أحدث الأخبار
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد

الحياد الإيجابي

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 06-09-2016


انتشرت صورتان من قمة العشرين الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي لأردوغان مع بقية القادة، في الأولى يبدو وكأنه يتحدث مع الرئيس الأميركي بينما ينظر إليه بوتين من بعيد، والثانية وهو يتحدث مع الرئيس الروسي بينما يسترق أوباما نظرة إليهما من الجانب الآخر، الصور بالطبع ليست إلا التقاطة مناسبة في الوقت المناسب وليست بالضرورة انعكاساً لحقيقة ما كان يدور على المنصة، لكن فيهما بلا شك تعبير رمزي عن واقع العلاقة بين هذه الأطراف الثلاثة، تركيا ظلت منذ الحرب العالمية الثانية وفية لتحالفها مع الولايات المتحدة في المنشط والمكره والحلوة والمرة، وبقي الحال على ما هو عليه حتى قررت الولايات المتحدة أن حلفاءها في المنطقة لم يعودوا مهمين بالنسبة لها.
بدأت الولايات المتحدة في استفزاز حلفاء الأمس من خلال تعاطيها مع الطموح الإيراني وتعطيلها لمسار الثورة السورية والتوافق مع الأكراد ضد المصالح التركية، كانت تركيا هنا أمام مفترق طرق، إما أن تنهي تحالفاً امتد عقودا طويلة مع الولايات المتحدة أو أن تغض الطرف عما تفعله حتى إشعار آخر، فك هذا التحالف كان ليكون له آثار سلبية كبيرة هو الآخر، فتبادل المصالح مع الولايات المتحدة مهم للاقتصاد والسياسة الخارجية التركية، لذلك فضلت الإدارة التركية خياراً ثالثاً وهو الحياد الإيجابي.
ما أعنيه بالحياد الإيجابي يفهم من نقيضه، الحياد السلبي هو أن تنسحب من الصراع وألا يكون لك دور مع هذا الطرف أو ذاك، في هذه الحالة يكون الحياد الإيجابي هو أن يكون لك دور مع كافة الأطراف، مع شيء من التأرجح في حجم هذا الدور حسب المصالح السياسية المرتقبة، هذا الحياد الإيجابي استفادت منه العصابات الصهيونية خلال تأسيس الكيان مع فرنسا وبريطانيا، ووظفته إيران خلال مشروعها التوسعي مع الروس والولايات المتحدة، وحتى مصر عبدالناصر بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.
هذا الحياد الإيجابي ليس حلاً محبذاً للساسة؛ فهو مكبل بالمخاطر ويرتبط بتنازلات متنوعة للطرفين، كما يضع الدولة في أزمة مبدئية في كثير من الأحيان، لكنه الضمان الوحيد أمام القوى العظمى، هو حالة برزخية تمكن من الحصول على أهداف محدودة لفترة معينة، في الحالة التركية كان الهدف الرئيسي لذلك هو تطويع الحالة السورية وتحييد الأطراف الخارجية في مشاكل تركيا الداخلية، اليوم روسيا تغض الطرف عن العملية التركية في سوريا، والولايات المتحدة تعطيها الضوء الأخضر، وكلا الطرفين يتعامل مع الملف بحذر لكسب ود الأتراك.
في مقابل ذلك قدمت تركيا تنازلات في مجال العلاقة مع إسرائيل وإيران لإرضاء الطرفين، لكن الهدف الأهم بالنسبة للأتراك تحقق خلال هذا الأسبوع، مع إعلان الجيش التركي عن تأمين كامل الحدود التركية السورية من تواجد داعش والتنظيمات التي تتهمها باستهداف التراب التركي.
السؤال الأهم الآن هو حول الخطوة القادمة، خلال 4 أشهر قادمة ستكون هناك إدارة جديدة في البيت الأبيض، وكل المؤشرات تقول إنه أياً كان الفائز في الانتخابات فإن الإدارة القادمة ستكون أكثر حيوية وتدخلاً في ملفات المنطقة، وأقل تفاعلاً مع الإيرانيين.
لذلك على ما يبدو هناك سعي لدى الأتراك والإيرانيين والروس لإنهاء أكثر ما يمكن إنهاؤه خلال الفترة الأخيرة من حكم هذه الإدارة، التي ساهم تخبطها السياسي الخارجي في تمدد الآخرين في الفراغات التي تركتها، وحتماً سيظل الموقف التركي من الولايات المتحدة متوتراً طالما ظلت الولايات المتحدة تدعم خصوم تركيا من الأكراد، ومع إنجازات الحملة التركية في سوريا نقترب من النقطة التي تشكل تماساً مباشراً مع المصالح السورية من جهة والخطوط الحمراء الأميركية من جهة أخرى، فهل يمكن لتركيا أن تلتزم حيادها الإيجابي طويلاً؟
الحكومة التركية قلقة جداً من الخيارين في الانتخابات الأميركية، ترامب لأسباب معروفة، وكلينتون نظراً لما تردد وتأكد حول علاقة مباشرة بين حملتها وجماعة غولن، فبكل حال لا يبدو المستقبل مشرقاً في العلاقات التركية الأميركية، لكنه لا يبدو كذلك في العلاقة التركية الروسية أيضاً، فالتمدد الذي تدعمه تركيا للثوار له حدود واضحة بالنسبة للروس، وهذا الوضع سيضطر تركيا إلى التزام مطول بالحياد الإيجابي، طالما ظل الملف السوري مفتوحاً وظلت الحملة على التنظيم الموازي في تركيا سارية، هذان الملفان سيشكلان محوري السياسة الخارجية التركية للمرحلة القادمة.
مع تغير الواقع عالمياً من حالة القطب الواحد إلى حالة هلامية متعددة الأقطاب تدريجياً، تبرز الحاجة لدى الدول المحورية إلى تكوين شبكة تحالفات أشبه ما تكون بسلة العملات التي تستخدم أحياناً لربط العملة، تحالفات متناقضة في المجمل لكنها في مجموعها تحقق المصالح الأساسية للدولة، وتحميها من تقلبات السوق السياسية عالمياً، ليس هناك في عالم العلاقات الدولية تحالف مبدئي أو دائم، هناك فقط خطوط تتقاطع تارة وتتباين تارة أخرى، اليوم روسيا والصين وغيرهما يتحركون لملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة التي يتراجع دورها عاماً بعد عام، وسيكون من السذاجة الاستمرار في الاعتماد عليها حليفاً وحيداً ودائماً، فقد يجد حلفاؤها المخلصون أنفسهم خارج اللعبة الدولية قريباً، وربما يكونون مساحة تمدد جديدة.;