أحدث الأخبار
  • 10:57 . "الطوارئ والأزمات" تتابع تطورات الحالة الجوية وتؤكد جاهزيتها للتقلبات المرتقبة... المزيد
  • 09:29 . داخلية غزة تنشر وحداتها من مناطق انسحاب الاحتلال وتتعهد بإنهاء الفوضى... المزيد
  • 09:12 . رئيس وزراء قطر يبحث مع ماكرون تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة... المزيد
  • 08:53 . الاحتلال الإسرائيلي يبدأ انسحاباً تدريجياً من عدة مناطق في غزة... المزيد
  • 08:52 . تقرير: دبي تجذب 440 شركة متخصصة في إدارة الثروات والأصول... المزيد
  • 08:51 . ريم الهاشمي: الإمارات قدّمت 1.8 مليار دولار دعماً إنسانياً وتنموياً لغزة... المزيد
  • 01:34 . فحوص جينية اختيارية لطلبة المدارس المواطنين... المزيد
  • 01:33 . رئيس الدولة يصدر مرسوماً بقانون لتنظيم المصرف المركزي والقطاع المالي... المزيد
  • 11:16 . حكومة الاحتلال تصادق على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة... المزيد
  • 11:14 . اجتماع عربي أوروبي في باريس يطالب بضمان تنفيذ كامل لاتفاق غزة... المزيد
  • 11:12 . شهداء وعشرات المفقودين بقصف إسرائيلي على غزة رغم التصويت على وقف إطلاق النار... المزيد
  • 11:11 . زلزال بقوة 7.6 يضرب الفلبين وتحذيرات من تسونامي... المزيد
  • 01:16 . ضمن "دبلوماسية الذكاء الاصطناعي" لترامب.. واشنطن توافق على بيع رقائق "إنفيديا" لأبوظبي... المزيد
  • 01:02 . سلطان القاسمي يحث سكان الشارقة على تسجيل بياناتهم في التعداد... المزيد
  • 12:27 . بينها شركات في الإمارات.. عقوبات أمريكية جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بإيران... المزيد
  • 11:18 . خليل الحية: تسلمنا ضمانات من واشنطن والوسطاء بشأن تنفيذ خطة ترامب... المزيد

