أحدث الأخبار
  • 10:07 . زيارة ترامب إلى الخليج.. "المال أولاً"... المزيد
  • 08:10 . ترامب: زيارتي إلى السعودية وقطر والإمارات "تاريخية"... المزيد
  • 07:27 . السعودية "ترحب" بزيارة ترامب إلى الخليج... المزيد
  • 05:59 . بسبب أبوظبي.. الاتحاد الافريقي يعارض التدخل في شؤون السودان الداخلية... المزيد
  • 05:29 . الإمارات "تلاحق العالم" عبر تدريس الذكاء الاصطناعي للأطفال من سن الرابعة... المزيد
  • 05:11 . حزب العمال الكردستاني يقرر حلّ نفسه بعد 40 عاماً من التمرد على تركيا... المزيد
  • 04:55 . القسام تقرر الإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي اليوم... المزيد
  • 12:50 . الشارقة.. مبادرة لجمع 2.6 مليون درهم دعماً لغزة... المزيد
  • 12:07 . نتنياهو يرفض الالتزام بأي وقف إطلاق نار مع حماس... المزيد
  • 11:58 . القمة الشرطية العالمية تنطلق غداً في دبي... المزيد
  • 02:32 . حماس تعتزم الإفراج عن أسير أميركي ووقف مؤقت لإطلاق النار... المزيد
  • 08:47 . محمد بن زايد والشرع يبحثان تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية... المزيد
  • 06:44 . كيف تخطط لرحلة الحج من الإمارات؟.. التصاريح والتطعيمات ومتطلبات السفر الرئيسية... المزيد
  • 06:32 . بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول... المزيد
  • 12:39 . بعد قطع العلاقات.. الإمارات تعفي السودانيين من غرامات تصاريح الإقامة... المزيد
  • 12:37 . "محكمة أبوظبي" ترفض مطالبة شاب باسترداد 90 ألف درهم من زميلته لغياب الإثبات... المزيد

رأس المال الخليجي وشبح الإفلاس الأوروبي

الكـاتب : سالم سالمين النعيمي
تاريخ الخبر: 16-09-2014

في منظومة الاقتصاد العالمي ككل تتداخل الأسباب والمخرجات وتصبح مسألة الاستغناء عن المصالح الأجنبية والتعاون الدائم معها، هو عبث لا تستطيع دولة تحمل نتائجه، فأكبر السلع الأساسية لنا كخليجيين يتمثل في قطاعات النفط والغاز ومشتقاتهما والصناعات التحويلية وطموح دول مجلس التعاون الخليجي إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في ناتجها المحلي الإجمالي إلى 25% بحلول عام 2020، وتنشيط قطاع الخدمات والسياحة والسوق المالية والمصرفية، كل ذلك يجعلنا بصورة غير مباشرة تحت رحمة الرضوخ بصورة أو بأخرى للقوى السياسية والاقتصادية والصناعية العظمى والشركات العالمية، فمن يدير الصناعات والأسواق الكبرى، ومن يسيرها هو نفسه من يهيمن على كنوز المعرفة الذكية وشركات الطاقة العالمية، وهذه ليست مسألة ارتجالية.

وبالنسبة للغرب دول الشرق الأوسط الغنية بمصادر الطاقة تستولي على ثروات الغرب وتسحب ثرواتها والضحية الدول الكبري التي تقف عاجزة أمام حجم الإنتاج الذي يتحكم بالأسعار العالمية وإدارة عجلة الإقتصاد الأممي وبمنطق منتقدي السياسة الخليجية أو العربية تجاه الغرب كأن العرب لهم خيار، أو يستطيعون أن يرفضوا الواقع الدولي بعيداً عن العقلانية، فدولنا تُمثل العمق الاستراتيجي لأمنهم القومي وحدودهم الافتراضية، وهناك اعتمادية متبادلة بسببها لا نستطيع الاستغناء عن بعضنا البعض لاستمرار التنمية وأسلوب الحياة العصري، ناهيك عن أن معظم أصول وموجودات صناديقنا السيادية في دولهم، وكل قطعة غيار تحرك اقتصاداتنا وتساهم في نوعية الحياة التي نعيشها هم من يسيطرون على تكنولوجيا صناعتها. ولذلك يجب ألا نبيع الوهم للشعوب والعالم ينتقل من وضع دولي مضطرب إلى آخر على جميع الأصعدة، والتغيير هو جوهر التاريخ والتطور الطبيعي للحراك البشري.

