أحدث الأخبار
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد
  • 06:35 . "معرفة دبي" تعلق عمليات التقييم والرقابة بالمدارس الخاصة للعام الدراسي القادم... المزيد
  • 12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد
  • 12:19 . الجابر لترامب: الإمارات سترفع استثمارات الطاقة بأميركا إلى 440 مليار دولار بحلول 2035... المزيد
  • 11:12 . نيابة عن رئيس الدولة.. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات إلى القمة العربية في العراق... المزيد
  • 11:09 . سبع دول أوروبية تطالب الاحتلال بوقف حرب الإبادة في غزة وإنهاء الحصار.. وحماس تشيد... المزيد
  • 11:05 . إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن بالقدس المحتلة... المزيد

المجتمع العربي والأزمات

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 07-12-2015


الأزمات السياسية العربية الحادة في هذه السنوات، تؤثر وبشكل كبير على المجتمعات العربية، فشل الدولة، والمواجهات المسلحة، إضافة إلى استمرار الاستبداد السياسي في احتكار السلطة وعدم فتح الأبواب للتغيير، كلها مع غيرها من العوامل، أدت إلى خنق الروح العربية التي تحلم بالأفضل، ولم تورثها الجمود فقط، بل قادت إلى التراجع، فاستمرار الأزمات وألمها، يقود إلى انحدار في سلم القيم المجتمعية، وهذا خطر لا خطر وراءه.
وقد تحدث علماء الاجتماع عن مفهوم «الأنومي» ووصفه المفكر فهمي هويدي أنه: مصطلح يستخدم في وصف الانفلات الذي ينتاب قيم المجتمع، بحيث تصبح عاجزة عن القيام بوظيفتها الإيجابية، وتكون القيم بذلك مكرسة للتراجع والتخلف بدلا من أن تكون رافعة للنهوض والتقدم، وشيوع المناخ الخانق الذي يؤدي لانحدار القيم، يعود في المقام الأول إلى السلطة السياسية في البلد، فعندما يفسد نظام الإدارة في بلد ما، يكون هذا كفيلاً بإفساد أي بعد آخر في المجتمع، فالعديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية تنشأ حين يسود الشعور بالاستبعاد والتهميش بين الأفراد، وحين تضعف القيم الاجتماعية وتهتز، فحينها المفاهيم والمعاني الإنسانية والدينية تفسد وتُستخدم في غير محلها، مثل الحرية والديمقراطية وغيرها، وهناك قناعات سلبية تسود وتُعمَّم في المجتمع وقت الأزمات والانكسارات، مثل أن الشخص النظيف لا يمكن أن ينجح بين الناس، أو أن «القوي» يستحق بعض الامتيازات؛ لأنه قوي وهذا نتاج طبيعي لما يشاهده الفرد أمامه في الدولة من انتشار المحسوبيات والفساد بين الطبقات والنخب العليا في المجتمع.
ولنأخذ حالة المجتمع المصري كمثال؛ لأنه أكثر مجتمع تمت الكتابة عنه من هذه الزاوية، ففي النصف الأخير من القرن الماضي، مرت على المجتمع المصري تحولات أيديولوجية ساهمت في خلخلة بنيته الثقافية المستقرة، وتسهيل حدوث نوع من التغير، ما أدى إلى عدم استقرار في المنظومة الثقافية وأدى إلى دخول سمات سلبية وانتهازية أثرت على المناخ الاجتماعي كله، فيذكر أستاذ علم الاجتماع علي ليلة، في دراسته «تحولات الثقافة ومنظومات القيم في مصر»: أنه «من الأسباب المسؤولة عن هذه الهشاشة الثقافية تسارع التحولات الاجتماعية الاقتصادية التي مر بها المجتمع‏، فقد كان المجتمع ذا توجه ليبرالي بالأساس إضافة إلي منظومات قيمية أخرى مجاورة، ثم تحول بعد ‏1952‏ إلى التوجه القومي مع اتباع كل ما يمكن أن يسمى بالتطور الرأسمالي المرشد في نفس الوقت‏، واستمر التوجه القومي من ‏1952‏ حتى ‏1960‏؛ حيث انهيار الوحدة كأول مشروع أو حلم قومي،‏ وفي أعقاب ذلك حدث تحول جديد استغرق الفترة‏1961‏ وحتى ‏1970‏ تم التأكيد فيه على التوجهات الاشتراكية،‏ وهذه التوجهات فرضت ضرورة أن توجه سلوكيات البشر بمنظومة قيمية غير المنظومات التي كانت سائدة من قبل، وحينما وقعت نكسة ‏1967‏ بدأ التآكل في التحول الاشتراكي وإن كان بصورة غير محسوسة في البداية‏ غير أنه حينما توفي الزعيم الاشتراكي في ‏1970‏ بدأ التحول عن الاشتراكية في اتجاه الليبرالية واضحا وصريحا،‏ وقد عجل من ذلك تراجع فاعلية قوة الاتحاد السوفيتي‏، واتساع فاعلية القوي الرأسمالية أو الليبرالية،‏ وقد استمر هذا التحول حتى ‏1990‏ ليبدأ تحول جديد مع سقوط الاتحاد السوفيتي‏، وبداية تشكل نظام عالمي جديد أصبحت متغيرات التغير أو التحول فيه من الخارج بالأساس»‏.‏
هذا التحول والاستغلال الجديد القادم من الخارج، تعاضدت معه قوى وطبقات اقتصادية من الداخل، وخلق اغترابا بين المصريين والطريقة التي تدار بها البلد، فاستأثر الأغنياء بالمصالح المهمة في البلد، وأصبحت مصر بلداً ليس له مثيل في «خدمة الأغنياء» كما يقول المفكر المصري جلال أمين، وطبقة الأغنياء كان لها تداخل مع السلطة الحاكمة في البلد، من أجل تسيير المصالح والمنافع بين النخبتين، «ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث يكون للأغنياء أن يتدخلوا في إدارة الحكم للبلد بهذه الطريقة»، حسب الوصف الذي قالت به دراسة صادرة عن مركز كارنيجي، وهذا التقهقر والانحدار المستمر جسدته عقود مبارك الثلاثة، أما الأخبار والمشاهد التي ترد من مصر اليوم، تحت إدارة عبدالفتاح السيسي، فهي مشهد جديد في منظومة التأثير السياسي السلبي على المجتمع، عام واحد، فاق في سوئه وحدته وعمق أزمته، ما مر بالمصريين خلال الثلاثة عقود.