وقد رحب البيت الأبيض بانتهاء العمليات، بينما اعتبرت إيران أن قرار وقف «عاصفة الحزم» خطوة إلى الأمام، في الوقت الذي دعت فيه مصر كافة الأطراف اليمنية إلى وقف العنف والتوصل إلى حل توافقي، كما دعت مصرُ الحكومةَ اليمنية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية الخاصة بالنزاع في اليمن. كما رحبت دولة قطر بانتهاء «عاصفة الحزم» وانطلاق عملية «إعادة الأمل» داعية الأطراف اليمنية إلى دعم العملية الجديدة.وقد فُهمَ من المؤتمر الصحفي للمتحدث الرسمي باسم «عاصفة الحزم» العميد أحمد عسيري انتهاء جميع العمليات العسكرية الجوية، ولكن في واقع الأمر، أن العميد استدرك وأكد أن العمل العسكري سيستمر إذا ما قامت الأطراف المنقلبة على الشرعية بأي عمل عسكري. وثبت ذلك بعد إعلان انتهاء «عاصفة الحزم» بساعتين، حيث قام طيران التحالف بقصف تحركات عسكرية للحوثيين. بل إن قوات الحوثيين هاجمت يوم الأربعاء قبل الماضي مقر اللواء 5 في تعز، ووردت أنباء عن وجود مواجهات بين الحوثيين والمقاومة الشعبية، على رغم الإعلان عن انتهاء «عاصفة الحزم».
ولهذا، فإن قرار انتهاء العمليات العسكرية لا يعني على الإطلاق ترك الأمور للفوضى من جديد. وهذا ما لم يدركه كثيرون. ويوم الأحد الماضي أعلن وزير خارجية اليمن رياض ياسين أنه لا تفاوض مع المسلحين الحوثيين قبل انسحابهم من المدن التي يسيطرون عليها وتشكل 25% من الأراضي اليمنية، ورفض دعوة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح لإجراء مفاوضات، متهماً إياه بمحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.
وعلى الجانب الآخر حذر الرئيس الأميركي أوباما إيران من إرسال أسلحة للحوثيين، يمكن استخدامها في تهديد الملاحة في المنطقة، مشيراً إلى أن عملية إرسال أسلحة إلى الفصائل في اليمن وما يمكن أن يهدد الملاحة البحرية «سيؤدي إلى مشكلة». وأكد أن الولايات المتحدة تبعث برسائل مباشرة جداً، وليست غامضة لإيران بهذا الشأن.
وما زال الموقف غامضاً من التحركات الإيرانية والأميركية بالقرب من باب المندب، بعد تصريحات عسكرية إيرانية بوصول سفن تابعة لسلاح البحر بالجيش الإيراني إلى خليج عدن صباح الثلاثاء (يوم انتهاء عاصفة الحزم)، في الوقت الذي كشف فيه مسؤولون أميركيون وجود سفن حربية أميركية قبالة الساحل اليمني، تتولى مراقبة السفن الإيرانية، التي يُشتبه بضلوعها في عمليات تهريب الأسلحة إلى الحوثيين وأنصارهم. ورأت قناة «العربية» أن هذا الإجراء بمثابة «تطمين» حلفاء واشنطن ضد التخوف من تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة.
والمشكلة في النزاع اليمني تتمثل في القوى الإقليمية التي لا تريد لهذا البلد أن يتعافى، وأن فئة من أبناء اليمن تؤثر التعصب المذهبي -المتعاطف مع إيران- على وحدة اليمن وتقدمه واستقراره. وهذا يجهض أي جهد مخلص يرمي لتعافي اليمن من أمراضه، بل وتأهيله لدخول مجلس التعاون، كما نص على ذلك في الاتفاق الأخير.
واليمن بحاجة اليوم إلى عمليات إغاثة وتضميد الجراح بعد الانقلاب الحوثي الذي أطاح بالشرعية وأضرّ بالأمن وخطف مؤسسات الدولة بشكل غير قانوني وغير حضاري. ولم يُبد المفكرون والمحللون السياسيون اليمنيون الذين شاركوا في ندوة «اليمن بعد العاصفة» التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة السبت الماضي أية آمال بانفراج الأزمة في اليمن!
واليوم فلا طريق أمام كل اليمنيين إلا الحوار الصادق، ووضع السلاح، وهو الأسلوب الأمثل لحل قضايا اليمن ووضعه على طريق الإصلاح والتنمية. ولاشك أن مؤتمر المانحين لن يتوانى عن مهمته الإنسانية في دعم اليمن وإزالة آثار الاختلافات في الرؤى بين أبناء البلد الواحد.