بحث الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الأربعاء، مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، سبل تطوير مسارات التعاون بين مقديشو وأبوظبي في مختلف المجالات.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن اللقاء، الذي جرى في العاصمة مقديشو، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، إلى جانب "الجهود المشتركة لتوسيع وتطوير التعاون بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين".
وتأتي الزيارة بعد أشهر من لقاء الرئيس الصومالي في مارس الماضي مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حيث بحثا في أبوظبي تعزيز التعاون المشترك ودعم جهود التنمية والاستقرار في الصومال.
رغم مؤشرات التقارب الحالية، فإن العلاقات بين الإمارات والصومال شهدت خلال السنوات الماضية توترات حادة على خلفية ملفات النفوذ الإقليمي وإدارة الموانئ.
ففي يناير الماضي، فجّرت اتفاقية أبرمتها إثيوبيا مع "أرض الصومال" — برعاية غير مباشرة من أبوظبي وفق اتهامات صومالية — غضب مقديشو، بعد أن منحت الاتفاقية أديس أبابا حق استخدام 20 كيلومتراً من السواحل لمدة 50 عاماً.
ورد الرئيس حسن شيخ محمود بتوقيع قانون يلغي الاتفاق واعتبره "انتهاكاً للسيادة"، ملوّحاً بخيار المواجهة لحماية بلاده.
التوتر لم يكن وليد اللحظة؛ إذ تعود جذوره إلى فترة الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، حين اختارت حكومته الحياد في أزمة الخليج عام 2017، قبل أن يتفاقم الخلاف عام 2018 عندما صادرت السلطات الصومالية طائرة إماراتية تحمل 9.6 مليون دولار، قالت أبوظبي إنها مخصصة لرواتب جنود صوماليين، فيما اعتبرتها مقديشو أموالاً لتأليب الأقاليم ضد الحكومة المركزية.
ومع وصول شيخ محمود إلى الحكم في 2022، عادت أبوظبي لتنشط بقوة في الصومال سياسياً واقتصادياً، لتصبح الإمارات أولى وجهاته الخارجية، في إشارة إلى فتح صفحة جديدة بعد سنوات من الجمود.
لكن إلى جانب التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، يثير الحضور العسكري الإماراتي في الصومال تساؤلات متكررة حول أهدافه، حيث أنشأت أبوظبي ودعمت قوات أمنية محلية في مناطق مثل بونتلاند وأرض الصومال، إلى جانب قاعدة الجنرال جوردون في مقديشو، حيث تقوم بتدريب مجندين جدد للجيش الصومالي.
وقد تعرضت هذه القاعدة لهجوم دموي في فبراير 2024، أسفر عن مقتل أربعة عسكريين إماراتيين، ما أثار جدلاً واسعاً بشأن المخاطر التي يواجهها الجنود الإماراتيون في بيئة شديدة الاضطراب.
تقارير أممية سابقة (2017 – 2018) اتهمت أبوظبي بخرق حظر السلاح على الصومال عبر نقل معدات عسكرية إلى الأقاليم، معتبرة أن وجودها العسكري "يساهم في تعميق الانقسامات الداخلية بدلاً من تعزيز الاستقرار".
بينما تسعى الزيارات المتبادلة واللقاءات الرسمية إلى إظهار صفحة جديدة من العلاقات الإماراتية – الصومالية، فإن الإرث الثقيل من الخلافات، إلى جانب الطابع المثير للجدل للحضور العسكري والاستثماري الإماراتي، يطرح تساؤلات حول طبيعة هذا التقارب: هل يمثل بداية عهد استقرار وتعاون استراتيجي؟ أم مجرد محطة مؤقتة في مسار متقلب تحكمه المصالح المتغيرة؟