالات العمل وتنمية الموارد البشرية... المزيد
  • 09:22 . رئيس الدولة وسلطان عُمان يؤكدان دعم الشعب الفلسطيني وحل الدولتين... المزيد
  • 06:52 . مباحثات أوروبية ـ إيرانية في الدوحة حول البرنامج النووي قبل إعادة فرض العقوبات... المزيد
  • 06:52 . حماس: مجرم الحرب نتنياهو يصر على إفشال جهود الوسطاء... المزيد
  • 06:50 . "رويترز": ترامب يعتزم السماح بصفقة بيع 100 طائرة مسيّرة متطورة إلى السعودية... المزيد
  • 06:50 . قطر والاتحاد الأوروبي يبحثان في الدوحة مستجدات غزة والقضايا الإقليمية المشتركة... المزيد
  • 12:21 . متعاملون يشكون تأخير إصدار "براءة الذمة" وخبراء يقترحون منصة موحدة... المزيد
  • 12:15 . روسيا تعلن دفع تعويضات بشأن الطائرة الأذربيجانية المنكوبة... المزيد
  • 11:03 . الأبيض يقلب الطاولة على "نسور قاسيون" بثلاثية ودية مثيرة... المزيد
  • 11:02 . ردا على العرض العسكري الصين .. ترمب يغير اسم "وزارة الدفاع" الأمريكية إلى "وزارة الحرب"... المزيد
  • 11:00 . إطلاق برنامج وطني للفحص الصحي وتطعيمات الطلبة في المدارس الحكومية... المزيد
  • 10:37 . نفوذ إماراتي يثير جدلاً باليمن.. منح دراسية خارج الأطر الرسمية واحتجاجات في سقطرى... المزيد
  • 10:04 . اتحاد دولي: الإمارات إحدى أسوأ دول العالم تخلياً عن البحارة... المزيد
  • 05:23 . الحوثيون يعلنون تنفيذ عملية نوعية استهدفت مطار بن غوريون... المزيد
  • 05:18 . ترامب يلوح بمعاقبة روسيا وبوتين يدعو زيلينسكي للقائه بموسكو... المزيد

الموصل: الموت على أيدي «المحرِّرين»!

