أحدث الأخبار
  • 12:36 . الصحة الإيرانية: مقتل 700 مدني في الحرب مع "إسرائيل"... المزيد
  • 12:33 . الإمارات ضمن أكبر عشرة شركاء تجاريين للاتحاد الأوراسي عالميا... المزيد
  • 12:32 . "بلومبيرغ": الإمارات تمد نفوذها في محيط السودان بشبكة دعم لوجستي... المزيد
  • 12:29 . دمشق تنفي لقاء الشرع مسؤولين إسرائيليين في أبوظبي... المزيد
  • 12:02 . "التربية" تحدد ضوابط استرجاع الرسوم الدراسية عند انتقال الطالب من مدرسة خاصة... المزيد
  • 12:02 . "الإمارات للدواء" تعتمد أول علاج فموي عالمي لاضطراب نقص الصفيحات المناعي... المزيد
  • 12:01 . المبعوث الأمريكي يتحدث عن بقاء نقطة خلافية واحدة بين حماس والاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 12:00 . ماكرون يدعو لإنهاء الاعتماد الأوروبي على أميركا والصين... المزيد
  • 11:59 . ولي العهد السعودي يبحث مع عراقجي أمن المنطقة والملف النووي الإيراني... المزيد
  • 05:56 . الإعلان عن مقتل وإصابة أربعة في الهجوم على سفينة يونانية بالبحر الأحمر... المزيد
  • 01:00 . بالتزامن مع زيارة الرئيس السوري لأبوظبي.. رسائل تضامن من نشطاء سوريين إلى معتقلي الرأي الإماراتيين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إنقاذ طاقم سفينة بريطانية استهدفها الحوثيون في البحر الأحمر... المزيد
  • 11:32 . خلال قمة بريكس.. وزير الخارجية السعودي يدعو لتحقيق سلام دائم في غزة... المزيد
  • 11:29 . أبو عبيدة يتوعد الاحتلال: معركة الاستنزاف مستمرة وخسائر يومية بانتظاره في غزة... المزيد
  • 11:25 . حصيلة ضحايا فيضانات تكساس ترتفع إلى 104 والمفقودون بالعشرات معظمهم أطفال... المزيد
  • 11:11 . ‌‏جيش الاحتلال يعلن مقتل خمسة جنود وإصابة 14 شمال قطاع غزة... المزيد

