أحدث الأخبار
  • 09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد
  • 09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد
  • 09:53 . بريطانيا: منع "إسرائيل" إدخال المساعدات لغزة "فضيحة أخلاقية"... المزيد
  • 06:25 . "هيئة الطيران" تصدر لائحة جديدة لإدارة الأزمات في المطارات... المزيد
  • 06:24 . رصد هلال آخر شهر صفر في سماء أبوظبي... المزيد
  • 11:50 . واشنطن تراجع أوضاع 55 مليون أجنبي يحملون تأشيرات دخول سارية... المزيد
  • 11:41 . نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية لإطلاق الأسرى ويعتمد خطة احتلال غزة... المزيد
  • 10:32 . التربية تعتمد مواعيد الدوام المدرسي للعام الدراسي الجديد... المزيد
  • 10:30 . اجتماع طارئ "للتعاون الإسلامي" الاثنين لبحث مواجهة احتلال غزة... المزيد
  • 10:29 . السعودية وأمريكا توقعان اتفاقية شراكة عسكرية جديدة... المزيد
  • 12:10 . ماكرون: فرنسا والسعودية تقودان مساراً ملزماً للاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 12:09 . الشرع يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري... المزيد
  • 11:34 . استطلاع: أغلبية الأمريكيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين ودعم المدنيين في غزة... المزيد
  • 10:50 . رغم مخالفته الشريعة وهوية الدولة.. تسجيل 43 ألف عقد "زواج مدني" في أبوظبي منذ 2021... المزيد
  • 10:48 . انخفاض درجات الحرارة وفرصة أمطار غداً في بعض المناطق... المزيد
  • 09:58 . قرقاش: الإمارات ثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين وأهالي غزة... المزيد

ظاهرة الحروب الأهلية العربية

الكـاتب : نسرين مراد
تاريخ الخبر: 30-11--0001

تتمتع الشعوب العربية بخاصية فريدة من نوعها، تتمثل في سهولة إذكاء حرب بين مكونات الشعب الواحد فيها. تُستخدم في ذلك ورقة التفرقة، التي تعتمد أصول المكونات العرقية أو معتقداتها الدينية والمذهبية، أو اختلافات أصولها الجغرافية وأيديولوجياتها السياسية.

الإنسان العربي عموماً، سهل الاستثارة في اتجاه المواجهة والحرب مع بني جلدته. لا يختلف كثيراً عن الأقوام الجاهلية القديمة، التي ظهرت فيها حروب عبثية طويلة، مثل حرب البسوس، وداحس والغبراء. الطبقات السياسية العربية معروفة بالميل للاستقواء بأية قوة خارجية، ضد ند أو خصم لها في الداخل. يستغل الخارجي أو الأجنبي هذه الظاهرة لتطبيق أجندة شيطانية، من دون بذل كثير من الجهد أو التضحية بالكثير من جانبه. تصبح الشعوب العربية وقوداً سائلاً لتلك الأجندات والمشاريع.

للحروب الأهلية العربية نوعان؛ باردة وساخنة، أي مشتعلة. الحرب الباردة تمتاز بالاستمرار في التعبئة والشحن الفكري والعاطفي، لصالح فئة ضد أخرى. هذه قد تمتد لعشرات ومئات السنين، فيها تظل الأطراف منشغلةً بتعبئة أتباعها لأقصى فترة زمنية ممكنة، حتى إذا ما حلت ساعة الصفر وتهيأت الظروف الميدانية، تنطلق الكتل الجماهيرية المعبأة، بعد تجهيزها بالسلاح القتالي الفتاك من أي مصدر كان. تستمر الحرب الساخنة لتقضي على الأخضر واليابس، بدوافع انتقامية تعبر عن أنفس جاهلة ولا تتمتع بالحد الأدنى من التفكير العقلاني السليم. الجماهير العربية وقياداتها العقائدية والسياسية، ميالة على الدوام في اتجاه الحسم العسكري مهما تكن التكاليف.

ظاهرة إشعال الحروب الأهلية بدأت حديثاً منذ نهاية القرن العشرين، حين أيقظت الثورات في المنطقة حالة غبن تعيشها فئات عريضة في الدول العربية الحديثة. الأنظمة السياسية التقليدية العربية، لم تقم بإنجاز الحد الأدنى من الفكر الديمقراطي، ولم تسمح لمكونات المجتمعات المختلفة بالتنفيس عن الاحتقان السياسي والعقائدي والإثني لديها. بذلك عملت تلك الكتل التي تشعر بالغبن، مثل قنابل موقوتة، أيقظها مرور ربيع التغيير العربي عليها؛ مع إضافة نكهة من التدخل الخارجي. صارت ظاهرة انتشار الحروب الأهلية مثل مشاريع يُخطَّط لها في الخفاء، بدلاً من أن تكون مشاريع تحرُّر حقيقية، تخدم كافة مكونات المجتمعات الثائرة أو المنتفضة أو المتمردة!

لا تلوح في الأفق بوادر أو معطيات، تشير إلى قرب حل للأزمات العربية يؤدي إلى أي انفراج. لا بل إن كل مشروع حرب له أنصاره وأتباعه ووسائل إعلامه ومواده التفجيرية. هنالك مشروع عام واضح يتجه نحو صوملة الأوضاع العربية، في كل قطر ثار أو انتفض أو تمرد على حكامه. الشعوب العربية منشغلة، بل غارقة في حروب من نوع البسوس، وداحس والغبراء. قياداتها لا تأبه لحشود اللاجئين والنازحين والقتلى والجرحى والخسائر الهائلة في الممتلكات والثروات الوطنيي، المرحلية والاستراتيجية.

المدن والبلدات العربية أولى ضحايا الحروب الأهلية العربية. ما على المستطلِع إلا أن يمر بالمدن والبلدات العراقية والسورية والليبية، وبدرجة أقل نظيراتها في الدول العربية الأخرى التي مر بها ربيع التغيير حتى الآن. الثروات العربية هي الضحية الأخرى، وفي مقدمتها البترول العربي الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد العربي الحديث.

القوى البشرية العربية هي الضحية الأخرى، وتمثل كافة فئات وشرائح وطبقات المجتمعات العربية. ينتشر الفقر والجهل والبطالة بشكل غير مسبوق، لا تاريخياً ولا دولياً حديثاً. الحضارة والقيم والمبادئ والعقائد في المنطقة، باتت في خطر مهب رياح التغيير. الإنسان العربي الآن يبحث عن لقمة عيش، تأتيه من أكثر المصادر والأماكن استهانةً بقواه النفسية والعقلية والمعنوية والحضارية. القيادات والشعوب العربية مطالَبة، وأكثر من أي وقت مضى، بالبحث عن مخرج من هذا الواقع أو المستنقع الذي وقعت فيه.

لا يعني ذلك الاستهانة بما أُنجز حتى الآن في مسارات ربيع التغيير العربي المختلفة. أهم تلك الإنجازات هو التخلص من أنظمة مستبدة، لا تعرف أي معنى للديمقراطية واحترام حرية الشعوب، أفراداً وجماعات وشرائح وكتلاً اثنيّةً.