ولا مفاجأة أن ذكرنا كبر حجم التأثير السلبي للعولمة وسطوة المؤسسات الاقتصادية الكبرى متعددة الجنسيات، حتى على أسلوب حياة الفرد الأوروبي، ولكن ذلك لم يمنع الأقليات والأقاليم عن الإعلان عن رغباتها في الحكم الذاتي والاستقلالية بجانب نهضة المدن الديناميكية أو المدينة العالمية، التي تنمو بمعدلات قوية، وبما يكفي لفصل أنفسهم عن السياقات الإقليمية الوطنية مستقبلاً، مع هجرة الأدمغة من جنوب وشرق أوروبا إلى شمالها، ولذلك واقعياً أن نجد حفنة من المدن الأوروبية الغنية الكبيرة جداً تختزل الثروات، وتحتوي على ثلاثة أرباع سكان أوروبا، وتنتج 85 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.

فتمركز الثورات في مناطق وإهمال التنمية في الأقاليم الأوروبية البعيدة عن المركز المتطور مع هجرة سكان تلك الأقاليم لمهنهم الأصلية، وفرض ضرائب كبيرة عليهم مساوية لسكان المدن، وسطوة النقابات الحرفية التي تسللت للمؤسسات السياسية وتحويلها للوبيات خاصة تسير الوضع السياسي نحو تعزيز قطاعاتهم على حساب مفهوم الأمة، سيؤدي في النهاية إلى انهيار الدولة الوطنية أو القومية على أقل تقدير في عقول وقلوب السكان، ونتيجة لذلك نمو دولة المدينة وبرلمانات النقابات.

ومن زاوية أخرى، فإن أكبر التحديات التي تواجه الاتحاد الأوروبي هو أن «اليورو» قد عرض السندات الحكومية للدول الأعضاء لمخاطر التخلف عن السداد، وبصورة أكبر للدول الأقل غنى، لأنه لا يمكن دائماً طباعة النقود والتنازل عن هذا الحق إلى بنك مركزي مستقل، والذي جعل الدول الأعضاء في موقف بلدان العالم الثالث التي تقترض بعملة أجنبية، فعندما صدر «اليورو» لم يُطلب من المصارف التجارية تحديد أية احتياطات رأسمالية مقابل مقتنياتها من السندات الحكومية والبنك المركزي الأوروبي، قبل بدوره جميع السندات الحكومية على قدم المساواة، ليتحول ذلك لعامل تحفيز للبنوك التجارية لشراء ديون الحكومات الضعيفة من أجل تحقيق مكاسب تتمثل في نسبة الفائدة المستقبلية، ولكن حدثت المفاجأة، وتحولت أسعار الفائدة في النهاية مع بروز الأزمة الاقتصادية إلى الصفر تقريباً، وتخلف بعض الدول عن سداد ديونها بالفعل ورفعت مؤشرات المخاطر، ونال ذلك من سندات كل البلدان المحيطة لتصبح تلك البلدان مثقلة بالديون المتراكمة، ونتيجة لذلك اضطرت السلطات إلى اللجوء إلى كل أنواع الحيل القانونية لمنع «اليورو» من الانهيار، وتلك القواعد جعلت «اليورو» أكثر تعقيداً، وباتت الدول المتأثرة به في ورطة أعمق مما كانت عليه.

