لإكمال الصورة حول السياسة الإيرانية في المنطقة، ينبغي الانتباه إلى الرسالة المهمة التي وجهها أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى النظام الإيراني، في حواره مع قناة «سكاي نيوز عربية»، عندما قال: «إن التهديدات الإيرانية يجب أن تتوقف»، موضحاً أن هناك تهديدات تصدر عن مسؤولين وشخصيات إيرانية تؤكد حقيقة التدخلات الإيرانية الهادفة إلى التخريب، وهذا ما يجب أن يتوقف. كما حذّر إيران من الاستمرار في هذه الممارسات: «أقول للإخوة في إيران، أنتم تدفعون العالم العربي إلى الغضب منكم والدفاع عن نفسه والتصدي لتصرفاتكم». وقد ذكّر أبوالغيط الإيرانيين بأنهم يحتلون أراضٍ عربية، وقال: «هناك جزر عربية إماراتية محتلة في الخليج، وتدخلات إيرانية في كثير من الأراضي العربية، سواء في العراق أم سوريا أم لبنان أم اليمن.. هذه رسالة تحذير للإيرانيين: نرجو أن لا تستمروا في هذا النهج».
وتكمن أهمية هذه الرسالة التحذيرية الصادرة من أمين عام الجامعة العربية في لغتها المباشرة والصريحة، والتي تدعو إيران لوقف تدخلاتها المستفزة في المنطقة ومساعيها لنشر الفتنة والاضطراب وزعزعة الأمن وإثارة الاقتتال الداخلي في الدول العربية، ولوقف الأيادي التي تعمل بالوكالة عن طهران للتخريب في المنطقة.
وفي هذا الخصوص كان حسن نصرالله، زعيم «حزب الله» اللبناني، واضحاً هو كذلك حين قال في إحدى خطبه، إن ما يملكه الحزب وباقي الميليشيات الشيعية الأخرى من مال وسلاح وذخيرة كله يأتي من إيران. كما كانت بعض التقارير صادقة حين ذكرت أن الحوثيين يمتلكون مصانع في إيران لإنتاج آليات وذخائر وصواريخ لإبادة أهلهم في اليمن ومحاربة جيرانه.
وإيران التي تحتل الجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) تحتل أيضاً إقليم الأحواز العربي منذ عام 1925، وهو إقليم تبلغ مساحته 370.000 كيلومتر مربع ويسكنه 8 ملايين عربي وبه ثروة هائلة من البترول والغاز الطبيعي.
نعم من حقنا أن نقلق على الأمة العربية من هذه التدخلات السافرة وذلك التوجه السياسي المستمر، والهادف أساساً إلى إلغاء وجود هذه الأمة العظيمة ذات الحضارة العريقة. ثم إننا نتساءل: ما الفرق بين ما تفعله الصهيونية في فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وبين ما تفعله الدولة الفارسية منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979؟ ليس هناك فرق بل تشابه كبير بين الحالتين في السلوك العنصري ولغة الكراهية والعداء للأمة العربية.
ومثلما احتلت إسرائيل أرض فلسطين العربية، احتلت إيران أيضاً الجزر العربية الإماراتية واحتلت قبلها الأحواز العربي. وكما شردت إسرائيل الشعب الفلسطيني وطاردت قادته وزجت بأبنائه في السجون، كذلك فعلت إيران بالشعب الأحوازي وقادته، وعلى رأسهم الشيخ خزعل الذي ظلت تطارد ما تبقى من عائلته، بعد أن هدمت قبره عدة مرات.. كما ظلت تعدم أهل السُنة دون محاكمات قانونية، وتقتاد كل يوم مشايخ ودعاة منهم إلى المشنقة، وتمارس بحقهم سياسة هدم المنازل التي تنتهجها إسرائيل في فلسطين.
وقد أضرت إيران كثيراً بالقضية الفلسطينية، وخدمت المشروع الصهيوني، وقامت بأدوار تخريبية، فشقت الصف الفلسطيني ودعمت الانقسامات في فلسطين والأمة والعربية.
يجب أن نقول لإيران بوضوح تام: إن اللعبة الشيطانية التي تمارسها في المنطقة قد انتهت، وشعوب الدول العربية قادرة على المواجهة الفكرية والسياسية والمعرفية والإعلامية، ولم يعد باستطاعتها احتمال أعمال التدخل والعبث الإيرانية في مصير العالم العربي.