أحدث الأخبار
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد
  • 06:35 . "معرفة دبي" تعلق عمليات التقييم والرقابة بالمدارس الخاصة للعام الدراسي القادم... المزيد
  • 12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد

ضربة ترمب

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 11-04-2017


قامت الدنيا ولم تقعد على إثر الضربة المحدودة التي وجهتها الولايات المتحدة الأميركية إلى قاعدة جوية سورية، هذه الضربة وكما أعلنت الولايات المتحدة كانت رداً على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية في هجومه الوحشي على خان شيخون، فور انتهاء القصف تخندق كل طرف في موقفه، مناوئو نظام دمشق رحبوا بالضربة، وطالبوا بإجراءات إضافية، تركيا مثلاً استغلت الفرصة للمطالبة بحظر جوي كامل، والتأكيد على عدم فاعلية هكذا ضربات إن لم تكن في إطار عملية شاملة للإطاحة بالأسد، مجلس التعاون الخليجي طالب بالمزيد لكبح جماح وحشية الأسد، أنصار النظام السوري انبروا دفاعاً عنه، روسيا حركت قطعاً بحرية نحو المتوسط، واعتبرت الضربة انتهاكاً للاتفاقيات المبرمة حيال سوريا، إيران اعتبرتها اعتداءً سافراً على سيادة سوريا، وكأن السيادة السورية بقي منها شيء، وهكذا، ولكن كيف تفهم هذه الضربة في سياق الموقف الكلي من الأزمة السورية؟
فور انتهاء الضربات بدأ الموقف الأميركي يتعقد، ترمب كان أشار سابقاً إلى الأسد باعتباره رئيساً غير مقبول، ولكنه قادر على فرض حالة من الاستقرار، في إشارة إلى قبول ضمني بالأسد شريطة أن يكبح جماح الحركات المسلحة على أرضه، هذا الموقف تذبذب منذ تولي ترمب الرئاسة، وبعد الضربة خرجت علينا مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة بخطاب ناري مفاده أن الأسد لا مكان له في أي حل مستقبلي، وأن رحيله غدا مطلباً لواشنطن وعلى رأس أولوياتها، في اليوم التالي وفي مقابلة متلفزة أخذ وزير الخارجية الأميركي خطاً مخالفاً مؤكداً على أن الضربة جاءت رداً على استخدام السلاح الكيماوي، وأنها تمت بالتنسيق مع روسيا، وأنها انتهت ولن تكون في إطار حملة أوسع، وختم كلامه بتحديد أن هذه الضربة هي «رسالة» للأسد لا غير ليتوقف عن استخدام السلاح الكيماوي، تطورات الأحداث، أو على وجه أدق عدم حدوث تطورات، يشير إلى أن المطلب من هذه الضربات تحقق ولم يكن إلا في إطار دعاية سياسية للاستهلاك المحلي.
قبل الضربات بأيام كانت إدارة ترمب تعيش حالة كبيرة من التوتر ناتجة عن الفشل في تمرير العديد من التشريعات التي تحقق وعوداً انتخابية رئيسية قدمها ترمب لقواعده خلال حملته الانتخابية التي أوصلته للبيت الأبيض، وتفاقم ذلك إلى حد تفاقم الصراع بين قطبي القوة في إدارة ترمب، مستشاره الأهم ستيف بانون وصهره جاريد كوشنر، هذا الصراع أدى إلى الإطاحة ببانون من عضوية مجلس الأمن القومي، وفي تسريب من مكتبه نقل عن ترمب أنه وبخ مستشاره ومدير مكتبه ووجههما إلى «حل الموضوع» مع جناح صهره، كما أن التحقيقات في علاقة أطراف مختلفة من فريق ترمب مع روسيا مستمر، ولا يكاد يمر يوم دون أن يتكشف جزء جديد من صورة هذه الفضيحة الضخمة، وفي إطار هذا كله وجه ترمب سلاح البحرية إلى استهداف قاعدة سورية بتسعة وخمسين صاروخ توماهوك.
هذه الضربة تخدم ترمب وفريقه على أكثر من صعيد، أولاً تساهم الضربة في صناعة صورة الرئيس القوي الذي يسعى ترمب إلى التأكيد عليها، كما تطهر شيئاً من مخلفات فضيحة العلاقات مع روسيا باعتبارها الحليف الأقوى للأسد، كما أنها تصرف النظر إعلامياً عن الأخبار السيئة اليومية التي تسيء لترمب وفريقه نتيجة فشلهم في تحقيق وعوده، أو المضي قدماً في مشروعه على الصعيد المحلي، وفي الوقت نفسه يسهل استيعاب آثار هذه الضربة، العلاقة مع روسيا لن تتأثر كثيراً حيث تم إطلاع الروس على الضربة قبل حدوثها، وحرص الأميركيون على ألا يسقط روسي واحد ضحية لها، الاقتصاد الأميركي بوسعه تحمل بضعة صواريخ توماهوك، خاصة أنها لن تفرز حراكاً إضافياً، وعلى الساحة الدولية تشتري الضربة لترمب «أملاً كاذباً» لدى الدول التي تطمح في دور أكبر للولايات المتحدة في فوضى المنطقة يوفر لها ورقة تفاوض في ملفات أخرى، وخاصة الاقتصادية منها.
خلال الأيام القادمة سيظل الموقف الأميركي مضطرباً، فإدارة ترمب ليست محترفة في فرض خط واحد من التصريحات على منتسبيها، ولكن الحقيقة ستفرض نفسها، لن تزيد الولايات المتحدة عن بعض التصريحات، وربما بعض التحركات الشكلية هنا وهناك، التغيير الوحيد على الأرض ربما يكون من خلال تخفيف الولايات المتحدة من قيودها على حلفائها في دعم الثوار، وهذا من باب استثمار أثر الضربة وتعزيز الموقف الأميركي عالمياً، ولكن المؤشرات لا تدل على تغير حقيقي في الموقف من الأزمة السورية، الثوار بطبيعة الحال سيستثمرون الضربة معنوياً، وربما يحققون نتيجة لها بعض المكاسب، الأتراك لا شك سيحاولون إقناع إدارة ترمب بالمضي قدماً ومباركة حظر جوي ولو جزئي، ولكن من الصعب تخيل حدوث ذلك حسب المعطيات الراهنة، الحالة السورية تزداد تعقيداً كل يوم، وضربة ترمب هذه حاجب من الدخان يزيد الرؤية ضبابية.;