أحدث الأخبار
  • 09:01 . مسؤول سوداني ينفي تقديم أبوظبي لأي مساعدات إنسانية للسودان... المزيد
  • 08:12 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يدعي قتل تسعة فلسطينيين في نفق برفح... المزيد
  • 08:10 . مركز حقوقي: أول اتصال لجاسم الشامسي منذ اختفائه القسري في دمشق... المزيد
  • 01:56 . الإمارات ترحّب بقرار البرلمان الأوروبي بشأن السودان وتؤكد دعمها لجهود وقف الحرب... المزيد
  • 11:43 . أبوظبي تنفي "مزاعم" أنقرة بشأن شبكة التجسس... المزيد
  • 11:40 . ترامب يعلن وقف الهجرة بشكل دائم من كل دول العالم الثالث... المزيد
  • 11:39 . قوات الاحتلال الإسرائيلي تعدم شابين أعزلين في جنين شمال الضفة المحتلة... المزيد
  • 11:36 . العفو الدولية: الإبادة في غزة مستمرة وتتوسع رغم وقف إطلاق النار... المزيد
  • 08:06 . توقعات باستقبال مطار دبي 10 ملايين مسافر حتى نهاية العام... المزيد
  • 06:32 . استشهاد ثلاثة فلسطينيين في جنين والاحتلال يوسع عملياته بالضفة... المزيد
  • 06:18 . عشرات القتلى في أسوأ حريق تشهده هونغ كونغ منذ عقود... المزيد
  • 05:07 . "التربية" تعتمد 8 – 12 ديسمبر موعداً للاختبارات التعويضية لطلبة الصفوف 3–12... المزيد
  • 12:28 . خلف الابتسامات: عقد من التوتر الصامت بين أنقرة وأبوظبي (2016–2025)... المزيد
  • 12:02 . المشتبه به في هجوم واشنطن عمل مع الجيش الأمريكي في أفغانستان... المزيد
  • 11:57 . غارات إسرائيلية وعمليات نسف في غزة ورفح وخان يونس... المزيد
  • 11:52 . أحمد الشيبة النعيمي يطالب سوريا بالكشف عن مصير جاسم الشامسي... المزيد

حجر بناء أم معول هدم؟

الكـاتب : أحمد المنصوري
تاريخ الخبر: 30-11--0001

أحمد المنصوري


لا  يوجد ابتكار إنساني أثَّر في البشرية بشقيه السلبي والإيجابي في آن واحد مثل الإعلام، خاصة بعد تعدد وسائله وأشكاله خلال القرنين الماضيين بدءاً من نشأة الصحافة وتطورها ثم ظهور الإذاعة فالتلفاز، وأخيراً ثورة الإنترنت والإعلام الجديد منذ ثلاثة عقود والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس في المجتمعات الحديثة.

إن التباين في تأثير ودور وسائل الإعلام على الفرد والمجتمع والسياسة والاقتصاد والثقافة أثر على موقف علماء الاتصال والعلوم الإنسانية والاجتماعية في تفسير وتحليل الإعلام وتأثيراته، إلى درجة أن هذه النظريات الإعلامية تبدو أحياناً متناقضة إلا أن كل نظرية تحمل درجة كبيرة من الصحة والواقعية عند التمعن في فلسفتها وتأثيراتها.

فهناك نظريات أكدت على الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تنمية الفرد والمجتمع مثل نظرية «ولبر شرام» التي تطرق فيها إلى التأثير الذي تحدثه وسائل الإعلام في المحيط الذي تعمل فيه إذ تساهم في توسيع وإرادة التغيير ونقل المجتمعات من أجل اللحاق بركب المعاصرة والتقدم. كما يؤكد «شرام» على ضرورة أن يقوم الإعلام بإدارة النقاشات والحوارات الخاصة بالتنمية مع كافة قطاعات المجتمع ودفعها نحو المشاركة في عملية التنمية وبرامجها وخططها، وذلك بالتأثير في أذواق وسلوك الأفراد على نحو تحثهم على تفعيل التنمية.

وفي نظرية مماثلة يرى «دانيال ليرنر» أن هناك علاقة بين التحضر ووسائل الإعلام من خلال سعي الأفراد في المجتمعات النامية على «تقمص» المجتمعات المتحضرة بعد تعرضهم لرسائل إعلامية في هذا الخصوص، معتبراً أن ذلك من الخصائص الأساسية اللازمة للانتقال من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث ينعم بالازدهار الاقتصادي والحريات وحقوق الإنسان.

وهذه النظريات التي تعطي صورة براقة وزاهية لدور وسائل الإعلام وثأثيرها في التنمية ونهضة المجتمعات تقابلها على الجانب الآخر نظريات نقدية تعتبر الإعلام ليس أكثر من أدوات هيمنة وسيطرة على العقول وتوجيه الرأي العام فيما يخدم مصالح النخب الحاكمة وأصحاب السلطة ورأس المال، وقد تسلب الناس من إرادتهم وتدفعهم نحو الإفراط في الترفيه والاستهلاك.

ومن الذين انتقدوا دور وتأثير وسائل الإعلام العالم الكندي مارشال مكلوهان صاحب نظرية الحتمية التكنولوجية ومبتكر مصطلح «الوسيلة هي الرسالة» حيث يرى أن مضمون وسائل الإعلام لا يمكن النظر إليه مستقلاً عن تقنيات تلك الوسائل. وتنبأ ماكلوهان قبل ثلاثة عقود بأن عصر الإلكترونات سيحل محل عصر الطباعة، لأن الوسائل الإلكترونية تقضي على الفردية والقوميةة وتحفز نمو مجتمع عالمي جديد. وبالمثل، يرى مفكرون أمثال هربرت تشيلر ونعوم تشومسكي أن الإعلام ما هو إلا أداة من أدوات التحكم والسيطرة، فبإمكان من اخترعوا تقنيات الاتصال ويتحكمون في إنتاج المضمون الإعلامي الهيمنة على المعلومات والثقافة والقيم العالمية، وقد يستغلون هذه الوسائل لفرض أفكارهم وقيمهم ومبادئهم على الشعوب الأخرى.

وليس الغرض من هذا العرض الجزئي لبعض نظريات الاتصال هو التعريف بها فحسب، وإنما أيضاً محاولة خاطفة لمعرفة كيف تتباين هذه النظريات في تفسير الظاهرة الإعلامية بمختلف أشكالها ووسائلها، التي تغلغلت في حياتنا اليومية وأصبح استهلاكها وتعاطيها جزءاً لا يتجزأ من عاداتنا اليومية. والحقيقة أن الإعلام اليوم أصبح تأثيره علينا كأفراد ومجتمعات أكثر ضراوة وشراسة، وبات يُشكل وعي أطفالنا ويحدد أنماط تفكيرهم من خلال الرسائل وأيضاً الوسائل التي لا تخلو من القيم.

وخلاصة القول إن الإعلام على رغم ما يحمل من جانب مشرق كأداة للخير وكحجر بناء في المجتمعات المتوثبة نحو تحقيق التنمية الشاملة، إلا أنه في المقابل قد يصبح أداة من أدوات الشر ومعول هدم في المجتمع عندما يخضع لأهواء بعض النخب للسيطرة على الجمهور وتزييف وعيه والإملاء عليه بما يتوافق مع مصالحها.