أحدث الأخبار
  • 12:57 . اعتقال رئيس بلدية معارض آخر في تركيا... المزيد
  • 12:56 . البرلمان الأوروبي يصوّت لصالح شطب الإمارات من قائمة مخاطر غسل الأموال... المزيد
  • 12:53 . "طيران الإمارات" تعلن استمرار توقف رحلاتها إلى إيران... المزيد
  • 10:59 . دمشق تجدّد رفضها للفيدرالية وتدعو الأكراد للانضواء في الجيش... المزيد
  • 10:57 . محمد بن راشد يطلق منظومة الأداء الحكومي الاستباقي عبر الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 10:55 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترف بمقتل جندي في غزة خلال محاولة أسره... المزيد
  • 10:54 . جيش الاحتلال الإسرائيلي يعترض صاروخا من اليمن بعد أيام من هجمات على الحديدة... المزيد
  • 01:12 . غرق سفينة جديدة بالبحر الأحمر نتيجة هجوم للحوثيين... المزيد
  • 12:36 . الصحة الإيرانية: مقتل 700 مدني في الحرب مع "إسرائيل"... المزيد
  • 12:33 . الإمارات ضمن أكبر عشرة شركاء تجاريين للاتحاد الأوراسي عالميا... المزيد
  • 12:32 . "بلومبيرغ": الإمارات تمد نفوذها في محيط السودان بشبكة دعم لوجستي... المزيد
  • 12:29 . دمشق تنفي لقاء الشرع مسؤولين إسرائيليين في أبوظبي... المزيد
  • 12:02 . "التربية" تحدد ضوابط استرجاع الرسوم الدراسية عند انتقال الطالب من مدرسة خاصة... المزيد
  • 12:02 . "الإمارات للدواء" تعتمد أول علاج فموي عالمي لاضطراب نقص الصفيحات المناعي... المزيد
  • 12:01 . المبعوث الأمريكي يتحدث عن بقاء نقطة خلافية واحدة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:00 . ماكرون يدعو لإنهاء الاعتماد الأوروبي على أميركا والصين... المزيد

