أحدث الأخبار
  • 10:00 . فرنسا تعتزم تقديم شكوى ضد إيران أمام محكمة العدل الدولية... المزيد
  • 07:30 . رويترز: الإمارات والولايات المتحدة توقعان اليوم اتفاقية إطارية للتكنولوجيا... المزيد
  • 06:09 . ترامب يؤكد الاقتراب من إبرام اتفاق نووي مع إيران... المزيد
  • 04:42 . ترامب يصل أبوظبي في آخر محطة خليجية... المزيد
  • 02:33 . الإمارات تدعو أطراف الأزمة الليبية إلى الحوار وتجنب التصعيد... المزيد
  • 01:24 . ترامب من قطر: لا أريد أن تتخذ المفاوضات النووية مع إيران "مسارا عنيفا"... المزيد
  • 01:24 . ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بنسبة 80% بسبب موجات الحر وارتفاع تكاليف النقل... المزيد
  • 11:09 . مدارس خاصة في الشارقة تُلزم أولياء الأمور بسداد الرسوم قبل اليوم ومطالبات بمرونة في الدفع... المزيد
  • 11:08 . مسؤول إيراني رفيع: طهران مستعدة للتخلي عن اليورانيوم مقابل رفع العقوبات... المزيد
  • 11:05 . رئيس الدولة يبحث مع وزير دفاع السعودية في أبوظبي تطورات المنطقة... المزيد
  • 11:04 . رئيس الوزراء القطري: لا نتوقع تقدما قريبا في المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"... المزيد
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد

المثقف في زمن الأزمة

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 25-05-2015

يحيا العالم العربي أزمات متتابعة، إسقاط أنظمة، وصعود جماعات مسلحة، وحروب وصراعا طائفيا، وإلى غير ذلك من الأزمات الثقيلة. تعب المراقب العربي من ازدياد هذه الأزمات واستطالتها، ويبدو الأمر وكأن «جيفة» الاستبداد التي تم تحريكها عن مكانها في عام الثورات العربية 2011، أثارت، ولا تزال، روائح كريهة لا تنتهي، لأوضاع مختلة أسسها الاستبداد وثبت أوضاعها. تعبت الناس وهي تراقب، وهي محتاجة إلى أصحاب الحلول، مّمن ينظّرون ويخبرون الأمور. تتعاظم الحاجة إلى المثقفين، ممن يساهمون في تنوير الناس حول الأحداث وأسبابها، ويساهمون في تحسين شروط مجتمع المعرفة الذي يحياه الناس اليوم.
لكن ماذا لو كان المثقفون نفسهم في أوضاع متأزمة؟ أولى العلل التي يحياها المثقف اليوم هي أنه مثقف مرتبط بالوضع القائم، فهو موظف وأكاديمي يحرص على أكل لقمة عيشه، ويتجنب النقد الذي قد يثير عليه أشخاصا ومؤسسات وأنظمة لها تأثير قد يطال حياته. تستطيع اليوم ملاحظة هذا الكم الهائل من الدارسين والمتخصصين الذين تمتلء بهم جامعاتنا، والذين تخرجوا في هذه الجامعات من أصحاب الدراسات العليا، والتخصصات الإنسانية، ولا تجد لهم أثرا أو دورا في الإنتاج المباشر لمجتمعاتهم والتفاعل معها. تم اختزال دورهم في عملية إنتاج لطلاب مثلهم يبحثون عن الشهادة والوظيفة فقط.
أواخر الثمانينيات، كتب المفكر اليساري الأميركي راسل جاكوبي، كتابه «آخر المثقفين: الثقافة الأميركية في عصر الأكاديميا»، وكان موضوعه الحديث عن تضاؤل وجود المثقف العام، والمفكر الناقد الحر، والذي يحتاجه الشأن العام دوما للقتال في قضاياه، وبروز دور المثقف الأكاديمي. يعلق نادر كاظم على الأخير بالقول «نموذج هذا المثقف الخصوصي يتمثل بأستاذ جامعي متخصص منغلق على نفسه وتخصصه، ولا يستهويه التعاطي مع العالم خارج حدود قاعة التدريس... وغرضه الأساسي من الكتابة هو الترقي الأكاديمي لا التغيير الاجتماعي أو السياسي».
علة أخرى تكمن في اندماج المثقف مع الصراع القائم كلاحق له، وليس كصانع لأوجه الصراع التي تستحق. الصراعات السائدة في العالم العربي تم تأسيسها على بنية جاهلة، وأوضاع استبداد، استبدت بالمعرفة قبل أي شيء آخر. لذا ومنذ سنوات ما زلنا نرى نفس السؤال: لم لا ينتقد المثقف الشيعي الجماعات الشيعية، ولم لا ينتقد الإسلامي الجماعات الجهادية! لست في محل اجتهاد وعظي، لأخبر بما «يفترض» و «ينبغي»، لكن من الجدير ملاحظة أن الأوضاع الثقافية القائمة، ومنها مسائل الطائفية والتشدد، هي أحوال مستقرة للوضع القائم وتمثل في ذاتها مشكلة، ولا بد للمثقف من إطار ناقد وواع يحكم أفكاره، ولا يجعلها تنتج من ذات المسار.
إن تزايد الصراعات واشتعالها بشكل متجدد في دولنا العربية يعود إلى طبيعة التعوّد الاجتماعي القائم، الذي أسسه الاستبداد، وهو طبع يعمل على إعادة إنتاج ذات المشاكل، عبر ذات العقلية. في كتابه «في البدء كان الصراع»، يذكر خلدون النقيب أن العقلية التآمرية لدى العرب تصور «استهداف العرب، كأمة وجماعة دينية، على أنه صراع حياة أو موت، أي صراع من أجل البقاء. وبذلك تخلط هذه الطريقة في التفكير بين التنافس «الطبيعي»، والصراع الاعتيادي بين الحضارات والجماعات الإثنية، وبين الصراع الذي يكون مجموعه صفراً. فليس كل أنواع الصراع صراعات إبادة، حيث إن ما يكسبه خصم، هو بالضبط ما خسره الخصم الآخر».
الثقف يعني الظفر في اللغة. وفي صراع اليوم، صراع الأفكار والآراء الحادة، والطبائع والنفوس المشدودة، يكون الظفر بالرأي الأنسب والأصلح هو جوهر المعرفة. فحياة الأفراد والمجتمعات تحتاج إلى التيسير والتحفيز والتحريك. المثقف، كما يرى الجابري، هو في جوهره ناقد اجتماعي، ويتجلى عمله الأكيد في «المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظام أكثر إنسانية وعقلانية». قد يوصف هذا المثقف بأنه خيالي لا يعيش واقع الناس، وبأنه متمرد، وهذا من الطبيعي والمتوقع، فالمثقف يواجه سلطة المسؤول، وسلطة المجتمع، وسلطة انسحابه إلى التطبيع مع ما هو قائم.