أحدث الأخبار
  • 02:32 . حماس تعتزم الإفراج عن أسير أميركي ووقف مؤقت لإطلاق النار... المزيد
  • 08:47 . محمد بن زايد والشرع يبحثان تعزيز العلاقات والمستجدات الإقليمية... المزيد
  • 06:44 . كيف تخطط لرحلة الحج من الإمارات؟.. التصاريح والتطعيمات ومتطلبات السفر الرئيسية... المزيد
  • 06:32 . بوتين يعرض على أوكرانيا محادثات مباشرة في إسطنبول... المزيد
  • 12:39 . بعد قطع العلاقات.. الإمارات تعفي السودانيين من غرامات تصاريح الإقامة... المزيد
  • 12:37 . "محكمة أبوظبي" ترفض مطالبة شاب باسترداد 90 ألف درهم من زميلته لغياب الإثبات... المزيد
  • 12:12 . السعودية وإيران تبحثان تعزيز التعاون ومستجدات الملف النووي... المزيد
  • 11:54 . "صحة أبوظبي" تكشف عن شبكة تزوير إجازات مرضية عبر "واتساب"... المزيد
  • 11:52 . باكستان والهند تتبادلان الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار... المزيد
  • 11:50 . سوريا.. احتراق أكثر من 30 هكتاراً بريف اللاذقية خلال 4 أيام... المزيد
  • 10:48 . وزير الخارجية الإيراني: لن نتنازل عن حقوقنا النووية... المزيد
  • 10:16 . لواء إسرائيلي يزور أبوظبي لبحث ملف المساعدات في غزة... المزيد
  • 08:41 . الإمارات ترحب بوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان... المزيد
  • 06:25 . ترامب: باكستان والهند وافقتا على وقف "فوري" لإطلاق النار... المزيد
  • 02:25 . أردوغان يمنح "أم الإمارات" وسام الجمهورية التركية... المزيد
  • 01:00 . إطارات تالفة تخلف 37.9 ألف مخالفة و20 حادثاً مميتاً في الدولة خلال عام... المزيد

