أحدث الأخبار
  • 06:52 . السعودية تنفذ حكم القتل لمدان يمني متهم بقتل قائد التحالف بحضرموت... المزيد
  • 06:51 . بين توحيد الرسالة وتشديد الرقابة.. كيف ينعكس إنشاء الهيئة الوطنية للإعلام على حرية الصحافة في الإمارات؟... المزيد
  • 06:41 . أمير قطر: كأس العرب جسّدت قيم الأخوّة والاحترام بين العرب... المزيد
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد

المواجهة التاريخية الشاملة لا المؤقتة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 28-08-2014

موضوع "داعش" و"النصرة" وبقية المنظمات الجهادية التكفيرية المماثلة، سواء على المستوى الوطني أم المستوى العالمي العابر للحدود، ما عاد يكفي التعامل معه ومواجهته بمقال صحفي هنا أو بخطاب إعلامي هناك . فمواجهة علة خطرة، على مستوى الصحة والاجتماع، إن لم تكن شاملة، فإنها لن تجدي .
لنذكر أنفسنا أولاً بأنه في خلفية الموضوع تكمن إشكالات كبرى . هناك أولاً الجانب الديني المتمثل في القراءات التخمينية المتزمتة لنصوص قرآنية منتقاة مفصولة عن سياقها التاريخي وأسباب نزولها، وفي أشكال من الفكر الفقهي المتخلف والذي لأسباب دنيوية ألبسه أصحابه أثواب القداسة، وفي التاريخ الطويل للاستعمالات الانتهازية للدين ورموزه في صراعات الملك والسياسة والاستحواذ على الغنائم .
هناك ثانياً ثقافة التسلط والقمع في البيت والمدرسة والمسجد والحزب ومؤسسات المجتمع والحكم المؤدية إلى سلوكيات الطاعة العمياء والاتكالية والخوف، وتبرير كل ذلك من خلال ترديد الأمثال الشعبية الشائعة المتجذرة المتلاعبة بحقول الإيمان والغيب والأخلاق والأوهام والتطلعات والأشواق الروحية في الإنسان .
هناك ثالثاً الحزازات والولاءات القبلية والطائفية المذهبية والعائلية والجهوية التي لم يستطع لا الإسلام الجامع ولا قيم الحداثة الديمقراطية محوها من حياة العرب السياسية والاجتماعية . . جميع تلك الإشكالات، وغيرها الكثير من المواضيع والسلوكيات المشوهة لإنسانية الإنسان ومجتمعاته، والتي جميعها تقف وراء ظاهرة جنون الجهاد التكفيري، لن تكفي لمواجهتها عبارات الشجب والغضب المؤقت والقلق الكاذب المنافق عند هذه الحكومة أو تلك أو عند هذه الجهة الاستخبارية أو تلك .
لماذا الأمر كذلك؟ لأن الدراسات والتحاليل النفسية والسوسيولوجية تؤكد بأن تلك الإشكالات والعوامل الدينية والثقافية والسلوكية والسياسية التي زرعت ظاهرة الجنون الديني الماثل أمامنا هي نفس الإشكالات والعوامل الكامنة في عقل ووجدان أغلبية كبيرة من سكان أرض العرب . والفرق الوحيد بين هذه الأغلبية من الملايين وبين البضعة ألوف من حاملي رايات "داعش" و"النصرة" وفروعهما هو أن تلك الإشكالات والعوامل قد تفجرت وظهرت كممارسات غريزية همجية إلى السطح عند أولئك الأتباع، بينما
هي ما زالت في حالة الكمون والتخفي في أعماق الكثيرين منا بانتظار الفرص والظروف الملائمة لتنفجر وتظهر على السطح في أشكال لا حصر لها من الهمجية والجنون العنفي .
وهناك رابعاً بالطبع قضايا الفقر والقمع الأمني والبطالة والتهميش والتمييز وغيرها الكثير .
هذا المشهد العربي العام المملوء بما انتهت صلاحيته التاريخية، الموبوء بما لا يتوافق وبما لا يمكن أن يتعايش مع متطلبات العصر والكثير من قيمه الإنسانية المعقولة المجربة، هو الذي يجب التوجه نحو معالجته بصور شاملة جدية عميقة شتى، حيثما يتجلى، ولدى كل حامليه وناصريه، ابتداء من الوالدين اللذين يعكسان كل أمراض محيطهما الاجتماعي ويعيدان إنتاج الموروث الحضاري ويدخلان كل ذلك في عقل ووجدان أطفالهما، مروراً بالأستاذ المدرسي أو الجامعي الممارس اجترار التراث، مروراً بعالم الدين المهووس بادخال كل ما هو هامشي غريب وشاذ وغير منطقي في فضاءات الدين البسيطة السامية المستنيرة المتسامحة، وانتهاء بشتى أنواع السياسيين المتاجرين بالدين في أسواق السلطة والأطماع والنهب والفساد .
ذلك التحليل النفسي والسوسيولوجي والفلسفي للفرد والجماعة، الذي سيكشف أوهام الثقافة العربية اليقينية، المطلوب معالجته للتراث كناقد ومتجاوز وتفاعله مع الحداثة بندية ونقد وإضافات إبداعية . . . هذا التحليل لا يمكن أن يتم وينضج إلا في أجواء الحرية والأنظمة الديمقراطية التي طرح شعاراتها الكبرى شباب ثورات الربيع العربي في بداياتها .
قدر الجيل العربي الجديد أن يناضل، دون هوادة ودون التفات إلى المثبطات التي تلقى أمامه، من أجل انتقال أمته التاريخي نحو الديمقراطية، ليس فقط لأنها مهمة بذاتها، وإنما لأن وجودها شرط للبدء بذلك التحليل النفسي - السوسيولوجي الذي سيكشف المسكوت عنه من أجل أن تصحو الأمة العربية وتستجمع قواها لتواجه العوامل الكثيرة التي فرخت "داعش" و"النصرة" وأخواتهما في الماضي والحاضر، والتي إن لم تعالج بمستوى تاريخي جمعي ستفرخ مستقبلاً أولادهما وأحفادهما .