أحدث الأخبار
  • 09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد
  • 09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد
  • 09:53 . بريطانيا: منع "إسرائيل" إدخال المساعدات لغزة "فضيحة أخلاقية"... المزيد
  • 06:25 . "هيئة الطيران" تصدر لائحة جديدة لإدارة الأزمات في المطارات... المزيد
  • 06:24 . رصد هلال آخر شهر صفر في سماء أبوظبي... المزيد
  • 11:50 . واشنطن تراجع أوضاع 55 مليون أجنبي يحملون تأشيرات دخول سارية... المزيد
  • 11:41 . نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية لإطلاق الأسرى ويعتمد خطة احتلال غزة... المزيد
  • 10:32 . التربية تعتمد مواعيد الدوام المدرسي للعام الدراسي الجديد... المزيد
  • 10:30 . اجتماع طارئ "للتعاون الإسلامي" الاثنين لبحث مواجهة احتلال غزة... المزيد
  • 10:29 . السعودية وأمريكا توقعان اتفاقية شراكة عسكرية جديدة... المزيد
  • 12:10 . ماكرون: فرنسا والسعودية تقودان مساراً ملزماً للاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 12:09 . الشرع يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري... المزيد
  • 11:34 . استطلاع: أغلبية الأمريكيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين ودعم المدنيين في غزة... المزيد
  • 10:50 . رغم مخالفته الشريعة وهوية الدولة.. تسجيل 43 ألف عقد "زواج مدني" في أبوظبي منذ 2021... المزيد
  • 10:48 . انخفاض درجات الحرارة وفرصة أمطار غداً في بعض المناطق... المزيد
  • 09:58 . قرقاش: الإمارات ثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين وأهالي غزة... المزيد

حجر بناء أم معول هدم؟

الكـاتب : أحمد المنصوري
تاريخ الخبر: 30-11--0001

أحمد المنصوري


لا  يوجد ابتكار إنساني أثَّر في البشرية بشقيه السلبي والإيجابي في آن واحد مثل الإعلام، خاصة بعد تعدد وسائله وأشكاله خلال القرنين الماضيين بدءاً من نشأة الصحافة وتطورها ثم ظهور الإذاعة فالتلفاز، وأخيراً ثورة الإنترنت والإعلام الجديد منذ ثلاثة عقود والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس في المجتمعات الحديثة.

إن التباين في تأثير ودور وسائل الإعلام على الفرد والمجتمع والسياسة والاقتصاد والثقافة أثر على موقف علماء الاتصال والعلوم الإنسانية والاجتماعية في تفسير وتحليل الإعلام وتأثيراته، إلى درجة أن هذه النظريات الإعلامية تبدو أحياناً متناقضة إلا أن كل نظرية تحمل درجة كبيرة من الصحة والواقعية عند التمعن في فلسفتها وتأثيراتها.

فهناك نظريات أكدت على الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنمية الفرد والمجتمع مثل نظرية «ولبر شرام» التي تطرق فيها إلى التأثير الذي تحدثه وسائل الإعلام في المحيط الذي تعمل فيه إذ تساهم في توسيع وإرادة التغيير ونقل المجتمعات من أجل اللحاق بركب المعاصرة والتقدم. كما يؤكد «شرام» على ضرورة أن يقوم الإعلام بإدارة النقاشات والحوارات الخاصة بالتنمية مع كافة قطاعات المجتمع ودفعها نحو المشاركة في عملية التنمية وبرامجها وخططها، وذلك بالتأثير في أذواق وسلوك الأفراد على نحو تحثهم على تفعيل التنمية.

وفي نظرية مماثلة يرى «دانيال ليرنر» أن هناك علاقة بين التحضر ووسائل الإعلام من خلال سعي الأفراد في المجتمعات النامية على «تقمص» المجتمعات المتحضرة بعد تعرضهم لرسائل إعلامية في هذا الخصوص، معتبراً أن ذلك من الخصائص الأساسية اللازمة للانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث ينعم بالازدهار الاقتصادي والحريات وحقوق الإنسان.

وهذه النظريات التي تعطي صورة براقة وزاهية لدور وسائل الإعلام وثأثيرها في التنمية ونهضة المجتمعات تقابلها على الجانب الآخر نظريات نقدية تعتبر الإعلام ليس أكثر من أدوات هيمنة وسيطرة على العقول وتوجيه الرأي العام فيما يخدم مصالح النخب الحاكمة وأصحاب السلطة ورأس المال، وقد تسلب الناس من إرادتهم وتدفعهم نحو الإفراط في الترفيه والاستهلاك.

ومن الذين انتقدوا دور وتأثير وسائل الإعلام العالم الكندي مارشال مكلوهان صاحب نظرية الحتمية التكنولوجية ومبتكر مصطلح «الوسيلة هي الرسالة» حيث يرى أن مضمون وسائل الإعلام لا يمكن النظر إليه مستقلاً عن تقنيات تلك الوسائل. وتنبأ ماكلوهان قبل ثلاثة عقود بأن عصر الإلكترونات سيحل محل عصر الطباعة، لأن الوسائل الإلكترونية تقضي على الفردية والقوميةة وتحفز نمو مجتمع عالمي جديد. وبالمثل، يرى مفكرون أمثال هربرت تشيلر ونعوم تشومسكي أن الإعلام ما هو إلا أداة من أدوات التحكم والسيطرة، فبإمكان من اخترعوا تقنيات الاتصال ويتحكمون في إنتاج المضمون الإعلامي الهيمنة على المعلومات والثقافة والقيم العالمية، وقد يستغلون هذه الوسائل لفرض أفكارهم وقيمهم ومبادئهم على الشعوب الأخرى.

وليس الغرض من هذا العرض الجزئي لبعض نظريات الاتصال هو التعريف بها فحسب، وإنما أيضاً محاولة خاطفة لمعرفة كيف تتباين هذه النظريات في تفسير الظاهرة الإعلامية بمختلف أشكالها ووسائلها، التي تغلغلت في حياتنا اليومية وأصبح استهلاكها وتعاطيها جزءاً لا يتجزأ من عاداتنا اليومية. والحقيقة أن الإعلام اليوم أصبح تأثيره علينا كأفراد ومجتمعات أكثر ضراوة وشراسة، وبات يُشكل وعي أطفالنا ويحدد أنماط تفكيرهم من خلال الرسائل وأيضاً الوسائل التي لا تخلو من القيم.

وخلاصة القول إن الإعلام على رغم ما يحمل من جانب مشرق كأداة للخير وكحجر بناء في المجتمعات المتوثبة نحو تحقيق التنمية الشاملة، إلا أنه في المقابل قد يصبح أداة من أدوات الشر ومعول هدم في المجتمع عندما يخضع لأهواء بعض النخب للسيطرة على الجمهور وتزييف وعيه والإملاء عليه بما يتوافق مع مصالحها.