حين بكى كريس

الكـاتب : عبد الله السويجي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

كريس جانيس، المتحدث باسم وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا)، أجهش بالبكاء وهو يتحدث لإحدى الفضائيات عن مشاهداته للقصف والدمار الذي تعرضت له مدارس (الأونروا) في قطاع غزة من قبل الآلة العسكرية الصهيونية، ولم يتمالك نفسه وهو يتحدث عن الضحايا الأطفال الذين لجأوا إلى المدارس طالبين الأمن والأمان .
كريس جانيس ليس عربياً وليس مسلماً، لكنه فُجع باستهداف مدارس الأطفال، على الرغم من التنسيق بين (الأونروا) وبين عصابات الكيان الصهيوني، وإعلامهم أن من يوجد في المدارس أطفال ونساء وشيوخ، أي مدنيون لا يحملون السلاح، إلا أن الكيان الصهيوني كعادته، لا يؤمن جانبه ولا يلتزم بتعهداته، وانتظر حتى امتلأت المدارس بالمدنيين ليقصفها مباشرة، ليستشهد من يستشهد، ويجرح من يجرح، ثأراً لجنوده الذين قُتلوا في مواجهات عسكرية مع المقاومين الفلسطينيين، معبّراً للمرة الألف عن حقده وجنونه وعدم مراعاته لقواعد حقوق الإنسان أو الاتفاقات الدولية التي تحمي المدنيين في أوقات الحروب .
لم يقتصر عدوان العصابات الصهيونية على قصف المدارس وقتل الأطفال، وإنما شمل فرق الدفاع المدني، وسيارات الإسعاف، والأطقم الطبية، والمستشفيات، والصحفيين والمصورين ومقار الوسائل الإعلامية، ما يدل على أن تلك العصابات تنفذ حرب إبادة معلنة، يغطيها صمت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي عوضت للكيان ما خسره من ذخائر خلال 25 يوماً من القصف والعدوان، أما بقية الدول العظمى، التي لها الحق في استخدام الفيتو في مجلس الأمن، بما فيها روسيا والصين، فلم تحرك ساكناً، بل أكد معظمها أن (إسرائيل) لها الحق في الدفاع عن نفسها .
لقد بكى كريس، وأعتقد أنه لم يبك فقط لما شاهده من مجازر بحق الأطفال الصغار والنساء والمدنيين العزل، وإنما بكى ربما لما سيشاهده العالم في الأيام القادمة، بغض النظر عن وقف إطلاق النار أو عدم وقفه، فما تقوم به العصابات الصهيونية ينذر بشر مستطير، والدلائل واضحة، ويكفي أن نعلم أنها تسعى إلى تدمير كل الوسائل الإعلامية في قطاع غزة، وقتل الصحفيين والمصورين والمراسلين - وقت استشهد منهم كثيرون حتى الآن - وتدمير مراكز البث الأرضي والفضائي، وقطع وسائل الاتصال عن غزة بما فيها (الإنترنت)، يكفي أن نعلم أنها تخطط لعزل القطاع عن العالم، للبدء في عملية إبادة جماعية، وإذا ما علمنا أن العصابات الصهيونية، تعتمد أسلوب القضم التدريجي، عن طريق تفريغ أطراف القطاع من سكانه، فإنها لا تدع مجالاً للشك، في أنها تبيّت النية لمخطط دنيء للغاية، يهدف إلى جرف القطاع جرفاً، كل ذلك، لتتمكن من اكتشاف الأنفاق التي أذهلتها وهزمتها، وأن تتخلص من المقاومة الفلسطينية، وتترك قطاع غزة أثراً بعد عين، ينبعث منه الدخان فقط، فلا يتحرك فيه كائن بشري أو حيواني، ولا تنبت فيه شجرة .
لقد بكى الناطق باسم وكالة (الأونروا)، لأنه ربما رأى ما لم نر، وتوقع ما لم يتوقعه أحد، فمن يصرخ صراخه وينحب نحيبه كأب فقد كل أطفاله وأفراد عائلته، شاهد ما لم يحدث بعد، وشم رائحة الخطط الصهيونية العفنة، التي يصف واضعوها كل من يحمل بندقية ويقاتلها بالإرهابي، ويروجون ل(دولة إسرائيل) المستهدفة من قبل الإرهاب، الدولة (الحضارية) التي تعيش وسط أنظمة دكتاتورية وتنظيمات متوحشة تريد رميها في البحر، ولهذا تسعى إلى رمي الآخرين في الجحيم (دفاعاً عن النفس)، وبما أن الأطفال هم وقود المقاومة، وهم المستقبل الوطني للشعب الفلسطيني، تركّز العصابات الصهيونية عليهم، فتقتلهم في المهد، قبل أن يصبحوا مقاومين ومقاتلين .
لقد بكى المراسلان الصحفيان لنا شاهين ووائل الدحدوح قبل كريس، وهما مراسلان فلسطينيان من قطاع غزة، تغلب الشجن الفلسطيني والألم الإنساني عليهما في الوقت الذي يطالَب فيه المراسل أن يكون رابط الجأش ملتزماً بالموضوعية والحيادية، ولكن المشاعر الإنسانية أقوى من أي حيادية أو افتعال الموضوعية، فوحدت الفجيعة بين دموع (لنا ووائل وكريس)، وكانت أبلغ من أي وصف يصفه مراسل، وأبلغ من أي لغة قد تُستخدم في وصف المجازر والإبادة الجماعية .
الغريب في الأمر أن الإعلام الغربي يجتمع حول مندوب الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة، ويستمع إليه وهو يتفوّه بالترهات والأكاذيب، ولا يخجل وهو يطلق مهزلته الكبيرة، من أن صواريخ المقاومة هي التي تسقط على مستشفيات ومدارس غزة، ويحمل صورة مركبة يعرضها أمام الصحفيين، وتنطلي الكذبة على أحد الصحفيين ويسأله: (هل قدمت هذه الصورة إلى مجلس الأمن؟) . والتصريح ذاته أطلقه المتحدث باسم الخارجية الصهيونية، في إطار سياسة إعلامية واضحة، تقول إن صواريخ المقاومة (البدائية) لا تصل إلى القرى والمدن الصهيونية، وإنما تنفجر في المستشفيات والمدارس، وستجد هذه الأكاذيب من يصدقها في الإعلام الغربي المحكوم من قبل اللوبيات الصهيونية، وفي المقابل، نجد العديد من القنوات الفضائية التلفزيونية العربية تغرد خارج السرب، وتواصل عرض المسلسلات والأغاني وبرامج الكاميرا الخفية وتنقل الحفلات على الهواء مباشرة، بل إن بعضها وقف موقفاً مخجلاً وهو يؤيد الكيان الصهيوني في حرق قطاع غزة (للتخلص من الإرهابيين)، وكأن البديل الصهيوني ملاك ومسالم وقلبه أبيض، وكأنه لا يضمر الشر لكل شبر من أرض الوطن العربي، ولكل إنسان شريف من الشعوب العربية .
بكى كريس وأبكى، ولا شك أن دموعه ستؤثر بأبناء جنسه وديانته أكثر من دموع وائل الدحدوح ولنا شاهين، ليس لأن دموع (لنا ووائل) ليست صادقة، بل لأنها دموع فلسطينية، لن يقف العالم عندها كثيراً، لأنها تسيل منذ أكثر من 65 عاماً دون أن يشعر بحرارتها أحد، وباتت مشهداً أليفاً لا يستحق التعاطف ولا التفكير .
دموع كريس قد تضع الأمم المتحدة بكل منظماتها أمام مسؤولية كبيرة، وستحاول أن تستعيد الوقوف على ساقيها المهترئتين المخدرتين، وتقول للعصابات الصهيونية: (كفى)، وفعلاً أصدرت قراراً للمرة الثانية يدعو الكيان الصهيوني لوقف العدوان، ولكن العدوان لا يزال مستمراً، وهو ليس بجديد على عصابات تربّت على الدم العربي، وعلى رفض كل القرارات الأممية، لأنها تسند ظهرها إلى مربيتها الولايات المتحدة الأمريكية،
التي يتخذها العرب والفلسطينيون أيضاً، وسيط سلام، ياااااا سلام!