واللافت للنظر أن الدول الأوروبية أصبحت لا تنتج منتجات تُباع في الأسواق العالمية بصورة تنافسية، بل غزت أسواقها بضائع قادمة من الصين واليابان وأميركا والبرازيل والنمور الآسيوية، وفي ظل ارتفاع كلفة العامل الأوروبي انتقلت الشركات الأوروبية إلى خارج القارة بحثاً عن عائد اقتصادي أفضل، وهروباً من تكاليف الطاقة المفرطة والقوانين الخضراء المبالغ في تطبيقها، والتركيز على النظام وإهمال الابتكارية والإبداع، مما أدى تأخر الإنتاجية الأوروبية والجحيم الضريبي، الذي دفع رأس المال الأوروبي للهروب للخارج في ظل الأزمات الاقتصادية المتواترة وتباطؤ نمو الإنتاجية والركود والبطالة وشيخوخة السكان وتراجع «اليورو»، وفرص صموده وإنقاذه دون أن ننسى المشكلة مع اقتصادات أوروبا الشرقية، وهي أن الهياكل السياسية لبعض تلك الدول لم تمر بإصلاح حقيقي في المضمون، وبعض هياكلها الاقتصادية يحتفظ بنظام التخطيط المركزي القديم، وبعض الأحزاب الاشتراكية تنتخب فيها وفق نظام أقرب إلى الأحزاب الشيوعية السابقة، ولا يزال الفساد كابوسا لا يفارقها.

كما أن التكاليف الأوروبية المفرطة تسببت في استمرار انخفاض أسعار الفائدة والتضخم، وهذا يفرض عبئاً مخفياً كبيراً على الاقتصاد ككل، وسيكون من الصعب جداً إزالته، ثم هناك ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب التي تجعل السلع والخدمات العادية أكثر تكلفة بكثير مما في البلدان الأخرى، في حين أن إعفاء الصادرات يضمن توازن المدفوعات في الاتحاد الأوروبي، ولكن أدى لرفع تكاليف السلع والخدمات، وبالتالي استنزاف مستويات المعيشة لسكان القارة، مما يجعل الثروة الحقيقية لا تعادل القوة الشرائية، بل أقل بكثير مما تبدو عليه بجانب التكاليف التي تفرضها القارة على أنظمة النقابات مما جعل الأعمال التجارية أقل كفاءة بكثير ومرونة، مما ينبغي عليه في خضم ضعف الطلب مما يعني أن التضخم الأساسي، هو أيضاً عرضة لخطر السقوط واحتمال الوقوع في فخ الانكماش، حيث إن المستهلكين في تأجيل دائم في أوروبا للإنفاق وانتظار انخفاض الأسعار والديون التي ترفع من القيمة الحقيقية، ويرتفع في كل مرة تراجع التضخم، وتأثير التقشف على النمو، وأضيف إلى ذلك الأزمة المصرفية، فأزمة الائتمان وارتفاع الفوائد على الديون المرتفعة، لم تحل دون قدرة المدينين على السداد، والتي ستزيد من خفض النمو الاسمي، فمن سيغامر بذكاء، ويقبل سندات منطقة «اليورو» مقابل ضمانات على إعادة هيكلة واسعة النطاق للقطاع، وإغلاق المؤسسات غير المربحة ودمج الآخرين، أو إجبار التأميم الجزئي؟

وبغض النظر عن الحلول، من سيغامر يجب أن يساهم في وضع حلول ابتكارية مستدامة، ويكون شريكاً في إدارة الأزمة؟ ولكن ما هو مدى اتفاق الاتحاد المصرفي مع الحكومات الوطنية لإحداث الإصلاح على المدى الطويل؟ فإعادة رسملة البنوك غير كافية دون الحل التنظيمي ومعالجة الديون السيادية. كما أن تحول أوروبا لدول دائنة وأخرى مدينة لا يخدم وحدة اتحادها، وهنا تبرز أهمية دول الخليج لمستقبل أوروبا، ليس في الإطار المفاهيمي فقط، ولكن تطبيقياً وفق مبدأ عدم اليقين البشري لصراع البقاء التبادلي المنفعي، ليستمر الأفضل على شكل تجمع، وليس بصورة فردية في نظرية نشوء وارتقاء اقتصادي قابلة للقياس.