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 29-03-2017


كنّا نعرف أنّ «تحرير» الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، من قبضة تنظيم داعش سيكون دامياً، وكنّا نترقّب فقط مشاهد القتل الجماعي لأهل تلك المدينة بحجة تحريرهم من الإرهاب. لكن لم نكن نتوقع أنّ المجازرستثير في أذهاننا المقارنة بالمصيرالمروّع الذي آلت إليه شقيقتها مدينة حلب السوريّة. المذابح الأخيرة التي رأينا صورها في حيّ موصل الجديدة غرب المدينة ليست الأولى، ولكنها ما ظهر أمام الكاميرات فقط. أكثر من 500 من المدنيين قُتلوا وهم في بيوتهم إثر قصف أميركي في 17 مارس، وثمّة ألفا مواطن آخرون تحت الأنقاض لم تُنتشل جثثهم بعد.
وبينما تستمرالمذبحة، تستمرالدعاية المألوفة لتسويقها: مسلّحو «داعش» يختبئون في المناطق السكنيّة، ويتترّسون بالمدنيّين. 
تُدار الدعاية من أعلى قمّة الهرم في العراق، حيث صرّح رئيس النظام، فؤاد معصوم، أنّ «ما يحصل في الموصل كارثة إنسانيّة» وأنّ وقوع قتلى من المدنيّين ليس إلا «ضريبة محاربة التنظيم الإرهابي الذي يتّخذ المدنيين دروعاً بشريّة»، لكنّ ذلك غير مقصود، بحسب تعبيره، وتفرضه «طبيعة القتال». تتوارى اللغة الطبيعية، وتبدو اللغة المتوحشة الرديف: قتلناهم وسنقتلهم، ولن نعدم مبرّرات في الحالين.
 رئيس وزراء النظام، حيدر العبادي، أعلن فتح «تحقيق» في المجزرة زاعماً أنّ «صيحات استهداف المدنيّين هدفها إنقاذ الدواعش في اللحظات الأخيرة». لجنة التحقيق في المذبحة تكتيك دعائي لتدارك الضرر، والتشكيك في نزاهة منتقديها تكتيك آخر من نوع «قابل الصياح بالصياح تسلم». سلمان الجميلي، وزير تخطيط النظام، ومن عائلة سنيّة، فعل ما هو أبشع، فقد سأله مراسل قناة «رووداو» العراقية عن جثث أهل السنّة في الموصل التي ما تزال تحت الركام، فأجاب: «ليس هذا وقت السؤال الآن»، وابتعد عن المراسل كأنّما يريد الهرب من عاره.
فظاعات الموصل تنذر بما هوأسوأ. في سعي إلى نصر حاسم، «وسّعت» الإدارة الأميركية الجديدة قواعد الاشتباك سامحةً بضرب مناطق مدنيّة، ما سيجعل الآلاف من الأبرياء يدفعون الثمن. ما الفرق إذن بين التوحش الروسي في حلب والتوحش الأميركي في الموصل؟ كيف اختلف الخطاب الغربي تجاه العدوان الأجنبي على مدينتين من أكبر مدن المشرق وأقدمها؟ عشيّة سقوط حلب، أعلنت صحيفة «النيويورك تايمز» أنّ سفّاحي موسكو وطهران ودمشق هم «مدمّرو حلب» منتقدةً بشدّة القصف العشوائي المكثّف للأحياء السكنيّة. سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، سامناثا باور، ذهبت أبعد من ذلك مقارنةً سقوط حلب بالإبادة الرواندية، وبمجزرة سربرنتسا. صحيح. تعرّضت حلب لحصار وحشي على مدى سنوات تخلّله قصف مستمر بالبراميل المتفجّرة والقنابل الكيميائية للبيوت والمدارس والمساجد والمستشفيات، مصحوب بقطع تام للمساعدات الإنسانية عن شرقي المدينة، لكن ماذا عن الموصل؟
تبدو المذبحتان متشابهتين. الميليشيات الشيعية العابرة للحدود التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في حلب ترتكب، هي نفسها تقريباً، جرائم في محيط الموصل: «بدر»، «النجباء»، حزب الله»، هي فقط أبرز الأسماء. الإعدامات الجماعية المدفوعة بأحقاد طائفية في شرق حلب تجري على قدم وساق في أوساط الهاربين من جحيم الموصل. قصف الروس لحلب لا يختلف عن قصف الأميركيين للموصل الذي طاول أيضاً المواقع المدنيّة والبُنى التحتيّة. في مثال واحد، ضربت طائرات أميركية مركز نينوى الإعلامي ما أسفر عن مقتل 50 مدنيّاً. 
طائرات الأباتشي الأميركية قصفت بالتعاون مع قوّات نظام العبادي بنايات سكنيّة في حي الدواسة، الأمرالذي أدّى إلى مقتل 130 مدنيّاً. قوات «التحالف» استخدمت أيضاً سلاحاً كيميائياً (الفوسفور الأبيض الذي يحرق اللحم الآدمي حتى العظم). 
موقع «أيروورز» قال إن الهجمات الأميركية على الموصل زادت بنسبة 33% خلال شهر كانون الثاني (يناير)، وإنّ أعداد الضحايا المدنيين بلغت مستوى قياسياً «بما في ذلك عائلات بأكملها». في الأسبوع الأول من شهرمارس قتل «التحالف» 370 مدنياً بينهم كثير من الأطفال. سقوط الموصل لن يختلف كثيراً عن سقوط حلب، لكن من دون إدانات ولا مقارنات.
ربما ينزاح قريباً كابوس «داعش» عن صدور الموصليين، لكن من بقي منهم حيّاً لن يحتفلوا بتحرير على أنقاض بيوتهم وأشلاء أحبّائهم، وسيتذكّرون دائماً وجوه القتلة وأسماءهم.;