أحدث الأخبار
  • 12:18 . هجوم جديد بطائرة مسيّرة على أسطول الصمود قبالة تونس... المزيد
  • 12:02 . بعد قصف الدوحة.. تساؤلات حول إصرار أبوظبي على التطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 11:58 . رابطة إماراتية: العدوان على قطر يفضح خطورة التطبيع ويدعو للانسحاب من الاتفاقيات... المزيد
  • 11:56 . ترامب يقول إن الهجوم على قطر قرار "نتنياهو ولن يتكرر مجددا"... المزيد
  • 11:35 . موجة إدانات عربية وإسلامية ودولية واسعة للهجوم الإسرائيلي على الدوحة... المزيد
  • 11:30 . إيران تعلن التوصل مع الوكالة الذرية إلى تفاهم جديد بشأن استئناف التعاون... المزيد
  • 11:28 . الجيش الأميركي ينفي ضلوعه في الهجوم الإسرائيلي على قطر... المزيد
  • 11:13 . خلف الحبتور يزور دمشق ويعلن استعداده للاستثمار في مشاريع تنموية... المزيد
  • 11:03 . محمد بن راشد يعلن تعيين وزيرين جديدين في حكومة الإمارات... المزيد
  • 01:06 . قطر تنفي تلقيها بلاغاً مسبقاً بشأن الهجوم الإسرائيلي... المزيد
  • 11:10 . من البحر الأحمر إلى الإمارات.. كيف هزّ انقطاع الإنترنت الاقتصاد الرقمي؟... المزيد
  • 08:42 . الإمارات: الاعتداء الإسرائيلي السافر على قطر يجر المنطقة إلى مسارات خطيرة... المزيد
  • 06:06 . الاحتلال الإسرائيلي يستهدف مقار قادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة... المزيد
  • 12:19 . وزيرا خارجية الكويت ومصر يبحثان العلاقات والتطورات الإقليمية... المزيد
  • 12:15 . إثيوبيا تدشّن سد النهضة الضخم وسط خلاف متجدد مع مصر والسودان... المزيد
  • 12:07 . خالد بن محمد بن زايد يؤكد أهمية مجموعة "بريكس" في دعم التنمية الدولية... المزيد

مواجهة موضوع العلوم المهمل

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 16-02-2019

مواجهة موضوع العلوم المهمل | القدس العربي

عبر القرنين الماضيين طرح العديد من المفكرين العرب موضوع الإصلاح والتجديد كمدخل لخروج أمتهم من حقبة التخلف الحضاري التي وصلت إليها. لقد كانت الحصيلة تقدما نسبيا، ولكن ملموسا، في الأفكار والتنظيمات والإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
لكن بقي مجال واحد جامدا في تخلفه ومهملا إلى حدود الفجيعة، وهو مجال العلم، سواء على المستويين المعرفي والتطبيقي، أو بالنسبة للأفراد والمجتمعات. يكفي أن يتابع الإنسان البرامج التلفزيونية والإذاعية العربية، وأعداد الكتب العربية الصادرة سنويا في مجال العلوم، حتى يدرك مدى الإهمال الذي أصاب هذا المجال في الحياة العربية.
وأيضا يكفي أن يطلع الإنسان على المستويات المتدنية للطلبة العرب في امتحانات ومسابقات العلوم والرياضيات الدولية، حتى يدرك المكانة المتواضعة لمناهج وتعليم العلوم والرياضيات في مدارس وجامعات الوطن العربي. تلك الجهود المتواضعة في نشر الثقافة العلمية، وفي ندرة وفقر مراكز البحوث العلمية والتكنولوجية هي أحد أهم أسباب العجز العربي أمام العلم الحداثي. ذلك العجز يبدو جليا في غياب المنظومة المتكاملة المطلوبة لترسيخ العلوم وتطبيقاتها في المجال الاقتصادي، على سبيل المثال، حيث الحاجة لحلقات مترابطة من تعليم علمي جيد في المدارس والجامعات، ومن مراكز بحوث متعمقة مبدعة منتجة للمعرفة، ومن شركات تساهم في التمويل من جهة وتقلب نتاجات البحوث إلى إنتاج مادي ومعنوي يبني اقتصادا تنمويا مستمرا من جهة ثانية.

