أحدث الأخبار
  • 05:29 . الإمارات "تلاحق العالم" عبر تدريس الذكاء الاصطناعي للأطفال من سن الرابعة... المزيد
  • 05:11 . حزب العمال الكردستاني يقرر حلّ نفسه بعد 40 عاماً من التمرد على تركيا... المزيد
  • 04:55 . القسام تقرر الإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي اليوم... المزيد
  • 12:50 . الشارقة.. مبادرة لجمع 2.6 مليون درهم دعماً لغزة... المزيد
  • 12:07 . نتنياهو يرفض الالتزام بأي وقف إطلاق نار مع حماس... المزيد
  • 11:58 . القمة الشرطية العالمية تنطلق غداً في دبي... المزيد
  • 02:32 . حماس تعتزم الإفراج عن أسير أميركي ووقف مؤقت لإطلاق النار... المزيد
  • 08:47 . محمد بن زايد والشرع يبحثان تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية... المزيد
  • 06:44 . كيف تخطط لرحلة الحج من الإمارات؟.. التصاريح والتطعيمات ومتطلبات السفر الرئيسية... المزيد
  • 06:32 . بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول... المزيد
  • 12:39 . بعد قطع العلاقات.. الإمارات تعفي السودانيين من غرامات تصاريح الإقامة... المزيد
  • 12:37 . "محكمة أبوظبي" ترفض مطالبة شاب باسترداد 90 ألف درهم من زميلته لغياب الإثبات... المزيد
  • 12:12 . السعودية وإيران تبحثان تعزيز التعاون ومستجدات الملف النووي... المزيد
  • 11:54 . "صحة أبوظبي" تكشف عن شبكة تزوير إجازات مرضية عبر "واتساب"... المزيد
  • 11:52 . باكستان والهند تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار... المزيد
  • 11:50 . سوريا.. احتراق أكثر من 30 هكتاراً بريف اللاذقية خلال 4 أيام... المزيد

التعددية هي مصدر القوة !!

