أحدث الأخبار
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد

مشكلة الهجرة

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 04-10-2016


في تقرير الهجرة السنوي الذي تعده الأمم المتحدة والذي يعنى بحركة الهجرة العالمية سواء تلك الاختيارية أو القسرية يشار إلى أن عدد المهاجرين عالمياً في ارتفاع مستمر؛ حيث ارتفع من 222 مليوناً في عام 2010 إلى 244 في 2015 ولا شك أن الرقم سيشهد ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، ما يعني أن ما يزيد على المليار إنسان سيتركون ديارهم لصالح ديار أخرى خلال السنوات الأربع القادمة إذا استمرت الأرقام في هذا التصاعد، هؤلاء المهاجرون استقر %20 منهم في عام 2015 في الولايات المتحدة وثلثهم توزعوا على القارة الأوروبية، أما اللاجئون فجاءت تركيا أولاً باستقبالها زهاء المليوني لاجئ وباكستان ثانياً بمليون ونصف ولبنان ثالثةً بمليون ومئتي ألف كما يفيد التقرير، العالم في حالة حركة مستمرة حيث يندفع البشر إلى حواضر الاستقرار والازدهار والحقوق الشخصية هرباً من الفقر والظلم والحرب، وأحياناً نحو حياة أفضل فقط.
الهجرة اندفعت إلى مركز النقاش السياسي عالمياً هذا العام مع تصاعدها المتزامن مع أزمات العالم الاقتصادية المتلاحقة خلال العقدين الماضيين وتحولها للقضية المركزية في الانتخابات الغربية في أوروبا أولاً وأخيراً في الولايات المتحدة، اليوم لا يكاد خطاب سياسي أو برنامج انتخابي يخلو من قضية المهاجرين ومقترحات التعامل معها، وفي إطار محاولة فهم الصعود غير المتوقع والصمود المستغرب لحملة ترامب الرئاسية أعد بعض المحللين السياسيين الأميركيين دراسة مفادها أن تفسير هذه الظاهرة يكمن في تحول القواعد الانتخابية اليمينية من المحافظة التقليدية الاجتماعية إلى يمين أوروبي، ويقصد بذلك يمين يتخذ من معاداة المهاجرين والهجرة قضية أساسية وموقفاً رئيسياً، وواقع حملة ترامب هو أن الحملة تقوم على ركنين: معاداة الهجرة والمهاجرين ونبذ الخطاب السياسي لنخبة واشنطن، وفي أوروبا هنالك كذلك صعود مشابه للحركات التي تقف في وجه الهجرة، في بريطانيا وبشكل غير متوقع نجحت حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي متسلحة بعدائها للهجرة، وفي ألمانيا وفرنسا وغيرهما تصعد قوى اليمين المتطرف مرفوعة بالعداء المتزايد للهجرة وفي المجر ينقسم المجتمع في استفتاء شعبي بين مؤيدي ومعارضي الهجرة.
ولكن هل الهجرة فعلاً تشكل خطراً على هذه العواصم كما تدعي هذه القوى السياسية المناهضة للهجرة؟ في الحقيقة خاصة على مستوى الهرم السكاني أسهمت هذه الهجرات في المحافظة على توازن عام في البنية السكانية، في 2015 أسهم المهاجرون بأكثر من %40 من الزيادة السكانية في الولايات المتحدة وأكثر من %30 في أستراليا وجوارها، أما أوروبا فبدون المهاجرين كانت نسبة السكان في الحقيقة ستنقص عما هي عليه، هذا النمو السكاني هو ما يضمن استمرار الازدهار الاقتصادي في هذه الدول، خاصة أن متوسط الأعمار فيها إذا ما استثنينا المهاجرين في ارتفاع مستمر ما يعني أن توقف الهجرة سيقلل بشكل ملحوظ من نسبة الفاعلين اقتصادياً في مقابل المتقاعدين وكبار السن والذين يكلفون برامج الرعاية الاجتماعية في هذه الدول أكثر بكثير مما يكلفه المهاجر، كما أن التقرير ذاته يفيد بأن النسبة العظمى من المهاجرين عالمياً ينحدرون من دول متوسطة الدخل، بمعنى أن معظم المهاجرين ليسوا بحاجة إلى برامج الدعم الاجتماعي بل على العكس فهم يساهمون بشكل إيجابي في الاقتصاد الذي يهاجرون إليه، أما فيما يتعلق بالوظائف فتشير العديد من التقارير إلى أن معظم الوظائف التي ينافس عليها المهاجرون في مستقرهم الجديد هي الوظائف التي لا تكون جذابة للسكان الأصليين مثل وظائف الخدمة والوظائف الدنيا في القطاع الخاص.
لا شك أن تصاعد الهجرة في العواصم الأوروبية والغربية عموماً أسهم في نشوء مجتمعات مهاجرين ذات هوية وطبيعة مختلفة عن هوية وطبيعة المجتمعات الأصلية ولكن ما لا مجال لإنكاره هو أن هذه المجتمعات الأصلية في مجملها هي نتيجة تمازج قديم لهويات مختلفة مهاجرة، الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا بنيت من خلال موجات مهاجرين متلاحقة غير متوافقة في الغالب ولكن هذه الهويات انصهرت تدريجياً مع الحفاظ على بعض الخصوصيات، أوروبا الغربية هي مزيج من هويات أوروبية كانت يوماً ما متناحرة ثم هويات المستعمرات وأخيراً هويات المهاجرين واللاجئين، ولكن كل ذلك لا يمنع طبعاً من تخيل حالة «هم» و «نحن» مرتبطة بالمهاجرين، في العالم الغربي.
مشكلة الهجرة هي مشكلة مركبة تحمل جانباً حقيقياً في نطاق ضيق وقصير الأمد في العواصم التي تستقبل المهاجرين، ولكن الأثر الاقتصادي على الأقل في المجتمعات المزدهرة إيجابي في المجمل كما تشير الدراسات المختلفة، اليوم تساهم قضية الهجرة في إيصال قوى سياسية إلى سدة الحكم في عواصم غربية متعددة وربما تقوم هذه القوى حال وصولها للسلطة بالتضييق على الهجرة واللجوء ولكنها لا يمكنها بأي حال إيقاف موجات الهجرة إلى هذه الدول أولاً لالتزامها باتفاقيات إقليمية وعالمية وثانياً لحاجتها الاقتصادية إلى هؤلاء المهاجرين كقوة عاملة وكدافعي ضرائب جدد، الهجرة اليوم ستستخدم كسلاح في الصراعات السياسية ولكن توقفها أو تراجعها غير مستشرف لا من ناحية المجتمعات المصدرة أو المستقبلة للمهاجرين.;