 يرافق ذلك شح معيب في مقدار ما تصرفه الدولة العربية من ناتج الدخل الوطني على الأبحاث، وهو مقدار ضئيل يضع العرب في آخر قائمة الدول في مجال البحوث. كل ذلك أدى إلى تهميش أهمية إنتاج العلوم وتطبيقاتها في عقل ووجدان الفرد العربي، وهو الأمر الذي يساهم في جعله يقبع على هوامش العصر الذي نعيش، عصر الإنجازات المبهرة في حقلي العلوم والتكنولوجيا بامتياز.

وبالطبع فعندما ينعدم التجذير والترسيخ للعلم، فكرا وادراكا وتطبيقا، في العقل والوجدان تصبح النشاطات الحياتية اليومية، على مستويات العائلة والعمل والعلاقات مع الآخرين والممارسة الدينية وغيرها، خاضعة للانفعالات والأساطير والأوهام، وبعيدة كل البعد عن استعمال المنطق والموضوعية وكل متطلبات العقلانية. ومع الأسف فإن تلك العلاقة الملتبسة مع العلوم الطبيعية البحتة والرياضية، لا يمكن إلا أن تعكس نفسها على التعامل مع العلوم الاجتماعية والإنسانية. 

هنا تتشابك هذه العلوم مع تاريخ تنخره ألف علة وعلة، ومع فقه ديني مازالت تهيمن عليه اجتهادات وتصورات أزمنة مختلفة عن أزمنتنا، ومع مسلمات اجتماعية ثقافية قبلية تنتج سلوكيات غير منطقية وغير متوازنة، ومع مشاعر بالدونية تقف مبهورة بالعلم وحضارة العلم، ولكن عاجزة عن الانخراط في إنتاجهما وفي تجديدهما. فلا غرابة ، إذن في أن يكون إنتاجنا في ساحات الفلسفة وشتى أشكال العلوم الاجتماعية والإنسانية، وفي الأدب والفنون محدودا أو تقليدا للغير.

 ولقد قادنا ذلك الفقر في ذلك الإنتاج إلى جعل أهم قضية في حياتنا الحالية، قضية التحديث والحداثة والعصرنة، قضية خلافات وصراعات، وقضية قبول ورفض. والسبب هو أن البعض يريدها حداثة غربية بحتة، بينما المنطق يفرض أن تكون حداثتنا حداثة عربية ذاتية تنطلق من واقعنا، ومن نظرتنا الكلية للعالم، وتراعي ثقافتنا وآمالنا المستقبيلة. وبالطبع فإن ذلك يجب على الإطلاق أن لا يتعارض مع الأخذ من والتفاعل مع حداثات الآخرين، سواء أكانت غربية أم كانت شرقية.
نحن نعلم أن ما نطالب به يحتاج إلى خروجنا أولا من الجحيم الذي تعيشه المجتمعات العربية حاليا، وأن إطفاء حرائق ذلك الجحيم له الأولوية القصوى. كما ندرك أيضا أن هناك متطلبات مجتمعية، مثل وجود نظام ديمقراطي معقول يكفل احترام الحريات المدنية والأكاديمية والبحثية، ومثل ضبط ضروري للشطط الديني المتخلف الذي مارسه البعض عبر القرون وتنقيح للولاءات الفرعية القبلية والمذهبية البعيدة كل البعد عن المنطق والعلم، لكننا نعتقد أن هناك أدوارا للحكومات والمؤسسات التربوية ومراكز البحوث والمفكرين والمثقفين يمكن أن تساهم في وضع المجتمعات العربية على العديد من الدروب التي ستودي إلى التوجه نحو حل معضلة المسألة التي طرحها الكثيرون ونطرحها في مقالنا هذا.
فتح أبواب قلاع العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية أمام العرب أمر معقد، لكنه غير مستحيل، خصوصا في عالمنا المتشابك والمتفاعل والمنفتح على بعضه البعض بصور لا حدود لها.