أحدث الأخبار
  • 01:13 . "الأرصاد": ارتفاع في درجات الحرارة والرطوبة خلال يوليو وتأثيرات جوية متقلبة... المزيد
  • 11:31 . اتفاقيات استراتيجية بين شركات سعودية وإندونيسية بـ27 مليار دولار... المزيد
  • 11:25 . محمد بن زايد ورئيس وزراء اليونان يبحثان التطورات الإقليمية وسبل تعزيز الأمن والسلام... المزيد
  • 11:23 . "الأوراق المالية" تحذر من التعامل مع شركات وهمية... المزيد
  • 11:21 . "التربية": لا استثناءات للسفر أو المرض المؤقت يمنحان الطالب حق أداء الاختبارات "عن بعد"... المزيد
  • 11:16 . تحقيق: متعاقدون أميركيون يطلقون النار ويستخدمون قنابل صوتية ضد فلسطينيين خلال توزيع مساعدات بغزة... المزيد
  • 11:09 . إعلام عبري: السعودية تدخلت لإسقاط مسيّرات وصواريخ إيرانية كانت في طريقها نحو "إسرائيل"... المزيد
  • 11:36 . الرئيس الإيراني يقر بدء تنفيذ قانون تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية... المزيد
  • 11:34 . "رويترز": إيران استعدت لتلغيم مضيق هرمز أثناء الهجوم الإسرائيلي... المزيد
  • 11:31 . قرقاش: تواصلنا مع البرهان وحميدتي بطلب أممي لتفادي الحرب في السودان... المزيد
  • 11:22 . رئيس الدولة يجري مباحثات هاتفية مع رئيسي كوريا الجنوبية ونيجيريا لتعزيز التعاون الثنائي... المزيد
  • 11:00 . الاتحاد الأوروبي يعرض تسهيل استئناف المفاوضات النووية مع إيران... المزيد
  • 10:56 . أربع وفيات ومفقودون في انقلاب بارجة سعودية بخليج السويس... المزيد
  • 10:54 . فرنسا تسلم السنغال قاعدة عسكرية في إطار انسحاب قواتها من البلاد... المزيد
  • 07:14 . منظمة حقوقية: أحكام المؤبد الجديدة تجسد وحشية أبوظبي ضد معتقلي الرأي... المزيد
  • 05:28 . "نيويورك تايمز": منصور بن زايد يقود أدواراً سرية ومؤثرة في حروب المنطقة بعيداً عن أضواء الرياضة... المزيد