غزة غيرت الغرب كما لم يحدث من قبل

الكـاتب : أمينة أبو شهاب
تاريخ الخبر: 10-08-2014

غرب آخر هذا الذي ينبثق بإدراك معرفي جذري تجاه "إسرائيل" بعد غزة وبمواقف تمثل ترجمة حية وصادقة لهذا الوعي الذي صنعه فعل القتل البربري "الإسرائيلي" . هذا الإيغال الدموي الوحشي في الجسم الفلسطيني المدني الأعزل وبالتكنولوجيا التسليحية الغربية المتقدمة كان ما سيحرك بقوة العاطفة الإنسانية المشتركة ويحاكم "إسرائيل" "الدولة الديمقراطية والحضارية" والوحيدة في المنطقة العربية، كما هي هذه الدولة مغروسة في الوعي العام الغربي .
لقد انفكت هذه الصلة تماماً وبالذات في أوروبا، وأعني بها الرابطة التي تمت محاولة تأسيسها في الذهن الغربي العادي وفي الوعي العام هناك بين "إسرائيل" (المشاهدة الآن وهي تقتل الأطفال بمنهجية وتعمد ووحشية لامثيل لها) وبين القيم الحضارية الغربية والانتماء إليها وكذلك كون "إسرائيل" هي الكيان الذي يمثل الديمقراطية . لقد مرّ الوعي الغربي بحلقات زمنية ومراحل متتابعة من معاينة الممارسات العسكرية "الإسرائيلية" الإجرامية وتمثل ذلك في الانتفاضتين الفلسطينيتين في 1987 و2000 وفي الحروب على لبنان منذ العام 1982 وهو عام الحرب "الإسرائيلية" الأولى عليه وحتى عام ،2006 والحربين السابقتين على غزة في عامي2008 و2012 .
إن كانت هذه تمثل تاريخاً ضرورياً للوعي العام الغربي لكي يدرك ماهية "إسرائيل" وينقلب على صورتها الذهنية بشكل تدريجي فإن حرب غزة الأخيرة المستمرة مختلفة، فهي التي قضت على الجهد الإعلامي للمؤسسة الصهيونية في الغرب لعقود طوال للاحتفاظ بصورة الدولة التي تستجلب التعاطف والفهم لحاجاتها الأمنية والدفاعية .
حرب غزة هي التي وصف أثرها الكاتب اليهودي روجر كوهين حين نشر في النيويورك تايمز ودون أن يكون مبالغاً حقيقة أنها هي التي جعلت بريطانيا تفكر بعقل أن "من لا يحمل توجهاً سلبياً أو مضاداً ل"إسرائيل" في هذه الفترة لا يمتلك أي ضمير إنساني" . هذه المعادلة السائدة في بريطانيا تترجم نفسها عملياً في مشاهد في الشارع وفي المؤسسات العلمية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني لا يمكن تخيلها في بعض المدن العربية . هناك تعادل مساندة غزة ضد "إسرائيل" وجود الضمير أو عدمه، ولذلك فليس هو مشهد غريب أن يرفع المواطنون العاديون والنساء فيهم اسم غزة على لافتات تحملها دراجاتهم الهوائية . نطاقات مدنية وثقافية واقتصادية تقاطع "إسرائيل" ومنتوجاتها وفرقها الموسيقية وأفلامها وزائريها ويرفض مسرح بريطاني استضافة نشاط ثقافي يهودي كان يستضيفه لسنوات ما لم يرفض المنظمون اليهود (البريطانيون) منحة مالية من السفارة "الإسرائيلية" لهذا النشاط .
لقد تم تغيير وضع "إسرائيل" في النظرة الأوروبية الغربية العامة من "الضحية" إلى "الجاني"، أما تبعات ذلك فهي بلا شك تبعات تحول الغرب "الشعبي" إلى جبهة معادية ل"إسرائيل" مع إمكانية واقعية لأن يتخذ خطوات ويقوم بأفعال لاحقة تتسق مع هذا الوعي وتتجه إلى مناصرة الضحايا الحقيقيين وهم الفلسطينيون وإنصافهم بطرق جذرية ولا سابق لها ما دام أن الضمير الحقيقي قد وجد تمثله في الوقوف مع الشعب الفلسطيني .
لقد تمت كل هذه التحولات في الوعي الغربي بعيداً وبمعزل عن الموقف السياسي الرسمي وعن الإعلام ومؤسساته المعروفة التي شهدنا صمتها ومواراتها المنتظمة والمستمرة للحقائق في غزة، هذا مع عدم نسيان أو إغفال أن الصدمة العنيفة من إجرام "إسرائيل" والتعاطف الإنساني مع ضحاياها من الأطفال والمدنيين قد هزت حتى أكثر الجدر تماسكا في الدعم ل"إسرائيل" في الغرب وهي دوائر اليمين المحافظ . وروت البارونة والوزيرة المستقيلة من الحكومة البريطانية بسبب غزة كيف أن زملاء لها من الوزراء في الحكومة المحافظة كانوا لا يخفون تأثرهم الشديد وإبداء رغبة الاستقالة مثلها .
إن كان الإعلام الغربي الذي نعرفه لم يقم بالدور الأول في الوعي ب"إسرائيل"، فإن إعلام التواصل الاجتماعي قد فعل حقيقة وصبت آراء المنتسبين إليه في كشف الحقيقة في غزة وتحول المدن الغربية وشوارعها إلى مدن "لا سامية" حسب وصف الإعلام "الإسرائيلي" . في ألمانيا تصل إلى السفارة "الإسرائيلية" آلاف الرسائل الغاضبة والفاكسات وبأسماء أصحابها الحقيقيين وعناوينهم من الطبقة المتعلمة الألمانية التي تدين "إسرائيل" بلغة غير مترددة . وفي إسبانيا وإيطاليا تصل إدانة "إسرائيل" ومشابهتها بالقوى النازية ونشر آراء صريحة لكبار المفكرين في هذا إلى درجة مقاضاة الصحف من السفارة "الإسرائيلية" .
لقد غيرت حرب غزة الغرب كما لم يحدث من قبل، وترسخت فكرة عنه كنا نرددها بقليل من البراهين وقتها وهي أن الغرب ليس واحداً، وهو على أية حال ليس السياسات الرسمية التي تخدم "إسرائيل" وتتماثل معها .