رمضان هو الشهر الذي فضله الله سبحانه وتعالى على سائر شهور السنة، وقد أجمع علماء الإسلام على عظمته وبركته وعلى أنه لا يوجد شهر فيه كل الفضائل والخيرات والبركات والحسنات مثل شهر رمضان، ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين وينزل الله جل جلاله رحمته ومغفرته على العباد ويضاعف لهم الأجر والثواب. وهو شهر القرآن والصيام والقيام والطاعات والذكر والدعاء والاستغفار والعتق من النار، شهر التقوى والعمل والتعبد والكرم والرحمة والتكافل وصلة الأرحام، فيه يصل الصائم بحسن عبادته وحسن اتباعه إلى ما أمر الله سبحانه وتعالى من ترك الذنوب والآثام وكف الجوارح عما يغضب الله، والشعور بحلاوة الإيمان والارتقاء إلى صفاء الروح والقلب ولذة الطاعات، حيث يكتب عند الله من الطائعين الذاكرين العابدين المستغفرين.
لذا كان رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم هذا الشهر فيقول: «أتاكم رمضان، شهر بركة يغشاكم الله فيه، فيُنزِل الرحمةَ، ويَحُطُّ الخَطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويُباهي بكم ملائكتَه، فأَرُوا اللَه من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله».
إنه شهر التنافس في عمل الخيرات وكسب الحسنات وقضاء حوائج المحتاجين والحرص على خدمة الصائم، شهر التوبة والمغفرة والتقرب إلى الله تعالى والحرص على خدمة الفقراء، يتنافس المسلمون فيه بالإكثار من عمل الخيرات والاجتهاد في الطاعات وقراءة القرآن، حيث روى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام إلى رب العالمين: منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه ويقول القرآن، منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيشفعان».وخلال رمضان يتنافس المسلمون أيضاً في بذل العطاء وإخراج الصدقة والزكاة. وكما بيّن لنا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الصوم حصن من الشهوات، ووقاية من النار، سبب لدخول الجنة، وهو يشفع لصاحبه يوم القيامة. وما من عبد، كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك وجهه عن النار سبعين خريفاً.
وتؤكد الدراسات العلمية أن الصائم حين يمتنع عن تناول الطعام والشراب، ويجتهد في قراءة القرآن وإقامة الصلوات، ويكون في حالة من الاطمئنان والسكينة النفسية، فإن ذلك يرفع من قوة جهازه المناعي.
إن رمضان فرصة عظيمة، حيث تصوم الجوارح عن اللغو والرفث والنهش في أعراض الناس والنظر إلى المحرمات، وهو فرصة أيضاً لوضع خطة إيمانية توازن بين العبادة والترفيه، بين ما يحتاجه الجسد من طعام وشراب وما تحتاجه الروح من تغذية إيمانية تقود إلى الصدق مع الله تعالى، لأن العمل من دون إيمان مثل البناء من غير أساس.
إنه شهر الرحمة، فعن أبي هريرية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «جعل الله الرحمة في مائة جزء وأنزل في الأرض جزءاً واحداً، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه»، لذلك جعل الله تعالى رمضان أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.