أحدث الأخبار
  • 12:34 . "التربية" تحظر الهواتف في المدارس... المزيد
  • 12:32 . وسط إرث من الخلافات والتوترات.. زيارة إماراتية رفيعة إلى الصومال... المزيد
  • 12:11 . الجزائر تستدعي القائم بأعمال السفارة الفرنسية وترفض بيانها حول منح التأشيرات... المزيد
  • 11:49 . وزير الدفاع السعودي يبحث مع مسؤول أوكراني جهود حل الأزمة الأوكرانية... المزيد
  • 11:48 . دراسة: أبوظبي تحول الموانئ اليمنية إلى قواعد عسكرية وتعطل اقتصاد البلاد... المزيد
  • 11:24 . بلجيكا: تعثّر الائتلاف الحاكم في الاتفاق على عقوبات ضد "إسرائيل" والاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 11:14 . مجموعة بحثية: تنظيف موقع إيراني قد يمحو أدلة على تطوير سلاح نووي... المزيد
  • 11:37 . الموارد البشرية تحديد إجازة المولد النبوي للقطاعين الحكومي والخاص... المزيد
  • 11:35 . الإمارات تدين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتؤكد رفضها لانتهاك السيادة السورية... المزيد
  • 10:36 . قطر تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 10:35 . الرحلة الأخيرة للمُعارضة البيلاروسية ميلنيكوفا.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 10:26 . 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى أمريكا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة... المزيد
  • 10:20 . غروسي يؤكد عودة أول فريق مفتشين لإيران وسط تهديد أوروبي بعقوبات... المزيد
  • 12:58 . حظر إماراتي على الشحنات القادمة من السودان يثير الجدل مع توقف ناقلة نفط خام... المزيد
  • 06:39 . أولمرت لصحيفة إماراتية: أعمل على إسقاط نتنياهو وحكومته... المزيد
  • 04:57 . أستراليا تطرد السفير الإيراني بتهمة ضلوع بلاده بهجومين معاديين للسامية... المزيد

مجتمعات الأقنعة

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 27-01-2016


عندما ظهر العالِم الفيزيائي ماكس بلانك بنظرية ميكانيكا الكم لم يستطع كثيرون أن يستوعبوا ما يقول، حتى صديقه والفيزيائي الفذ آينشتاين لم يقتنع في البداية بالنظرية، خصوصاً أنها تعمل خارج نطاق العقل والمنطق، فعندما يقول لك أحد المتخصصين في الموضوع إن أحد الجسيمات تحت الذرية يمكنه أن يكون في مكانين في الوقت نفسه فإنك لن تصدق، ولو قال لك إن جسيماً يدور مع عقارب الساعة، وفي الوقت نفسه يدور عكسها فإن ذلك سيبدو عبثاً وهرطقة علمية، لكنها الحقيقة!

ولشرح هذه النظرية قدّم النمساوي إرفن شرودنغر مفهوماً لشرح نظرية الكم عُرف بمبدأ قطة شرودنغر، حيث افترض أن هناك قطة موجودة في صندوق مغلق وفي الصندوق زجاجة فيها غاز سام ومُغلقة فوقها مطرقة. ولاختصار الموضوع، فإن المطرقة لو سقطت على الزجاجة فستكسرها وسيتسرب الغاز وتموت القطة. لو افترضنا أن أحدنا وقف أمام الصندوق وتساءل: هل القطة حية أم ميتة، فما الجواب؟ طبقاً لميكانيكا الكم فإن القطة في حالة مركّبة من الحياة والموت، ولن يعرف الحقيقة حتى يفتح الصندوق! تسمى هذه الحالة في فيزياء الكم Entanglement أو تعالُق.

ما مناسبة هذا الكلام؟ تحدثتُ قبل يومين عن مفهوم «البيانات الضخمة» وكيف أنها تكشف لنا عن حقيقتنا خلف الشاشات، وإنه من طبيعة الإنسان أن يكون متناقضاً، لكن يبدو أننا ــ في مجتمعات الخليج على وجه الخصوص ــ من أكثر الناس تناقضاً، نحن نعيش حياتين، واحدة أمام الناس والأخرى لا يعرف عنها إلا القليلون ممن نثق بهم، لا ننفك نغطي وجوهنا بالأقنعة لكي نخفي مساوئ نفوسنا، ومن شدة احترافنا لهذه الحياة صارت لدينا خزائن مليئة بالأقنعة، لكل مناسبة قناع، نحن مثل قطة شرودنغر، في حالة تعالق، فلا نحن صادقون ولا كاذبون، لأننا نفعل الشيئين في الوقت نفسه، دون أن نشعر بالارتباك أو بتأنيب الضمير، وما يحدد حقيقتنا هو مدى معرفة الآخرين بها، فإذا اقتنعوا بأننا صادقون فنحن كذلك، وإذا افتضح أمرنا فسيعلم العالم من نكون. ألم أقل لكم إننا في حالة تعالق!

إذن، حقيقتنا تعتمد على مدى انضباط خطتنا، على قدرتنا بالالتزام، بالسرية والغموض، لا يهم ماذا نفعل في الظلام، المهم ألا تشرق الشمس إلا ونحن كالباقين: بريئون، مؤمنون، أوفياء، نُغيث الملهوف ونساعد المحتاج ولا تفوتنا صلاة الجماعة، لا تهم كمية السوداوية والعنصرية والخبث التي بداخلنا، المهم فقط أن يعرف الآخرون عنا ما نريد لهم أن يعرفوا، ولذلك فإننا نطلب من الله الستر دائماً ولا نكتفي بطلب الهداية والمغفرة؛ لأننا نظن أننا نستطيع أن نتفاهم مع الله لكننا لا نحتمل أن يكشف الآخرون حقيقتنا.

وصلنا إلى هذه المرحلة لأننا نراقب بعضنا بعضاً، نتدخل في حياة الآخرين، نبحث عن فضائحهم لنصنفهم في خانة ما، نحكم عليهم من لباسهم، ننزلهم في قاع الجحيم، أو نرتقي بهم لدرجات الصديقين والصالحين.. من لباسهم فقط! ربما نحتاج إلى عالِم مثل شرودنغر ليشرح لنا هذه المعضلة النفسية.