10:07 . زيارة ترامب إلى الخليج.. "المال أولاً"... المزيد |
08:10 . ترامب: زيارتي إلى السعودية وقطر والإمارات "تاريخية"... المزيد |
07:27 . السعودية "ترحب" بزيارة ترامب إلى الخليج... المزيد |
05:59 . بسبب أبوظبي.. الاتحاد الافريقي يعارض التدخل في شؤون السودان الداخلية... المزيد |
05:29 . الإمارات "تلاحق العالم" عبر تدريس الذكاء الاصطناعي للأطفال من سن الرابعة... المزيد |
05:11 . حزب العمال الكردستاني يقرر حلّ نفسه بعد 40 عاماً من التمرد على تركيا... المزيد |
04:55 . القسام تقرر الإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي اليوم... المزيد |
12:50 . الشارقة.. مبادرة لجمع 2.6 مليون درهم دعماً لغزة... المزيد |
12:07 . نتنياهو يرفض الالتزام بأي وقف إطلاق نار مع حماس... المزيد |
11:58 . القمة الشرطية العالمية تنطلق غداً في دبي... المزيد |
02:32 . حماس تعتزم الإفراج عن أسير أميركي ووقف مؤقت لإطلاق النار... المزيد |
08:47 . محمد بن زايد والشرع يبحثان تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية... المزيد |
06:44 . كيف تخطط لرحلة الحج من الإمارات؟.. التصاريح والتطعيمات ومتطلبات السفر الرئيسية... المزيد |
06:32 . بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول... المزيد |
12:39 . بعد قطع العلاقات.. الإمارات تعفي السودانيين من غرامات تصاريح الإقامة... المزيد |
12:37 . "محكمة أبوظبي" ترفض مطالبة شاب باسترداد 90 ألف درهم من زميلته لغياب الإثبات... المزيد |
توقفت كثيراً عند نتائج استفتاء انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، لقد رضخت الأقلية للأغلبية وانتهى الأمر، وستبقى أدنبرة في أحضان العرش البريطاني إلى أن يحين وقت استفتاء سلمي آخر، وإلى أن يحين ذلك الوقت، لن يهدد الراغبون في الانفصال باستخدام القوة، ولن يشكلوا ميليشيات ولا جيشاً حراً، ولن يطالبوا بالتدخل الخارجي، وإنما سيتعايشون بكل بساطة وأسلوب حضاري ديمقراطي بنتيجة الاستفتاء . وفي المقابل قدم رئيس وزراء المملكة المتحدة الشكر للشعب الاسكتلندي على خياره، ولم يطلق كلمات التهديد والوعيد للذين طالبوا بالانفصال، ولن يلجأ إلى حبسهم والتنكيل بهم، بل وجه إلى الجميع رسالة شكر وتقدير، وتستمر العملية الديمقراطية وفق هذا النهج السلمي .
في بلادنا العربية يحدث العكس تماماً، فجأة ينقسم الجيش، وينقسم الشعب، وفجأة يظهر المسلحون في الشوارع وتبدأ المعركة، ويتم تدمير المدن والقرى، وتنطلق التفجيرات التي تقتل المدنيين وتهدم المؤسسات، وتنطلق أيضاً الاتهامات بالخيانة والدكتاتورية والرجعية والاستبداد والكفر . وفجأة ينقسم المجتمع الدولي مع وضد، حتى يصل الأمر إلى اندلاع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر، ويجتمع مجلس الأمن الدولي فينحاز إلى فئة دون أخرى، ويتم بناء التحالفات، وتشتعل النار وتعم الفوضى . ترى ما هو الفرق بيننا وبينهم؟ ولماذا يحلّون مشاكلهم بالحوار ونحل مشاكلنا بالدمار؟ هل تربوا تربية مختلفة عن تربيتنا؟ هل تاريخهم الحضاري يختلف عن تاريخنا؟ هل يحبون بلدانهم وأوطانهم أكثر مما نحب بلادنا وأوطاننا؟
لقد مر الغرب وبلاد أوروبا الغربية بما تمر به المنطقة العربية الآن من حروب دينية، ومارسوا القتل ضد بعضهم البعض ربما بطرق أسوأ مما نقوم به الآن؟ وعانوا الحركات الانفصالية ونشوء الكيانات الصغرى كما نعاني الآن وسنعاني في المستقبل، لكنهم استفادوا من منطق التاريخ الذي يقول إنه من المستحيل حل المشاكل المجتمعية والفروقات بين الأديان والمذاهب بالقوة، لأنه من الصعوبة بمكان خروج منتصرين من هذه الحروب، فبنوا مجتمعاتهم وفق هذا المبدأ المهم .
