في نظر الإيرانيين فإن الأزمة في اليمن تكمن في الإرهاب الذي يتصدى له الحوثيون وليس الانقلاب الذي قوض مؤسسات الدولة وأدخل البلاد في أتون الحرب والفوضى ووفر كل البيئة للجماعات المتطرفة.
يتحدث أمير عبداللهيان مساعد وزير الخارجية الإيرانية عن «قلقه إزاء تفاقم الإرهاب في اليمن»، ولا يخجل من أن بلاده هي من دعمت ميليشيات طائفية للانقلاب على السلطة الشرعية.
الإرهاب لا ينمو إلا في مناخ الحروب والأزمات وضعف أو غياب الدولة، ولا يمكن لمن أجهز على مؤسساتها أن يقدم نفسه شريكا في محاربته أو الصراخ كضحية متضرر منه على اعتبار أنه المسؤول عن كل التداعيات التي خلفها إفراغ الدولة من مضمونها.
هذه الآفة أصبحت شماعة يعلق عليها الحوثيون وداعموهم في إيران كل كوارثهم التي أوصلوا بها اليمن إلى جحيم كارثي غير مسبوق، وقادوا انقلابا واجتاحوا البلاد طولا وعرضا بتهمة كاذبة وهي محاربة الإرهاب الذي لم يكن موجودا إلا بشكل محدود.
لا يوجد مشروع للحوثيين غير تقديم أنفسهم شركاء للغرب وتحديدا أميركا في محاربة الإرهاب مع أنهم يمارسونه فعلا وقولا ولا أحد يصنفهم جماعة إرهابية وتقابل واشنطن شعارهم «الموت لأميركا».. بالابتسامة ودعمهم بالضغوط على السعودية والحكومة الشرعية لوقف الحرب وإشراك الحوثيين بعملية سياسية وهو على حالهم ميليشيات مسلحة.
دأب الحوثيون على وصم كل مقاوم لهم بالإرهاب لإثارة فزاعة الغرب للتدخل لاعتمادهم وكلاء محليين بدلا عن السلطة الشرعية في محاربة الجماعات المتطرفة، وهو نفس المنطق الذي يفعله نظراؤهم في سوريا الذين يعتبرون المعارضين إرهابيين.
هذا المنطق العبثي الذي يحاول أن يستغبي الآخرين لم يعد يجدي ولا يمكن أن يصدقه أحد، وهو يرى المنتفضين ضد وكلاء طهران وعبثها وعدوانها يمارسون حقهم الطبيعي في الدفاع عن أنفسهم ووجودهم وكيانهم المتمثل بالدولة الوطنية.
بالنسبة لإيران لا تكترث بهذا الدمار والحريق الذي أشعلته في المنطقة، طالما وأدواتها المحلية تنفذ أجنداتها كفروع لقوات الباسيج التي تقاتل كبنادق في كل مكان وضد شعوبها وأوطانها.
تستخدم طهران هذه الجماعات كأوراق قوة عند التفاوض مع القوى الإقليمية والدولية على نفوذها وطموحاتها بما فيها برنامجها النووي المثير للجدل الذي تمكنت أخيرا من تسوية خلافاتها مع الغرب بشأنه وفكت العزلة المفروضة عليها وبدأت تتنفس اقتصاديا.
ولم يكن غريبا أن يعلن في يناير الماضي اللواء محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني أن الحوثيين هم جزء من قوات «الباسيج» في اليمن التي يبلغ عددها مئتين ألف مسلح موزعين في سوريا والعراق وأفغانستان وباكستان ولبنان.
أما وظيفة هذه القوات فهي من وجهة نظر العميد حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري حماية «الثورة الإسلامية»، أو حدود إيران الممتدة من البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا مرورا بهذه الدول.