أحدث الأخبار
  • 05:11 . حزب العمال الكردستاني يقرر حلّ نفسه بعد 40 عاماً من التمرد على تركيا... المزيد
  • 04:55 . القسام تقرر الإفراج عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي اليوم... المزيد
  • 12:50 . الشارقة.. مبادرة لجمع 2.6 مليون درهم دعماً لغزة... المزيد
  • 12:07 . نتنياهو يرفض الالتزام بأي وقف إطلاق نار مع حماس... المزيد
  • 11:58 . القمة الشرطية العالمية تنطلق غداً في دبي... المزيد
  • 02:32 . حماس تعتزم الإفراج عن أسير أميركي ووقف مؤقت لإطلاق النار... المزيد
  • 08:47 . محمد بن زايد والشرع يبحثان تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية... المزيد
  • 06:44 . كيف تخطط لرحلة الحج من الإمارات؟.. التصاريح والتطعيمات ومتطلبات السفر الرئيسية... المزيد
  • 06:32 . بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول... المزيد
  • 12:39 . بعد قطع العلاقات.. الإمارات تعفي السودانيين من غرامات تصاريح الإقامة... المزيد
  • 12:37 . "محكمة أبوظبي" ترفض مطالبة شاب باسترداد 90 ألف درهم من زميلته لغياب الإثبات... المزيد
  • 12:12 . السعودية وإيران تبحثان تعزيز التعاون ومستجدات الملف النووي... المزيد
  • 11:54 . "صحة أبوظبي" تكشف عن شبكة تزوير إجازات مرضية عبر "واتساب"... المزيد
  • 11:52 . باكستان والهند تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار... المزيد
  • 11:50 . سوريا.. احتراق أكثر من 30 هكتاراً بريف اللاذقية خلال 4 أيام... المزيد
  • 10:48 . وزير الخارجية الإيراني: لن نتنازل عن حقوقنا النووية... المزيد

العربي في عالم متغير

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 20-08-2014

تائه هذا الإنسان، ضائع بين ما يؤمن به وما يجبر عليه، وما يرهبه مادياً ومعنوياً على القيام به، وقيم وفضائل سمعها في ترانيم أمه صغيراً ورسخها في ذهنه سلوك أبيه وأعمامه وأخواله وذويه وأقربائه مراهقاً، وفي تعاليم معلميه في المدرسة وإمام مسجده . فهو بين قرصي الرحى، غير قادر على الخروج إلى النور، الظلام بالنسبة له لباس تقيه عيون الناس، بعد أن نزعت عنه كل ملابسه، حتى ورقة التوت التي كانت تداري سوءَتِهِ هب عليها طوفان التغيير فذهبت أدراج الرياح . وبين أقراص الرحى لا تسلم حبات القمح من الطحن إلى أن تضيع معالم شخصية الحبوب وتمتزج، فتتحول إلى ذرات بيضاء اختلطت بفعل فاعل، فضاعت هوية الحبة الواحدة، بل اختلت هويات كل الحبوب فصارت كلها طحيناً أبيض ومزيجاً له هوية واحدة قابلة للعجن والخبز والأكل والهضم و . . . .
الإنسان العربي في عالم متغير، ورؤى متناقضة، وتعاليم متعددة، وشخصيات شديدة الازدواجية، يكاد أن يفقد هويته، فهو إما إرهابي أو معتدل، ولكنه لم يعرف بعد معنى الإرهاب الذي يتهم به ولا يعرف الاعتدال الذي يرجى منه، وليس ذلك بغريب على عالم تناقضت فيه المفاهيم والأعراف، وتراكمت أقراص الرحى على حبات الدقيق بغية تحقيق جودة الإنتاج وسرعة الأداء من أجل الحصول على منتج في أقصر فترة زمنية وبأقل تكلفة وفق معايير "جديدة" وضعها مبرمج غربي، وجربت في المعامل والمختبرات والمصانع هناك، وكانت نتائجها هذه الثورة الصناعية التي يمتلكها الغرب الرأسمالي، حيث لم يعد بإمكان الإنسان العربي إلا تلقفها وترديدها والسير وفق مناهجها ورؤاها .
بعض ما يصدره الغرب إلى العرب خطوط إنتاج تحويل القمح إلى طحين وفق معايير الصناعة في أوروبا وأمريكا، وفي الوقت نفسه، يصدرون لنا فكراً خاصاً بإعادة تشكيل السلوك وفق مقتضيات المصالح الخاصة بهم . ولم يكن ذلك لينجح لولا أن ذلك سبقه مسح لهوية الانسان العربي، ذلك الإنسان الذي قَبِلَ أن يُطَبَع بعد أن أُغرِيَ بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، وليس أدل على ذلك من وعود الغرب للعرب أثناء وبعد الحربين العالميتين، وما نتج عن تلك الوعود من تقسيم وتطبيع وتهويد . والغرب هو نفسه الغرب مع تغير مسميات الدول فيه والعرب هم العرب مع تزايد كبير في دولهم وتنظيماتهم وأنظمتهم، والهدف هو نفسه الهدف القديم الجديد، حيث صراع القيم قائم مع تبدل كبير في موازين القوى لصالح الغرب . إلا أن معضلة تطويع وتطبيع أو تهويد العرب تكمن في أنهم صاروا شعوباً شتى وقبائل لم تفرغ بعد من قتالها وقتلها لبعضهم . ويكمن كذلك في البقية الباقية من تعاليم الدين وجوهره الكامن في بعض العبادات، وممارسات فئة قليلة باقية، نعتقد أن الله استبقاها نموذجاً، وربما، مثالاً لسدنة العقيدة الصحيحة التي تحفظ للعرب هويتهم، وميزاناً يزن عليه أحفادهم أو من يأتي من أصلابهم سلوكهم، وفي ذلك أمل في أن يبعث الله في الأرض من يصلحها وفق ما يريد ويشاء .
لا خير يرجى من مواطن عربي يقع جغرافياً في مجتمعه بين السنادين والمطارق، فهو اليوم إما إرهابي تعد له المقاصل والمذابح والمشانق وإما معتدل نبذ الفتنة وأدار وجهه عنها، فَوضَعَ وفق المعايير الجديدة في دائرة الإقصاء، حيث الإقصاء أشبه بالنفي والإخراج من دائرة الحياة الكريمة - أو معتدلة الكرامة -، أما إذا ما رغب في رغد العيش فإنه لا سبيل له إلا السير في ركب المعتدلين من الصم البكم العمي الذين لا يفقهون، والذين يؤمرون فيأتمرون .
وفق هذا المعيار - المعتدل - فإن الانسان العربي فقد الأمل في الحصول على المواطنة الحقيقية في وطنه، ولهذا استمرأ النظام العربي عملية تأهيل أفراده لينتقلوا من دائرة الرعية إلى دائرة العبودية . وتلك دائرة لا يقرها العربي الأصيل سواء جاع أو شبع، ولهذا فإن اشتداد الأزمة يعني انفراجها، والأنظمة الساعية إلى استعباد شعوبها ستفاجأ في يوم من الأيام أنها غير قادرة على حكمها بالمطلق . وقد تعلمنا من التاريخ أن الافراط في توسيع دوائر الإقصاء والاستبعاد والإبعاد لا يخدم الأمن بقدر ما يضيع التنظيمات السرية المعادية للأوطان، ونعتقد أن في تاريخ العراق في القرنين السابق والحالي مثالاً ساطعاً .