في التاسع عشر من شهر رمضان الماضي، وبمناسبة يوم العمل الإنساني الإماراتي الذي قررت الإمارات أن تخلد به ذكرى القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، تشرفت بحضور حفل إفطار واحتفالية أقامتها مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، شهدها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة رئيس المؤسسة، وأزاح سموه الستار خلالها عن مجسم مسجد يحمل اسم الراحل الكبير في مدينة أكسفورد بالمملكة المتحدة، وجرى كذلك عرض فيلم قصير عن المسجد الذي كان باكورة الأعمال الدولية لمؤسسة تحمل اسم قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وأصبحت اليوم بفضل من الله ثم بدعم كريم من سموه تنفذ أعمالاً خيرية وإنسانية في عشرات الدول في مشارق الأرض ومغاربها.
وأتيح لي الأسبوع الماضي أن أطلع على أقسام مسجد الشيخ زايد خلال زيارة سريعة لمدينة أكسفورد، بعد أن أصبح تحفة معمارية إسلامية في تلك المدينة البريطانية ذات الجامعة العريقة التي تعود بعض كلياتها إلى أكثر من 450 عاماً مضت.
في الزيارة التي اصطحبني خلالها الدكتور باسل مصطفى أحد أمناء مركز جامعة أكسفورد للدراسات الإسلامية، تابعت كيف أصبح المسجد منارة لنشر التسامح والتعايش بين الأديان والحضارات، وهي الرؤية التي تميز بها القائد المؤسس زايد رحمه الله، وميز بها إمارات الخير والمحبة والعطاء، وسار على نهجه بها خليفة الخير حفظه الله.
وشملت توجيهات قائد المسيرة الاعتناء بالمرافق التابعة للمركز، لتقوم «خليفة الإنسانية» بتجهيز وإعداد السكن الداخلي لطلبته، بمتابعة مباشرة من سمو الشيخ منصور بن زايد.
وقد ساعد التصميم المعماري المسجد على أن يصبح معلماً للعمارة الإسلامية في تلك المدينة التي عُرفت ببيئتها وطرازها المعماري الثري، وجاء متناغماً معها، تلك المدينة التي اشتهرت بصورة خاصة باعتبارها مقصداً لطالبي العلم من مختلف أصقاع الأرض.
و«تم تصميمه ليكون مقصداً للراغبين في الصلاة فيه من المسلمين، وفي الوقت ذاته إتاحة الفرصة للتعرف على هذا المعلم الإسلامي ورسالته عن قرب لغير المسلمين».
المسجد الذي يعد الأكبر في مدينة أكسفورد يتسع لنحو 1000 مصل، ويضم مصلى للرجال في القاعة الرئيسية وباحته والقاعة تحت الأرضية، إلى جانب مصلى آخر للنساء.
وينهض المسجد برسالة هامة للغاية للتعريف بدين الحق، وهي رسالة تكتسب أهمية قصوى في عصرنا هذا، حيث يتعرض الإسلام لأسوأ أنواع وصنوف التشويه على يد المتاجرين به، وغيرهم من ناشري الفتن والأحقاد وسفك الدماء الذين ابتلي بهم الإسلام والمسلمون.
ونماذجهم وأفعالهم غير بعيدة عنا.
مسجد الشيخ زايد في أكسفورد صورة زاهية وحضارية للإمارات وخدمتها للإسلام والمسلمين في كل مكان، ومنارة تعبر عن رسالتها في تعزيز قيم التعايش والتسامح والحوار.
كما أنه صورة حية لما تقدم لأجل تضافر جهود خدمة الإنسان قاطبة من دون تمييز للون أو عرق أو معتقد.
جهد طيب مبارك لن يطفئ نوره الظلاميون ومن سار على نهجهم الخائب، ممن يريدون اختطاف جوهر الإسلام في العيش المشترك بين الشعوب.