إفشال الثورات: الأسلوب واحد

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 26-08-2015

من أجل تشويه القيمة التاريخية لثورات وحراكات الربيع العربي، وما تختزنه في شعاراتها التي رددتها حناجر الملايين من آمال وأهداف للمستقبل، تتفنن بعض قوى المصالح والمنافع في القراءات الخاطئة لما جرى، وفي إلصاق التهُم والنعُوت لما حدث.
من هذه التُهم الباطلة أن تلك الحراكات وما أعقبها من أحداث وفواجع، قادت المجتمعات العربية من حالة الهدوء والسلم الأهلي والتعايش المشترك إلى حالات انقسام المجتمعات على نفسها ودخولها في فوضى أمنية وسياسية. هذه التهُم تذكرنا بتهم مماثلة قيلت عبر تاريخنا وتاريخ الآخرين. قالتها قريش لنبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم) عندما نادى بمساواة أغنياء ووجهاء القوم مع فقراء وبسطاء القوم في الكرامة والمكانة والحقوق الإنسانية. كان ذلك بالطبع نقلا لمجتمع مكة من سلم أهلي كاذب، مفروض بالعصا وبسلطة المال وبادعاءات تاريخية خادعة، إلى مجتمع العدل والقسط والميزان والتساوي أمام خالق الكون ورسول الدعوة. فهل كان يعقل أن تحدث تلك النقلة الثورية الكبرى من دون أن يدخل المجتمع المكي في انقسام كبير بين من يؤمنون بالثورة الجديدة ويعاضدون قائدها ومن يعارضونها حماية لمصالحهم وامتيازاتهم؟
الصورة نفسها والانقسامات المجتمعية نفسها والتهم نفسها كيلت ورفعت بصوت عال، واجهها حكم الخليفة عمر بن الخطاب والإمام علي بن أبي طالب والخليفة عمر بن عبدالعزيز، لأن الثلاثة تعاملوا مع دين الإسلام كثورة اجتماعية كبرى، تعمل من أجل إحداث تغييرات عميقة في مجتمعات البشر، وهو أمر لا يقبله أصحاب المصالح والامتيازات. والأمر كذلك حدث للمجتمع الذي فجر فيه النبي عيسى ابن مريم، عليه السلام، ثورته الكبرى. وللمجتمع الفرنسي إبان وبعد ثورته الإنسانية المبهرة، وللمجتمع الأمريكي عندما قاد الرئيس إبراهام لنكولن ثورته الشهيرة من أجل تحرير العبيد.
إن جميع تلك الثورات والتغييرات، التي قادها مثل أولئك الأنبياء العظام والقادة الكبار، ما كان لها أن تنجح أو تبقى في ضمير البشرية كقيم أساسية ودروس وعبر، لو أن اصحابها اكتفوا بإلقاء المواعظ والدروس النظرية. لقد كان لابد من تجييش أجزاء من المجتمعات لتدخل في صدام مباشر مع أجزاء أخرى لتصبح الثورات ثورات تغيير ونقل من حال فاسد ظالم سابق إلى حال أكثر عدلا في أمور السياسة والاقتصاد والاجتماع.
لهذا، فإن الذين يشيعون التهمة بشأن ثورات وحراكات الربيع العربي، تهمة إدخال المجتمعات العربية الحالية في انقسامات وصراعات، إما أنهم لم يدرسوا تاريخ الثورات والحراكات التغييرية الكبرى في حياة البشرية عبر تاريخها الطويل، وإمُا أنهم يريدون أن يجعلوا من الربيع العربي مهرجان خطابات عبثية لا تغير ولا تبدل شيئا في حياة العرب البائسة المتخلفة، الرازحة منذ قرون تحت نيرالاستبداد الداخلي والسيطرة الخارجية. لكن، هناك جانب مهم يجب أن يتنبه له شباب وشابات الربيع العربي، من المستمرين في بذل الجهود والتضحيات لإنجاح ذلك الربيع، رغم المصاعب والمصائب، هو محاولات جهات المصالح والامتيازات حرف الانقسامات المجتمعية من انقسامات حول أهداف الثورات الكبرى الضرورية العادلة إلى انقسامات حول أمور فرعية لا دخل لها بالثورات ولا بالتغيرات التي تهدف الثورات إحداثها.
إن محاولات أصحاب المصالح والامتيازات تمثلت عبر التاريخ العربي وتاريخ الآخرين بدس الجواسيس والخدم القابلين للشراء بالمال والمناصب، دس هؤلاء بين صفوف الثوار ومناصريهم لجرف ثورتهم عن أهدافها الأصلية إلى أهداف فرعية، وإشغال الناس بالتالي بالدخول في صراعات فرعية.
لقد فعلها كبار قريش وفعلها الأمويون وغيرهم، عندما أدخلوا المجتمعات العربية في مجادلات سفسطائية حول مقارنة سخيفة في الفضل والمنزله الدينية بين الخلفاء الراشدين الأربعة، فاشغلوا العامة بذلك الجدل العبثي، حتى يتفرغ الطامعون في الحكم والمال للحصول على ما يبتغون بعيدا عن رقابة الناس المنشغلين بتلك السفسطة.
كل الثورات تعرضت لمثل تلك المحاولات الخبيثة، من خلال دس الجواسيس والمخبرين والمتحمسين الكاذبين، حتى تضيع الثورات في المتاهات والمجادلات البيزنطية. ثورات وحراكات الربيع العربي تتعرض الآن لمثل ذلك الاختراق. المطلوب نسيان شعارات الكرامة الإنسانية والحرية والعدالة الاجتماعية واستبدالها بشعارات الصراعات الطائفية المبتذلة بين السنة والشيعة وأصحاب بقية المذاهب، وبشعارات الصراعات القطرية الضيقة والحزبية المتشنجة الاستئصالية، وبالطبع أخيرا شعارات التفاخر القبلية.
قبائل وطوائف العرب في ماضيهم المأساوي يحلُ محلهما اليوم أصحاب المال العرب وعساكرهم وطائفيوهم والمخابرات المحلية والدولية. في الماضي كان الهدف إفشال ثورة محمد بن عبدالله العظيمة، والآن إفشال ثورات وحراكات شباب وشابات الأمة.