ونحن في المقابل، على الرغم من مرورنا بهذا الاقتتال المذهبي والديني منذ مئات السنين، إلا أننا لم نستفد أبدا من التجربة، ولا نزال نحتكم إلى السكين والسيف والبندقية لحل مشاكلنا، ويحاول كل طرف إثبات وجوده عن طريق إلغاء الآخر، هذا الإلغاء المستحيل إتمامه بالصراع المسلح، لأنه بكل بساطة، من المستحيل القضاء على مئات الملايين الذين يدينون بمذهب ديني معيّن، فلماذا نصر على أن نواصل قتالاً بدأ منذ مئات السنين (دون تحديد التاريخ حتى لا نقع في المحظور)، ولماذا نصّر على مناقشة أمور لن يتراجع أي من الأطراف عنها حتى بعد آلاف السنين؟
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل السياسة هي التي تقود الدين أم العكس، وهل المذهب هو الذي يقود السياسة أم العكس؟ وإن كان الأمر كذلك، هل يقوم البعض باستخدام الدين لأغراض الدنيا؟ وهل يجوز هذا دينياً ومذهبياً؟ هذه تحتاج إلى فتوى؟ لا أعتقد أن هناك جريئاً يمكن أن يقر بأنه يجوز تحوير الدين لصالح السياسة، خاصة أنهم يدركون تقلبات السياسة وتحالفاتها ومطباتها وخطورتها .
السؤال الآخر: هل حقيقة أن الصراع الآن هو صراع مذهبي خالص، وأصيل تماماً؟ بمعنى، هل من يقود الصراع ويشحن الناس بالكراهية والتطرف يفعل هذا من تلقاء نفسه أم أنه يرضخ لتوجهات أخرى لا علاقة لها بالدين أو المذهب، وإنما تستغل تلك التوجهات؟ وغالباً ما تكون عائدة لقوى خارجية نافذة، هذه النعرات الطائفية والمذهبية كي تعيدنا إلى عصور الظلام والبؤس، فندمر البناء والانجازات، ونقضي على لحمة المجتمعات، ونبقى كذلك حتى يصيب الجميع الإنهاك، فتتدخل هذه الجهات ببرود وسلام لتحكمنا وتتحكم بثرواتنا الطبيعية، أو لإعادة حكمنا من جديد، وسرقة خيراتنا، وإبقائنا سوقاً للسلع والمنتجات، بعد أن فشلنا طوال العقود الماضية في أن نصبح دولاً مكتفية ذاتياً، توفر لشعوبها الطعام والشراب من الصناعة المحلية والزراعة المحلية .
لم يعد في الأمر لغز، المسائل تكاد تكون واضحة كعين الشمس، فما كان يتم قبل أربعين عاما في الخفاء يتم الآن جهاراً وبوضوح، ويستطيع الطفل الصغير أن يصل إلى نتيجة إذا ما وضع أمام هذه الحيثيات والأسئلة والوقائع .
لقد غادر علي عبدالله صالح، الرئيس اليمني السابق، السلطة، وكان اليمنيون يظنون أن في غيابه سيتحقق السلم والاستقرار والديمقراطية، فإذا باليمن (الذي لم يعد سعيداً) ينحدر إلى أتون الحرب الأهلية، التي لا نجد لها وصفاً آخر، فالمعركة بين يمنيين، مهما كان انتماؤهم أو معتقداتهم أو مذاهبهم، ومن المستحيل أن يتم القضاء على أي طرف من أطراف الصراع . وكذلك غادر العقيد معمر القذافي السلطة قتلاً، وكان الاعتقاد يسود لدى الليبيين أنه بالقضاء عليه سيتمتعون بخيرات نفطهم وثمرات تراب ليبيا، لكن الميليشيات دمرت البلاد تدميراً قاتلاً، واكتشفنا أن هناك مائة قذافي يحتلون المدن الليبية . وينطبق هذا على سوريا ولبنان والعراق .
إن هذا الكلام لا يعني وقوف الشعوب مكتوفة الأيدي، وعدم المطالبة بحقوقها واسترداد إنسانيتها، ولكنه يعني أيضاً الإيمان المطلق بأن المشاكل التي تسود بين الشعب الواحد لا يمكن حلها بقوة السلاح، ولا بالتكفير أو الإلغاء، وإنما بالحوار .
ليستمر الحوار عشرات السنين ولا تسقط قطرة دم واحدة من أي فريق، خير من نشوب صراع ينشر الكراهية بين أبناء الشعب الواحد، حتى يصل إلى مرحلة لا يمكنه التعايش مع بعضه البعض، ما يقود حتماً إلى التقسيم، فهل هذا ما تريده الشعوب حقاً؟ وإذا ما تحولت هذه الفئات والأعراق والمذاهب والأقليات إلى دول، ترى من سيوفر لها مستلزمات الحياة؟
هنالك أكثر من جهة على استعداد لتوفير هذه المستلزمات ولكن المقابل سيكون خسران السيادة والحرية، فهل تخرج الشعوب من استبداد إلى استبداد آخر؟ هذا ما يحدث الآن، وسيحدث غداً، إذا ما استمرت الشعوب في جهلها وتجاهلها لأبسط أنماط الفهم والتعايش وتجاوز الذات وتغليب مصلحة الوطن ومستقبل الأجيال على المصالح الفئوية الحزبية المذهبية .