أحدث الأخبار
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد

هيا بنا نعلّم الأميركيين الديمقراطية

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 11-10-2016


ارتسمت ابتسامة جانبية على وجهي وأنا أتابع المناظرة الثانية بين مرشحي الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، لم يكن مصدر هذه الابتسامة ترهات ترامب وأسلوبه الشوارعي ولا محاولات هيلاري اليائسة في الدفاع عن علاقاتها مع رجال الأعمال ومصالحهم، ولكنها كانت نتيجة مقارنة عقدتها في رأسي بين ما حدث ويحدث هذا العام في تركيا والمغرب وما يحدث في الولايات المتحدة، في هذه الأخيرة حملة للرئاسة ملؤها عنصرية وعبارات جنسية وفضائح من كل صوب ومرشحان تشير الاستطلاعات إلى أنهما أكثر مرشحين مكروهين في تاريخ الاستطلاعات في الولايات المتحدة، ولكن في الوقت نفسه يخرج الملايين كمؤيدين لخطاب عنصري بغيض مليء بالأكاذيب يقدمه رجل استعراضي لا يفهم أبجديات السياسة، وفي تركيا ينتصر الشعب لصالح الديمقراطية ويهزم مشروعاً محلياً وإقليمياً لإعادة الحكم العسكري الفاشي فيخرج الملايين بصدور عارية في مواجهة الدبابات والأسلحة الثقيلة، وفي المغرب تجرى انتخابات بدرجة عالية من النزاهة يحرز فيها حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى ببرنامج اجتماعي واقتصادي واضح رغم محاولات مستميتة لتشويه صورته في الإعلام من قِبل جهات مختلفة، باختصار في عام 2016 قدمت شعوب تركيا والمغرب نموذجاً ينبغي على الشعب الأميركي أن يحتذي به.
بطبيعة الحال لا يعني كل ذلك أن الوضع في منطقتنا مثالي أو حتى قريب من المثالية، وحتى الوضع في تركيا والمغرب ما زال يواجه العديد من التحديات غير البسيطة ولكن الانتصار الذي يجب التغني به هو أن هذين الشعبين لم تنجح آلة التخويف والتدليس والكراهية في حملهما على الانقلاب على قيم الديمقراطية أو على السماح للفساد وأعوانه من الوصول للسلطة، في تركيا اتحد الكيان الموازي مع أطراف عسكرية وعلمانية عديدة لتشويه العملية الديمقراطية بغية إسقاط حكومة منتخبة من خلال الصناديق أولاً وحين فشلوا في ذلك لجؤوا إلى السلاح القديم، الانقلابات العسكرية ولكن الوعي الشعبي بأهمية عدم الرجوع إلى الوراء والحفاظ على مكتسبات الحراك الإصلاحي حدا بملايين الأتراك إلى النزول إلى الشوارع وإسقاط الانقلاب، في المغرب دفعت مؤسسة الفساد القديم بكل قوتها خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة لإسقاط حزب العدالة والتنمية لصالح الدولة العميقة ممثلة في حزبها السياسي، ورغم أن العدالة والتنمية كان مقيداً بشكل كبير خلال فترته الأولى بسيطرة الدولة العميقة على الكثير من مفاصل الدولة، إلا أن الشعب المغربي فضله على غيره بوضوح في هذه الانتخابات في إطار الحفاظ على مكتسبات إصلاحات 2011.
في هذه الأثناء كان الموضوع الرئيسي لحملتي المرشحين الرئاسيين في الولايات المتحدة خلال الأسبوع السابق للمناظرة الثانية هو تسجيلات قذرة لترامب يتكلم فيها عن النساء ويشير فيها إلى مغامراته الجنسية بشكل حقير، كما دار الحديث حول العلاقة المريبة بين ترامب وروسيا؛ حيث امتدح بوتن أكثر من مرة بل وجه طلباً عبر وسائل الإعلام لقراصنة الإنترنت الروس لاختراق حساب كلينتون البريدي بهدف استخراج المزيد من الفضائح، وفي إثر ذلك اتهمت كلينتون أطرافاً روسية بالسعي لإيصال ترامب للبيت الأبيض، في مقابل ذلك كشفت تسريبات أن كلينتون وفي إطار مجموعة محاضرات مدفوعة الثمن قدمت وعوداً عديدة لصالح جماعات ضغط ومؤسسات تجارية ضخمة، كما أشارت بعض هذه التسريبات إلى اعترافها بأن لديها موقفاً «معلناً» وآخر «خفياً» فيما يتعلق بعالم الأعمال، وهذا غير اتهامها بمسح أكثر من 30 ألف رسالة إلكترونية قبل تسليم محتويات بريدها للجنة التحقيق الخاصة بالكونجرس، بالتالي ينحصر الخيار أمام الناخب الأميركي بين شهواني عنصري كاذب وسيدة أولى سابقة تمثل كل ما هو قبيح في عالم المناورات السياسية والمصالح الخاصة.
بطبيعة الحال الفساد والسياسة يكادان يكونان صنوين ولكن ما يحدث اليوم في واشنطن حالة متقدمة ويبدو أنها تتجه للأسوأ، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار نجاح خطاب كراهية سطحي في استقطاب الملايين في صفه بهذه السهولة، والكثير من المحللين السياسيين الأميركيين تملؤهم الحيرة من استمرار ترامب في الحفاظ على قواعده الشعبية رغم قيامه بكل ما يمكن لمرشح أن يقوم به لخسارة الأصوات، خطاب مشابه نجح في بعض الدول العربية مثل مصر والعراق في استقطاب المؤيدين وتكوين قواعد شعبية ضخمة، ولكن حين تتوفر الظروف الملائمة يخفت صوت هذا الخطاب ويصبح هامشياً كما هو الحال في تركيا والمغرب وتونس وإندونيسيا وماليزيا وغيرها من التجارب الأكثر استقراراً في العالم العربي والإسلامي، فالمقارنة الحقيقية بين الوعي الشعبي تكون في حالة من الاستقرار السياسي في ظل نظام تداول سلمي للسلطة، هنا ينكشف الوعي الشعبي الحقيقي.
في ظل تراكم الآلام في منطقتنا من الجميل أن نشاهد صوراً إيجابية هنا وهناك ونسمات من مستقبل مشرق ينتظر عالمنا المكبل بالجراح، مستقبل يجعل من شعوبنا بتضحياتها ووعيها وإدراكها نموذجاً للعالم يحتذى به، نموذجاً لسعي مستمر نحو الحرية والتنمية والسلام، وحتى نصل إلى حالة ننفك فيها من أسر النموذج الغربي وعشقه إلى بناء نموذجنا الخاص الذي نفخر به ونتأسى به على الصعيد السياسي والاجتماعي، ربما نكون اليوم بعيدين عن هذه النتيجة، ولكننا بلا شك في الطريق إليها.;