أحدث الأخبار
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد
  • 12:43 . استقالة وزير خارجية هولندا بسبب موقف حكومة بلاده من العدوان الصهيوني على غزة... المزيد
  • 12:11 . عبد الله بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون المشترك... المزيد
  • 12:10 . "إيكاد" تفضح تلاعب الناشطة روضة الطنيجي بمصادر أمريكية لتشويه الجيش السوداني... المزيد
  • 11:29 . زيارة سرية لمساعد نتنياهو إلى أبوظبي لإصلاح العلاقات وسط مخاوف من هجمات محتملة... المزيد
  • 11:26 . الإمارات تسلّم مطلوبَين دوليين إلى فرنسا وبلجيكا في قضايا اتجار بالمخدرات... المزيد
  • 09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد
  • 09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد
  • 09:53 . بريطانيا: منع "إسرائيل" إدخال المساعدات لغزة "فضيحة أخلاقية"... المزيد
  • 06:25 . "هيئة الطيران" تصدر لائحة جديدة لإدارة الأزمات في المطارات... المزيد
  • 06:24 . رصد هلال آخر شهر صفر في سماء أبوظبي... المزيد
  • 11:50 . واشنطن تراجع أوضاع 55 مليون أجنبي يحملون تأشيرات دخول سارية... المزيد
  • 11:41 . نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية لإطلاق الأسرى ويعتمد خطة احتلال غزة... المزيد
  • 10:32 . التربية تعتمد مواعيد الدوام المدرسي للعام الدراسي الجديد... المزيد

الحابل مع النابل

الكـاتب : علي الظفيري
تاريخ الخبر: 27-08-2014

في لحظة جنون، من لحظات جنونه الذي لم ينقطع إلا بموته، استنكر القذافي القواعد المتعارف عليها في لعبة كرة القدم، كان يستغرب وجود كرة واحدة بين أحد عشر لاعبا من كل فريق، ووجود الجمهور متفرجا عليهم، وطالب بنزول الجمهور لأرضية الملعب، والمشاركة في اللعب، هكذا دفعة واحدة، وكان الرجل يلمح في نظريته الكروية لأسلوبه في الحكم، يوم كانت الجماهيرية الديمقراطية الشعبية أنموذجه المتفرد بين أنظمة الحكم في العالم، وقد كان يكذب طول الوقت، فلا جماهيرية ولا جمهور، وحده وأولاده يحكمون ليبيا بالحديد والنار، والجنون أيضا.
اليوم، وبعد رحيل واحد من ألمع المهرجين في القرن العشرين، يبدو أن نظرياته تجد رواجا في عالمنا العربي، فالإعلام العربي ساحة مفتوحة، الكل فيها يعلم، ويعلم، بلا قيود ولا حدود لهذه الممارسة المفتوحة، أصبحت الساحة مفتوحة للجميع، أفرادا وأجهزة وأنظمة ومؤسسات، ليس من سياج يحيط الجغرافيا الإعلامية المفترضة، تهدمت كل القواعد والأدبيات والضوابط المهنية اللازمة، وأصبحنا أمام ملعب كبير يعج بالجمهور القادم من كل صوب وحدب، وأنت لا تعرف ما يأتيك بالضبط من مادة إعلامية، ولا من أين على وجه التحديد، وما الهدف المنشود منها، إذا ما أدركت أن الأجهزة تعمل بلا كلل ودون واجهة معلومة على خلط أوراق هذا الميدان.
الفضاء المفتوح، والذي بفضله اكتسبنا جميعا هامشا أكبر من حرية التعبير، وكسرنا احتكار الأنظمة للمعلومة والتواصل مع الآخرين، تسبب أيضا بخلط الحابل مع النابل في الساحة الإعلامية، لم يعد بمقدورك أن تميز بين المادة الإعلامية وما يشبهها، اختلطت الأخبار بالإشاعات والآراء والمعلومات الصحيحة والمغلوطة، ولم يعد بإمكان المتلقي التمييز بشكل واضح بين المنتج الإعلامي معروف المصدر والهدف، ومنتج آخر يحاول التلبيس على الناس وخداعهم، والدخول عليهم من بوابة الإعلام والأخبار والتحليل وغيرها، وتداخلت الأشياء بشكل عقد من الأمر، وليس كما يتوقع البعض، بأنه أصبح أكثر سهولة ويسرا مما كان عليه.
الحسابات في تويتر أصبحت مواقع ومنصات إعلامية، صفحات الفيس بوك، الأفراد الذين لا نعرف خلفياتهم ومؤهلاتهم وحقيقة أعمالهم ومصالحهم، تحولوا إلى منصات إعلام وأخبار للناس في مختلف القضايا، ونحن لا نستطيع بأي شكل من الأشكال محاسبة هؤلاء، أو التدقيق والمراجعة وراء أعمالهم وأخبارهم ومواقفهم وتحليلاتهم، فهم من ناحية يمنحوننا الشعور بالمعرفة والقرب من مصدر ما في صناعة القرار، ومن ناحية لا يمكن لومهم أو تحميلهم مسؤولية عمل لم يقدموا أنفسهم على أنهم قائمون به، وهذا يحدث في ظل حبس متعمد لنشاط المؤسسات الإعلامية المعروفة وصاحبة العنوان المحدد، حتى لا يبدو أي أمر قابل للحسم والقطع، كل شيء احتمالي بدرجة معينة، وثمة قنوات -أفراد وصحف غير معروفة وحسابات- تعمل بنشاط وهمة وتنظيم، وتغطي شيئا من العجز الذي تمتاز به المؤسسات الإعلامية الرسمية، فيبدو أنها محل ثقة للجمهور، ثم تبدأ عمليات التلبيس والخلط والنشاطات غير المعروفة عبر البدائل.
أنت لا تعرف، كمتلق، ما الأخبار الصحيحة من الشائعات، فيما تعرضت له هذا اليوم، تخرج من هذه الدوامة محملا بالجديد والكثير دائما، ولكنك لا تثق بجدية ما تلقيت، وصحة ما خرجت به من معلومات، ولا تملك الوقت ولا المعرفة الكافية للتدقيق، لا حاجة لك أحيانا بهذه المراجعة، المهم أنك خرجت -وبسرعة- ومعك حصيلة لا بأس بها، تشكل موقفك وخوفك واهتمامك وتوجهك، ودونما إدراك لما تعرضت له، وقد تقضي عمرا دون أن تكون قد تحققت من أمر تلقيته عبر هذه الوسائط.
هذا أمر لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، وإلا فكارثة محققة بانتظارنا جميعا، والأيام شواهد
.