شروط تمكين الشباب العربي

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 01-12-2017

في أيامنا الحالية كثر تداول كلمة «تمكين». هناك على سبيل المثال نداءات لتمكين المرأة وتمكين المثقف وتمكين الشباب. في الغالب تبقى تلك الكلمة شعارا سياسيا غير متحقق في الواقع، يتلاعب به السياسيون للتأكيد على اهتمامهم بهذه الفئة أو تلك، ولكسب رضى وقبول أفراد هذه الفئات.
دعنا نأخذ مثال شعار «تمكين الشباب العربي» الذي طرح من قبل العديد من دول الوطن العربي في ما سمي باستراتيجيات 2030 كاستجابة لما طرحه زعماء العالم في ساحات هيئة الأمم المتحدة في عام 2015، تحت مسمى «خطة التنمية المستدامة لعام 2030 «.
بالنسبة للمنطقة العربية أصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2016 تقريرا متميزا عن هذا الموضوع: موضوع «تمكين» الشباب العربي من الانخراط في عملية التنمية المستدامة، من خلال تعزيز قدراتهم، وتوسيع نطاق وعدالة الفرص المتاحة لهم، وذلك من أجل أن يصبحوا أحد العوامل الحاسمة في عمليات التغيير. إذن نحن أمام هدف نبيل، لكن هل يمكن تحقيقه من دون وجود إرادة سياسية وطنية صادقة لتنفيذ كل متطلبات تحقيق ذلك الهدف؟ ذلك أن تلك المتطلبات ستصطدم مباشرة مع مصالح البعض، ومع أعراف بنيت عبر القرون، ومع مراجعة للأولويات في صرف الميزانيات، ومع بعض مسلمات العولمة الرأسمالية المتبناة من قبل الكثيرين.
لندخل في تفاصيل متطلبين أساسيين تحتاجهما عملية «تمكين» الشباب العربي تلك. فالتمكين يحتاج إلى خامة بشرية شبابية معقولة، صالحة للتمكين المفيد الفاعل، وهو يحتاج لظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية، تسمح بنجاح عملية التمكين الصحيحة غير المشرشة وغير الكاذبة التلفيقية.
بالنسبة للخامة هناك ثلاثة عوائق حياتية تجعلها خامة غير متمتعة باللياقة المطلوبة. فأولا، أن أغلب الشباب العربي، إما أميون، بسبب الإهمال التاريخي المستعصي لموضوع محو الأمية في أرض العرب، وإما حاصلون على تعليم محدود مثقل بألف عيب وعيب، ولا يمت بأية صلة لمتطلبات واقع العمل والوظائف في أرض العرب ولا لإملاءات الحياة العصرية الحديثة.
وثانيا، فإن أغلب أفراد الخامة يحملون ثقافة مسطحة ومتخلفة، مشوشة بالنسبة للدين والعلاقات الاجتماعية والأيديولوجيات السياسية، ومتأثرة حتى النخاع بثقافة العولمة الداعية للفردية المفرطة وللاستهلاك النهم وللتنافس المجنون وللضياع في جنون ما يسمى بالخيارات التي لا حدود لها.
وثالثا، فإن أغلب أفراد الخامة مصابون باليأس والقنوط وفقدان الأمل بالمستقبل والشك المبرر في كفاءة مختلف القيادات المجتمعية، وذلك من جراء فواجع البطالة والفقر والتهميش وجنون الصراعات العبثية، التي لا تنتهي في طول وعرض بلاد العرب.
ذاك بالنسبة للخامة التي يراد تمكينها، فماذا عن الظروف السيئة التي ستجعل من عملية التمكين حرثا في أرض يباب، وذرا للرماد في العيون؟
فأولا، لن تنجح عملية التمكين بوجود اقتصاد ريعي يقوم على توزيع الثروة من خلال ولاءات انتهازية استزلامية، أو ولاءات قبلية أو طائفية أو حزبية أو أمنية. فالاقتصاد الريعي غير الإنتاجي لا ولن يحتاج لشباب ينخرط في العملية التنموية، خصوصا إذا كان اقتصادا ينخره الفساد، ولا يخضع لمراقبة شفافة مستقلة.
وثانيا، لا يمكن الحديث عن تمكين الشباب في مجتمعات بلعتها سلطة الدولة في جوفها، وحرمت مؤسساتها من الاستقلالية وحرية المعارضة المعقولة لأية تجاوزات من خلال تجمعات مدنية من مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات المهنية والإعلامية والثقافية. وبالتالي فغياب مستوى معقول من الحياة الديمقراطية، بسلطاتها المستقلة المتعاونة مع بعضها بعضا، برقابتها القانونية والإعلامية الضرورية، بقضائها العادل، سيجعل من التمكين تدريب جنود بلا سلاح أو ذخيرة.
وثالثا، ستفشل عملية التمكين في مجتمع تتصارع فيه الهويات، ويفتقر إلى أدوات عقلانية علمية لحل الخلافات، ولإعلاء هوية المواطنة المتساوية المشتركة فوق كل هوية فرعية أخرى. وهذا بالطبع مرتبط بالقوانين العادلة وبالثقافة المتسامحة وبالمستوى الإنساني الرفيع لأفراد المجتمعات.
واضح أن إشكالية نوعية الخامة والظروف المجتمعية تعتمد مواجهتهما وحل إشكالاتهما على مقدار الرغبة الصادقة لدى سلطات الدولة في بلاد العرب، والسؤال: هل سلطة الدولة العربية مهيئة وعلى استعداد لأن تقوم بتلك المهمات الإصلاحية التي بدونها لا يمكن الحديث عن تمكين شباب الأمة؟ أثبتت سيرورة ثورات وحراكات الربيع العربي عبر الوطن العربي كله أن الجواب هو النفي القاطع.
قرارات زعماء العالم الرغائبية من فوق منصات قاعات هيئة الأمم المتحدة، والإعلان عن استراتيجيات التنمية الوطنية لهذا القطر العربي أو ذاك، لن يكونا كافيين، بل وسيبقيان حبرا على ورق ما لم يرتبطان بتغييرات كبرى في مقومات حياة المجتمعات العربية، وهذا سيعتمد على مقدار ما يبذله شباب العرب أنفسهم من جهد ونضالات سياسية مريرة، وانخراط جدي في المؤسسات المدنية العربية الفاعلة لتحقيق تلك التغييرات. في المحصلة إنها حلقة تبدأ بالشباب العربي لتنتهي بالشباب العربي.