الكـاتب : محمد علي الهرفي
تاريخ الخبر: 19-08-2014

نقرأ في القرآن الكريم قول الله عز وجل: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)، كما نقرأ - أيضا - قوله: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة)، وهناك آيات أخرى وردت في هذا المعنى، فالله سبحانه كان قادرا على جعل جميع خلقه يؤمنون بدين واحد أو مذهب واحد أو فكر سياسي واحد، ولكن إرادته اقتضت تبيين الحق لكل الناس ثم ترك لهم حرية اختيار ما يريدونه لأنفسهم بكامل إرادتهم وهم محاسبون على هذا الاختيار.
هذه القاعدة هي التي أوجدت التعددية في سائر المجتمعات البشرية، فهناك تعددية في الأديان، وهناك تعددية في المذاهب بين أبناء الدين الواحد، كما أن هناك تعددية فكرية وسياسية وهي التي تقود أصحابها إلى طريقة إدارة بلادهم وطريقة التعامل مع شعوبهم وشعوب الأمم الأخرى.
هذه التعددية وُجدت مع أول دولة إسلامية وهي دولة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فقد تجاور في المدينة المسلمون مع اليهود، كما أن نصارى نجران دخلوا ضمن الدولة الإسلامية الوليدة، ويحدثنا التاريخ كيف أن رسولنا الكريم كان يتعامل بالحسنى مع أتباع الديانات الأخرى؛ فقد سمح لوفد نصارى نجران بالصلاة في مسجده، كما كان يتصدق على فقراء اليهود، ومعروف أنه - عليه الصلاة والسلام - قام واقفا لجنازة مرت به، فقيل له: إنها جنازة يهودي فقال: أليست نفسا؟ وأيضا عندما توفيت أم الحارث بن أبي ربيعة وهي نصرانية شيعها صحابته الكرام.
أما الدولة الإسلامية بعد عهد الرسول الكريم فقد ضمت كل الأطياف وكل أصحاب الملل والنحل الصالح منها والفاسد، وقد تمتعوا في ظل هذه الدولة بكامل حرياتهم، ولولا هذه الحريات لما بقى النصارى واليهود في معظم البلاد التي حكمها المسلمون إلى اليوم، ولولا هذه الحريات - أيضا - لما بقي الهندوس في الهند وقد حكمها المسلمون عدة قرون، وكذلك غيرها من الديانات والملل الأخرى وكل ذلك يؤكد احترام المسلمين للحريات الدينية للآخرين وعدم إجبارهم على اعتناق الإسلام.
أدرك المسلمون في وقت مبكر من تاريخهم أن الاختلاف - مهما كان نوعه - يجب أن يُوظف لخدمة الدولة وبناء حضارتها وصناعة مستقبلها، كما فهموا - أيضا - أن تحقيق مصالحهم المشتركة لا يمكن أن تتحقق ما لم يتعاون كل أفراد المجتمع مهما كانت انتماءاتهم الدينية أو العرقية أو المذهبية، وهذا الفهم هو الذي ساعد على بناء الدولة الإسلامية في عصورها الزاهرة.
واليوم وقد أصبح حال المسلمين مؤسفا على معظم الصعد بسبب تفرقهم واختلافهم وتصارعهم وتفشي الجهل بينهم والأهم من هذا كله فقدانهم لمفهوم الاختلاف بينهم فبدلا من الاستفادة من هذا الاختلاف في تحقيق تنوع حضاري وفكري يقويهم جميعا جعلوه مصدرا كبيرا للاقتتال والتفرق وإساءة بعضهم للبعض الآخر فقدموا للآخرين صورة مشوهة عن دينهم استغلها أعداؤهم للإساءة لهم جميعا!!
لا أريد أن أضرب مثلا بدولة (داعش) التي دأبت على قتل المسلمين وقطع الرؤوس بطريقة همجية، وكذلك ملاحقة أصحاب الديانات الأخرى بالقتل أو الطرد من بلادهم بحجة عدم دفع الجزية!! فهذه دولة إلى زوال، ولكني أنظر إلى دول أخرى عربية وإسلامية فأرى فيها صراعا بين مكونات مجتمعها ما كان له أن يوجد أصلا لو أدرك هؤلاء قيمة التسامح والعدل والوفاء بالعهد الذي جاء به الإسلام وجعله جزءا من أساسياته!! وما كان له أن يوجد لو أدرك هؤلاء وأدركت قياداتهم السياسية والفكرية أن هذا الصراع قد يودي بهم جميعا وقد كان بإمكانهم أن يجعلوه مصدر قوة وعزة لهم جميعا!!
هناك صراع بين السنة والشيعة في العراق وفي البحرين وفي لبنان، ونراه وإن كان بشكل أقل في الكويت والسعودية وباكستان، وتختلف الأسباب المعلنة بين هذه الدولة أو تلك، وبغض النظر عن كل ما يقال فإن تحقيق العدالة بين الجميع أمر ممكن بل ولابد منه!! قد يقال: إن الشعوب هي المسؤولة عما يحدث وقد يقال إن الدول هي المسؤولة ولكني أعتقد أن الطرفين يشتركان في المسؤولية، وأعتقد أن هذا الصراع المقيت يجب أن يزول إذ لا مصلحة فيه إلا لأعداء المسلمين وهنا تبرز مسؤولية الدول أولا وثانيا وأخيرا.
وفي بعض بلادنا صراع من نوع آخر؛ فهناك صراع مقيت بين أصحاب التيارات الفكرية المنتمية لمذهب واحد وخذ على سبيل المثال ما نقرؤه ونسمعه عن الصراع بين: الإخوان المسلمين والسلفيين - الجهاديين والحركيين - وكذلك الصحويين والحركيين منهم - شخصيا لا أعرف معنى هذين المصطلحين حتى الآن فكل واحد يتحرك ويقف ويصحو وينام - هذا بالإضافة إلى التبليغيين والصوفية والوهابية والقبوريين والتحريريين إلى آخر القائمة وهي طويلة، ثم يأتي في القائمة: الليبراليون والعلمانيون ومن على شاكلتهم.
ولنا أن نتخيل كيف سيكون وضع المجتمع الذي يعيش فيه كل هؤلاء في ظل الصراع القائم بينهم؟ بعض هؤلاء وقف إلى جانب الصهاينة ضد المسلمين في غزة وكان الفرح عنوانهم كلما ازداد القتل بين الغزاويين!! وبعض هؤلاء وقف إلى جانب الصهاينة ضد حزب الله الذي قاتل الصهاينة عام ٢٠٠٦ م!! وقد تناسى هؤلاء أن الصهاينة هم من احتل فلسطين وهم من شرد وقتل أهلها وتذكروا فقط: خلافهم مع الشيعة أو الإخوان، وكأن آلاف القتلى والجرحى هم ممن يحملون حقدا أعمى عليهم!!
ونرى صراعا في مصر وفي العراق وفي لبنان بين مكونات مجتمعاتهم مات بسببه الكثيرون، وأجج أحقادا قد يصعب زوالها، وكل ذلك فتح طريقا لأعداء الأمة دخلوا معه لإضعافها من جهة وتحقيق مكاسب لهم على حسابها من جهة أخرى!!
الخلاف هو الوضع الطبيعي لكل المجتمعات البشرية، وكان الأجدر بمجتمعاتنا الإسلامية التي أعطى دينها للخلاف مساحة واسعة أن تستفيد منه في تطوير ذاتها ولكنها للأسف حولته إلى اختلاف مقيت فتك بها وأضعفها!! هذا الاختلاف إذا لم نجعله قوة لنا سيتحول إلى خنجر في ظهورنا!! ستنشأ بسببه تيارات عنف وإرهاب كما ستوجد جماعات تكفر بكل القيم والأعراف الإنسانية وسترتد إلى مجتمعاتها تفتك فيه وبكل الطرق المتاحة لها.
مازالت الفرص متاحة لترميم النفوس وتقليل الأحقاد ولم الشمل بين كل طوائف الأمة التي وصفها خالقها بأنها (أمة واحدة) فهل تطيع ربها وتصبح واحدة؟