ونظراً لهذا الاهتمام من الجانبين، فإنه من المتوقع أن تتسارع الخطى لإبرام منطقة تجارة حرة خليجية بريطانية، مما سيكون له آثار إيجابية كبيرة على التجارة بين الطرفين، وعلى الاقتصاد الخليجي والمملكة المتحدة بشكل عام.قبل ذلك لا بد من اتخاذ بعض الترتيبات اللازمة لتجاوز بعض الإشكالات الإجرائية، فدول مجلس التعاون، وبفضل الاتحاد الجمركي تحولت إلى منطقة تجارية واحدة، وبالتالي، فإن المفاوضات في هذا الجانب من المفترض أن تشمل كل دول المجلس مجتمعة، باعتبارها تكتلاً اقتصادياً، وذلك على نسق اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها دول المجلس مع العديد من دول العالم وتكتلاته الاقتصادية، حيث يأتي هنا دور الأمانة العامة لدول المجلس، والتي يفترض أن تأخذ زمام المبادرة بالتنسيق مع الدول الأعضاء.
من جانبها لا زالت بريطانيا من الناحية العملية عضواً في الاتحاد الأوروبي إلى أن يتم تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الخاصة بخروج أحد الأعضاء من الاتحاد، والتي لن تفعل قبل نهاية العام الحالي كما أشارت إلى ذلك رئيسة الوزراء البريطانية أثناء زياتها لكل من ألمانيا وفرنسا، حيث طلبت التريث في تفعيل هذه المادة، مما يعني صعوبة عقدها لاتفاقيات تجارة حرة في الوقت الحاضر، وذلك على الرغم من أن هذه المادة ستفعل في نهاية الأمر، مما يعني ضرورة التحضير لاتفاقية التجارة الحرة الخليجية البريطانية، وبدأ المباحثات في أقرب وقت ممكن.
وفي هذه الحالة، فسوف تنمو التجارة بين الجانبين بصورة كبيرة، فالمنتجات البريطانية ستتمتع بأفضليات سعرية، مقارنة بالمنتجات الأوروبية الأخرى في الأسواق الخليجية، كما أن السلع الخليجية ستتمتع بنفس الأفضليات في السوق البريطانية الكبيرة، وبالأخص منتجات الألمنيوم والبتروكيماويات والمشتقات النفطية، وهي صادرات خليجية رئيسية تعاني حالياً من تمييز سعري ناجم عن عرقلة بعض دول الاتحاد الأوروبي لاتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي الوقت ذاته، فإن مثل هذا التطور سيضع الاتحاد الأوروبي في زاوية حرجة في علاقاته من دول المجلس، خصوصاً أن هذه البلدان، وبالأخص الإمارات تحولت إلى مركز تجاري ومالي عالمي يربط الشرق بالغرب، ولا يمكن الاستغناء عنه في التعاملات التجارية والمالية، مما قد يدفع بالاتحاد إلى إعادة النظر في مواقفه السابقة المتزمتة، والتي لا تستند على وقائع تجارية أو اقتصادية، بل هي عبارة عن مبررات تتعلق بأوضاع دول المجلس وشؤونها الداخلية وأمنها واستقرارها، تلك القضايا التي لا يمكن المساومة عليها بأي شكل من الأشكال.
إذن هناك تطورات اقتصادية مهمة مرتقبة لدول المجلس ستترتب على إنهاء عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، وبالأخص بعد تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، حيث يمكن لدول التعاون الاستفادة من هذه التطورات وتسخيرها لدعم موقعها التجاري والمالي العالمي وخدمة هدفها الرئيسي الرامي إلى تنويع اقتصاداتها من خلال تنمية الصادرات التي تتيحها المستجدات الحديثة.