المجتمع العربي والأزمات

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 07-12-2015


الأزمات السياسية العربية الحادة في هذه السنوات، تؤثر وبشكل كبير على المجتمعات العربية، فشل الدولة، والمواجهات المسلحة، إضافة إلى استمرار الاستبداد السياسي في احتكار السلطة وعدم فتح الأبواب للتغيير، كلها مع غيرها من العوامل، أدت إلى خنق الروح العربية التي تحلم بالأفضل، ولم تورثها الجمود فقط، بل قادت إلى التراجع، فاستمرار الأزمات وألمها، يقود إلى انحدار في سلم القيم المجتمعية، وهذا خطر لا خطر وراءه.
وقد تحدث علماء الاجتماع عن مفهوم «الأنومي» ووصفه المفكر فهمي هويدي أنه: مصطلح يستخدم في وصف الانفلات الذي ينتاب قيم المجتمع، بحيث تصبح عاجزة عن القيام بوظيفتها الإيجابية، وتكون القيم بذلك مكرسة للتراجع والتخلف بدلا من أن تكون رافعة للنهوض والتقدم، وشيوع المناخ الخانق الذي يؤدي لانحدار القيم، يعود في المقام الأول إلى السلطة السياسية في البلد، فعندما يفسد نظام الإدارة في بلد ما، يكون هذا كفيلاً بإفساد أي بعد آخر في المجتمع، فالعديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية تنشأ حين يسود الشعور بالاستبعاد والتهميش بين الأفراد، وحين تضعف القيم الاجتماعية وتهتز، فحينها المفاهيم والمعاني الإنسانية والدينية تفسد وتُستخدم في غير محلها، مثل الحرية والديمقراطية وغيرها، وهناك قناعات سلبية تسود وتُعمَّم في المجتمع وقت الأزمات والانكسارات، مثل أن الشخص النظيف لا يمكن أن ينجح بين الناس، أو أن «القوي» يستحق بعض الامتيازات؛ لأنه قوي وهذا نتاج طبيعي لما يشاهده الفرد أمامه في الدولة من انتشار المحسوبيات والفساد بين الطبقات والنخب العليا في المجتمع.
ولنأخذ حالة المجتمع المصري كمثال؛ لأنه أكثر مجتمع تمت الكتابة عنه من هذه الزاوية، ففي النصف الأخير من القرن الماضي، مرت على المجتمع المصري تحولات أيديولوجية ساهمت في خلخلة بنيته الثقافية المستقرة، وتسهيل حدوث نوع من التغير، ما أدى إلى عدم استقرار في المنظومة الثقافية وأدى إلى دخول سمات سلبية وانتهازية أثرت على المناخ الاجتماعي كله، فيذكر أستاذ علم الاجتماع علي ليلة، في دراسته «تحولات الثقافة ومنظومات القيم في مصر»: أنه «من الأسباب المسؤولة عن هذه الهشاشة الثقافية تسارع التحولات الاجتماعية الاقتصادية التي مر بها المجتمع‏، فقد كان المجتمع ذا توجه ليبرالي بالأساس إضافة إلي منظومات قيمية أخرى مجاورة، ثم تحول بعد ‏1952‏ إلى التوجه القومي مع اتباع كل ما يمكن أن يسمى بالتطور الرأسمالي المرشد في نفس الوقت‏، واستمر التوجه القومي من ‏1952‏ حتى ‏1960‏؛ حيث انهيار الوحدة كأول مشروع أو حلم قومي،‏ وفي أعقاب ذلك حدث تحول جديد استغرق الفترة‏1961‏ وحتى ‏1970‏ تم التأكيد فيه على التوجهات الاشتراكية،‏ وهذه التوجهات فرضت ضرورة أن توجه سلوكيات البشر بمنظومة قيمية غير المنظومات التي كانت سائدة من قبل، وحينما وقعت نكسة ‏1967‏ بدأ التآكل في التحول الاشتراكي وإن كان بصورة غير محسوسة في البداية‏ غير أنه حينما توفي الزعيم الاشتراكي في ‏1970‏ بدأ التحول عن الاشتراكية في اتجاه الليبرالية واضحا وصريحا،‏ وقد عجل من ذلك تراجع فاعلية قوة الاتحاد السوفيتي‏، واتساع فاعلية القوي الرأسمالية أو الليبرالية،‏ وقد استمر هذا التحول حتى ‏1990‏ ليبدأ تحول جديد مع سقوط الاتحاد السوفيتي‏، وبداية تشكل نظام عالمي جديد أصبحت متغيرات التغير أو التحول فيه من الخارج بالأساس»‏.‏
هذا التحول والاستغلال الجديد القادم من الخارج، تعاضدت معه قوى وطبقات اقتصادية من الداخل، وخلق اغترابا بين المصريين والطريقة التي تدار بها البلد، فاستأثر الأغنياء بالمصالح المهمة في البلد، وأصبحت مصر بلداً ليس له مثيل في «خدمة الأغنياء» كما يقول المفكر المصري جلال أمين، وطبقة الأغنياء كان لها تداخل مع السلطة الحاكمة في البلد، من أجل تسيير المصالح والمنافع بين النخبتين، «ولأول مرة في تاريخ مصر الحديث يكون للأغنياء أن يتدخلوا في إدارة الحكم للبلد بهذه الطريقة»، حسب الوصف الذي قالت به دراسة صادرة عن مركز كارنيجي، وهذا التقهقر والانحدار المستمر جسدته عقود مبارك الثلاثة، أما الأخبار والمشاهد التي ترد من مصر اليوم، تحت إدارة عبدالفتاح السيسي، فهي مشهد جديد في منظومة التأثير السياسي السلبي على المجتمع، عام واحد، فاق في سوئه وحدته وعمق أزمته، ما مر بالمصريين خلال الثلاثة عقود.